الولاية والتوحيد حقيقة واحدة / شهادة السيد على القاضي
د . تقى محمود السعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . تقى محمود السعدي

على طريقة المألوف في تقديم علماء المرجعية المباركة نكتب نبذة مختصرة عن حياة العالم العارف السيد علي القاضي، وبعدها قراءة مخصصة لفرادة هذا العالم التقي.
هو السيّد علي بن الميرزا حسين بن أحمد القاضي الطباطبائي.
قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات عن أبيه: (عالم كامل، وورع تقي… كان من أفاضل أُسرته الأعلام، ورجالها المعاريف)
بدأ بدراسة العلوم الدينية في مسقط رأسه تبريز، ثمّ سافر إلى النجف واستقرّ بها مشغولاً بالتدريس.
من أساتذته الفاضل الشربياني، الشيخ محمد حسن المامقاني، شيخ الشريعة الأصفهاني، الآخوند الخراساني، الميرزا حسين الخليلي، السيّد محمّد كاظم اليزدي، السيّد أحمد الكربلائي، والده الميرزا حسين، الميرزا موسى التبريزي، السيّد محمّد علي القره داغي.
ومن تلامذته السيد الخميني، السيّد أبو القاسم الخوئي، السيّد حسين المسقطي.
الإخوان العلّامة الطباطبائي والسيّد محمّد حسن الطباطبائي، الشيخ محمّد تقي البهجت وعلماء آخرين، نال في السابعة والعشرين من عمره درجة الاجتهاد.
قال العلامة الطباطبائي: إنّ طريقة السيد القاضي العرفانية هي نفس طريقة الملا حسين قلي الهمداني، والسيد علي الششتري، اللذان يرجع عرفانهم إلى العارف (جولا) وهو شخصٌ غير معروف. (الحسیني الطهراني، رسالة لب اللباب، ص 146-149.)
وقيل: إنه كان على طريقة أبيه السيد حسين القاضي، وقيل: إنه كان ملازماً للسيد مرتضى الكشميري، فاتبع نفس طريقته، لكن المعروف أنه تتلمذ على يد طلبة الملا حسين قلي الهمداني.
عارضه بعض العلماء، وجوبِه بعدم احترام بعض الناس له، كما وهُدد بالقتل أيضاً. والسبب الرئيسي هو لاهتمامه في ابن عربي ومولوي، مما أدى إلى صعود هذه الاعتراضات وإدخال تهمة الصوفية إلى القاضي.
لقد كان السيد هاشم الحداد يقول: كان للمرحوم السيد القاضي اهتمام كبير بمحيي الدين بن عربي وكتابه (الفتوحات المكّيّة)، وكان يقول: إنّ محيي الدين من الكاملين، وهناك في فتوحاته شواهد وأدلّة جمّة على كونه من الشيعة.
كما كان يعدّ الملا الرومي أيضاً رفيع المرتبة، ويستشهد بأشعاره ويعتبره من الشيعة المخلصين، وكان القاضي يقول: من المحال أن يصل المرء إلى مرحلة الكمال، فلا تصبح حقيقة الولاية مشهوده لديه. وكان يقول: إنّ الوصول إلى التوحيد ينحصر بالولاية؛
الولاية والتوحيد حقيقة واحدة. وعليه فإنّ العظماء المعروفين من عرفاء أهل السنة إما أنهم كانوا يعملون بالتقية ويخفون تشيعهم، أو أنهم لم يصلوا إلى الكمال.
ومن بين العلماء المعارضين له، الميرزا مهدي أصفهاني، الذي كان يُعارض العديد من المذاهب الفلسفية والتصوف، فكان واحداً من المعارضين الرئيسيين للقاضي، حيث عارضه بشدة.
وكذلك السيد عبد الغفار المازندراني، وهو أحد علماء النجف، حيث قال السيد هاشم الحداد: إنّ السيد القاضي قال: لقد كان لي مع السيد عبد الغفار علاقة صداقة، لكنه شرع للمعارضة بكل قواه، وكنت دوماً أُسلّم عليه حيثما ألتقيه في الطريق، فصرت أخيراً أُسلّم عليه فلا يردّ عليّ السلام.
كان المرحوم القاضي يقول (لا تغفلوا عن التوسّل بالأئمة وبالأخص سيّد الشهداء عليه السلام؛ فإنّ مفتاح الطريق في هذا التوسّل، ولا فائدة من دونه) ومن توصياته المهمة قوله:(وإذا حفظت صلاتك فكل أمورك ستكون محفوظة).
وكان يوصي ـ تلامذته بزيارة أهل القبور، وأن يجلسوا بعد قراءة الفاتحة في زاويةٍ وأن يمضوا ساعةً من الوقت بالصمت والخلوة والتفكّر في المآل وفي عاقبة الأمر وفي الموت، وكان يقول:
(لهذا الأسلوب تأثيرٌ جيّدٌ في قطع التعلّقات، والتفات النفس إلى مبدأ الوجود)
لي أن أذكر بعض الومضات المهمة في حياة هذا العالم.
الومضة 1: ـ كان جهاز التسجيل حديثا في ذلك الوقت، وحينها اشترى أحد التجار ذلك الجهاز وطلب من أحد طلبة السيد أن يسجل الدرس، لكن عندما فهم السيد الأمر خاطب ذلك الطالب بكل أدب: أرجو منك أن تذهب إلى درس آخر.
الومضة 2: ـ كان درسه الصباحي يشهد حضور ما يقارب مائتي شخص. وحينما كان يتحدث كان الجميع يجهش بالبكاء. كانت محاضراته في الأخلاق
الومضة3: ـ كان السيد القاضي يشترط أن يكون تلامذته من المجتهدين، يسعى نحو اجتذاب الطلاب اللائقين للدرس والتبليغ.
**
الومضة 4: ـ كان الشيخ بهجت يبكي كلما تذكر القاضي ويقول: مع الأسف لا يوجد قلم يستطيع أن يدون ما كان عليه السيد من حالات معنوية. لقد كان للسيد كرامات ومقامات شامخة
***
الومضة 5: ـ نقل المحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي أنه سمع السيد الخوئي يقول: إن النجوم قد تناثرت عند وفاة السيد علي القاضي.
يقول السيد عبد العزيز: فقلت: إن النجوم لا تتناثر لموت أحد، فقال: إن هذا يقين عندي ولا يمكن أن أتنازل عنه لأني رايته بأم عيني.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat