صفحة الكاتب : علي سالم

حماية الشهود في القضايا الجنائية: بين النص القانوني والتطبيق العملي
علي سالم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

حماية الشهود، تعد من أهم الضمانات لتحقيق العدالة الجنائية، إذ لا يمكن بناء قضية جنائية قوية دون شهادة شهود موثوق بهم قادرين على الإدلاء بشهادتهم بحرية وأمان؛ إلا أن الواقع العملي في العديد من الدول، ومنها العراق، يكشف عن فجوة واضحة بين ما هو منصوص عليه في النص القانوني وما هو مطبق فعليًا في الممارسة القضائية.

في القانون العراقي، لا ينص صراحةً على نظام شامل لحماية الشهود، بل ترد إشارات متفرقة إليه في قوانين مثل قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971، الذي يمنح القضاة سلطة اتخاذ تدابير معينة للحفاظ على سلامة الشهود، كعقد جلسات سرية أو الامتناع عن ذكر اسم الشاهد في بعض القضايا الحساسة، إلا أن هذه التدابير تبقى غير كافية ولا ترقى إلى مستوى الحماية الشاملة التي تضمن السلامة الجسدية والنفسية والاجتماعية للشهود، وتبرز أهمية حماية الشهود بشكل خاص في القضايا الجنائية الخطيرة، مثل الإرهاب والاتجار بالبشر والفساد والقتل العمد، كثيراً ما يتعرض الشهود للتهديد والترهيب، بل وحتى للاعتداء، مما يدفع بعضهم إلى التراجع عن شهادتهم أو الامتناع عنها تماماً، وهذا يُشكل خللاً جوهرياً في نظام العدالة، ويُضعف قدرة الدولة على مكافحة الجريمة، عملياً، يُؤدي غياب هيكل قانوني مؤسسي واضح لحماية الشهود - كتخصيص وحدات أمنية لهذا الغرض، وتوفير سكن آمن، أو تغيير الهوية في الحالات القصوى - إلى حصر الإجراءات القائمة في نطاق تقدير الأفراد، وهو ما لا يرقى إلى المستوى المطلوب، لذلك، دعت أصوات قانونية وحقوقية عديدة إلى سن قانون خاص لحماية الشهود والمخبرين والخبراء والضحايا، على غرار ما هو معمول به في بعض النظم القانونية المقارنة، والذي يتضمن آليات عملية للحماية قبل الإدلاء بالشهادة وأثناءها وبعدها.

ختاماً، تستدعي الفجوة بين النص القانوني والتطبيق العملي فيما يتعلق بحماية الشهود اتخاذ إجراءات تشريعية عاجلة، إلى جانب تدريب القضاء والشرطة والمدعين العامين على تنفيذ برامج حماية فعّالة تُوازن بين حقوق المتهمين وسلامة الشهود، مما يُعزز مصداقية نظام العدالة الجنائية في العراق


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/04/26


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • الجرائم التي يرتكبها الأحداث: بين العقاب والتدابير التصحيحية  (المقالات)

    • جرائم الامتناع عن الفعل في القانون الجنائي: إشكالات الإثبات وتحديد المسؤولية  (المقالات)

    • السياسة العقابية في الجرائم الاقتصادية: بين الردع العام وحماية الاستثمار  (المقالات)

    • تأثير الإعلام على المحاكمة العادلة: بين الحق في حرية التعبير وضمان نزاهة القضاء  (المقالات)

    • تأثير التحول الرقمي على الجريمة المنظمة: التحديات القانونية الواجب مواجهتها  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : حماية الشهود في القضايا الجنائية: بين النص القانوني والتطبيق العملي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net