صفحة الكاتب : لطيف القصاب

تعلم الثقافة الكردية في ثلاثة أيام فقط
لطيف القصاب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

زرتُ أربيل أربع مرات حتى الآن. كانت الرابعة قبل أيّام من هذا التاريخ. أمّا الأولى فقد كانت في الثمانينات برفقة أحد أصدقاء عمر الشباب، والثانية والثالثة كانتا بعد التحوّل السياسي في العراق عام 2003. 

لا أتذكر الآن من زيارتي الأولى لأربيل سوى "كباب ولبن أربيل" وشيئا من ملامح القلعة، ولعلّ ما أبقى على صورة منطقة القلعة حاضرةً في مخيلتي أنها لم تتغير أسوة بمناطق أربيل الأخرى التي قفز العمران فيها قفزة " فلكية" قياسا بما كانت عليه في ما مضى. وعلى الرغم من أنّي متيّم بالسفر منفردًا لإيماني بأن الإنسان "لن" يجني كلّ فوائد سفرته إذا اصطحب معه شخصًا آخر فقد ارتأيتُ أن يرافقني أحدهم هذه المرة لدواع نفسية، وهو الأمر الذي لم يحدث، وأظن أنّه كان في صالحي مئة بالمئة... 

سكنت في فندق بحيّ من أحياء أربيل "هولير" الراقية تزيّنه العمارات الشاهقة وتطوّقه رياحين الجوري والرازقي" الياسمين" من كل جهاته تقريبًا، لكنني اكتشفت سريعًا بأن غالبية الأحياء التي تُصنَّف بـ (الشعبية) لا تقلّ عن الحي الذي أقطنه بهاءً وأناقة...

 خدمتني الفرص والمواقف الكثيرة في التعرّف على أشخاص من فئات عمرية، وخلفيات فكرية مختلفة، ولا أعدو الحقيقة كثيرًا إذا قلتُ بأنّي أستطيع -على فرض بقاء خزين ذاكرة "الثلاثة أيّام" على حاله- أن أدبّج كتابًا كاملًا عن هذه الرحلة المدهشة!

أجمل لحظاتي كانت في معرض أربيل الدولي للكتاب. صحيح أنّه لا يضاهي معرض السليمانية من بعض الوجوه إلا أنّ المعرض كان في ذروته تألّقًا، وإبداعًا هذا العام ، ولأول مرة منذ أكثر من عشرين عامًا اشتريتُ ديوان شعر لشاعر عراقي شاب، أقول هذا لأني زهدتُ بهذا النوع من التأليف لأسباب يطول المقام بشرحها هنا، ولعلّ من الناس مَن يشاطرني فكرة العزوف هذه، وبالمناسبة ففي آخر زيارة لي إلى شارع المتنبي وقفتُ على نسخ من مجموعة شعرية حديثة تُباع الواحدة منها بـ (250) دينار أو بـ (ربع دينار) كما نقول في الدارجة العراقية...

ولأول مرّة ومنذ أكثر من عشرين عامًا وربما ثلاثين عامًا أقتني رواية؛ لأنّي أكتفي بما يُهديه لي بعض الأصدقاء الأدباء. 

والحقيقة أنّ ما حملني على شراء رواية من معرض أربيل هو أن الكاتب كردي وأحببتُ التعرّف على أبعاد الشخصية الكردية بتفصيل أوفى.

بلغ عدد الكتب التي اقتنيتها من المعرض خمسة كتب، وكنتُ أتمنى زيادة العدد لولا أن الأسعار لم تكن مشجعةً أبدًا ! 

لكنّني استطعت شراء -وبثمن زهيد جدًا - عشبة رائعة "ريواس" نافعةٌ حقًا لمن يعاني من مشاكل القولون...

في طريق العودة إلى بغداد قبل التوجه إلى كربلاء حظيتُ بصحبة جميلة للغاية.
 "حيدر" من البصرة مقيم في أربيل منذ أربعة شهور مرافقًا لوالدته الراقدة في أحد مشافي أربيل، وأحمد بغدادي ترجع أصوله إلى مدينة النهروان، والثالث " حسيب" كردي يجيد العربية والتركية أو التركمانية فضلا عن الكردية بطبيعة الحال. أمّا الرابع فهو سائق " الأوباما" الكردي الذي يحمد الله ويشكره؛ لأنّه تزوّج من عربية بدلا من كردية...

بدأت رحلة عودتنا الساعة الثانية عشرة ظهرا بتوقيت أربيل وانتهت في الرابعة والنصف عصرًا في مرآب النهضة. 

دارت أثناء رحلتنا مجموعة من الحوارات. كان "أصعبها" مهاجمة "حسيب" لمدينة ذات غالبية عربية مجاورة لأربيل فقد وصف "حسيب" أهل تلك المدينة بأقذع الأوصاف، وأردأ النعوت، وقد تولّيت أنا شخصيًا مهمة الدفاع المستميت عن ساكني المدينة التي تعرّض أبناؤها لهجوم غير متوقع من لدن "حسيب". ولقد كانت مسألة ردّ الهجوم صعبة للغاية بملاحظة أن قسمًا من عائلة حسيب ما يزالون يسكنون في تلك المدينة ولم يغادروها بعد إلى أربيل أو بقية مدن كردستان. ومع هذا الوضع اضطررتُ إلى أن أبالغ -إن لم أكذب- وأنا مسترسل بالدفاع حقًا وباطلًا عن أهل تلك المدينة. وما حملني إلى ذلك الأسلوب ليس الرغبة في المبالغة أو الكذب مطلقًا، ولكن هو محض النصرة لمواطنين عراقيين...

حتى هذه اللحظة لم أذكر ولا سلبية واحدة تخصّ إحدى مدن الإقليم، وما يتعلق بها من ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية. لكن هذا لا يعني انتفاء ذلك بالمرّة ، فما ذكره " حسيب" وأيّدَّه " مهند" ، وكلاهما كرديان " قُحان" يكفي لكتابة سطور قد تعادل ما ذكرته آنفا من حيث الكلمات لكنّها تخالفه أو تناقضه من جهة المعنى والدلالة! 

الكهرباء مثلا في مدن الإقليم لا تقلُّ سوءًا عن نظيراتها في الوسط والجنوب، ليس هذا فحسب فهناك الغلاء، والبطالة، والبطالة المقنعة. أكثر من ذلك هناك فقرٌ شديد جدًا جرّاء قلة الأعمال في مدن الإقليم، وقصباته، وقراه، وتعقيد العلاقة الإدارية والسياسية بين بغداد وأربيل. 

أضف إلى ذلك ما صرّح أو لمّح به رفاق الرحلة من وجود فساد مالي وإداري مستشر هناك، مع وجود "دكتاتورية" أو شيء من هذا القبيل تشابه في بعض مظاهرها ما كان يسود العراق أيّام صدّام...
وعلى المستوى القانوني الاجتماعي يعاني الكرد أو " الكورد" من نظام أسري غير مناسب للأكثرية السكّانية يتمثّل هذه المرّة بتسلّط " المرأة" على البيت، ومن ضمنه الرجل!

 ولو امتدّ الطريق بنا أكثر من ذلك لسمعت -ربما- من " كاكا مهند" تفضيله لقانون الأحوال الشخصية بنسخته الجعفرية -المقرّة في الوسط والجنوب حديثًا- نظرًا لأنّ زوجته عربية مسلمة! 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لطيف القصاب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/05/01



كتابة تعليق لموضوع : تعلم الثقافة الكردية في ثلاثة أيام فقط
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net