استيقظ محمد على سماع صوت البائع المتجول الذي كان يبيع الخضار، نظر إلى الساعة المعلقة على الحائط فوجدها تشير إلى العاشرة صباحاً، كان الوقت متأخراً جداً لكن محمد لم ينم إلا في حدود الساعة الرابعة فجراً، بسبب قضاء وقته في اللعب مع أشخاص لا يعرفهم عبر الهاتف وكانت لعبة (ببجي PUBG) أو ما تسمى بساحات معارك اللاعبين المجهولين، وهي لعبة جماعية على أجهزة الهواتف المتصلة بالانترنت.
حيث يحاول اللاعب فيها أن يحافظ على حياته داخل اللعبة حتى النهاية.
وكان محمد يقضي جل وقته في هذه اللعبة، وينسى أن يحافظ على حياته الواقعية، حتى أصبح محمد مهملاً في واجباته المدرسية، واعتاد أن ينام متأخراً ويستيقظ متأخراً، عصبي المزاج دائما ولا يخرج من البيت.
أخذ محمد هاتفه بمجرد أن فتح عينيه وتدثر في فراشه وراح يتصفحه بملل.
نادته أمه من المطبخ: تعال يا محمد الفطور جاهز.
لم يجب محمد نداء أمه حتى أنها ظنت بأنه رجع لينام.
ولكنها تأكدت أن محمداً سمعها.
فقالت له: ما بك يا ولدي لماذا لا تجيب!
تأوه محمد: أووه أمي دعيني الآن.
نظرت الأم في عيني محمد فوجدتهما حمراوتان.
سألت الأم متى نمت ليلة أمس؟
أجاب محمد: عند أذان الفجر.
فقالت الأم غير راضية: وهل صليت يا محمد.
قال الأبن وقد ترك هاتفه جانباً: نسيت أن أصلي.
فعلى صوت الأم: لقد دمرت حياتك بهذا الهاتف، ألا تنظر إلى ما أنت فيه، والآن صرت تنسى حتى فرائضك بعد أن كنت أول الحاضرين في المساجد؟!
أخذت الأم تلملم الفراش بينما نهض محمد ليغسل وجهه.
****
الفصل الثاني
دخلت المعلمة الصف وبعد أن ألقت التحية وتأكدت من حضور الطلاب بدأت بشرح الدرس قال تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ لِبَاسࣰا وَٱلنَّوۡمَ سُبَاتࣰا وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُورࣰا }
قالت المعلمة ومعنى ذلك إن الله سبحانه وتعالى خلق الليل للراحة وخلق النهار للعمل والانتشار فقد جعل الله نظام هذا الكون مناسبا لتكوين جسم الإنسان، تخيلوا معي يا طلابي الأعزاء لو كانت أيام كلها ليل لما استطاع الناس أن يعملوا أو يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي، حتى تتعطل المدراس والمستشفيات والدوائر والمعامل وتصبح الزراعة وحركة الشوارع صعبة جدا فتتعطل الحياة بالكامل.
استأذن زيد بالتحدث إلى معلمته فقال: معلمتي إن صديقنا محمد في المقعد الأخير يعاني من حالة ارهاق.
تقدمت المعلمة نحو محمد وتفحصته جيداً سألته قائلة:
- ما بك يا عزيزي؟
- لم أنم ليلة أمس.
- لماذا هل تعاني من ألم ما؟
بقي محمد صامتا بعدها عرفت المعلمة من صديقه زيد أن محمدا يقضي وقته في اللعب.
فبعثت بطلب ولي أمره، تفاجأ الأب حين شاهد درجات ابنه الضعيفة جداً، وأدرك حينها إن محمد كان يكذب عليه كي لا يزجره.
*
الفصل الثالث
رن جرس المنبه الساعة السادسة صباحاً، فاستيقظ محمد وهو يتذكر ذلك الدرس الذي لن ينساه، رتب فراشه وصلى الفجر فحمد الله وشكره، ثم تناول افطاره، وذهب بنشاط إلى مدرسته.
كان محمد قد تغير لأنه أدرك الخطأ الذي ارتكبه في السابق بعدها شرح له والده عواقب ذلك، فقطع له عهدا بأن لا يقتل وقته، فالوقت أثمن شيء في الوجود، (ومن احترم وقته عرف نفسه).
سألت المعلمة: لماذا خلق الله الليل والنهار بهذا الاختلاف؟
أجاب محمد بعدما استأذن المعلمة: لأن الإنسان لا يستطيع العيش بنهار أبدي ولا بليل أبدي، فلو كانت حياتنا كلها نهار لتعبت اجسامنا وانهكت عقولنا وذهبت قوتنا.
ولو كانت أيامنا كلها ليل لتعطلت الحياة وانتهت. قال تعالى
{ لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِیۤ أَحۡسَنِ تَقۡوِیمࣲ }
صفق التلاميذ وشجعت المعلمة محمد وهي تحثه أن يكون صادقا مع نفسه، ولا يضيع وقته أبداً، وأن يستخدم الهاتف استخداماً صحيحاً.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat