صفحة الكاتب : زينب عباس عبد الحسين

 كالعادة ليلة خفارته في الطوارىء، مزدحمة...

لم يجد متسعًا من الوقت؛ للإتيان بأعمال الليلة العظيمة...
قلبه لم ينفك عن الحوقلة والاستغفار.
حمد الله كثيرًا؛ حين جاءه الفرج بدقائق قبيل الفجر...
كان الممر شبه فارغ والهدوء ولو نسبيًا قد حلّ الصالات.
أخذ مصحفه بيدٍ، ورفع جهازه الخلوي بالأخرى.
بالكاد عيناه تقاومان... تعبًا ونعاسًا
جفناه أكثر جوارحه الآن جهادًا.
بك يا الله.. بك يا الله....بكَ يا الله...
تلقف حروف الجر؛ فجرته وأوصلته بمن اتصلت...على أسطر النور!
بجلال الله تعالى يبدأ:
تسمّرت خطواته في الدعاء خجلًا
هو لا يرى عمله بمحضر الكريم لائقًا.
على مدار سنيّ حياته أجمع.
فكيف يحرك لسانه طلبًا، وبأيّ طلب يتقرب
يرجو القربى، والوسيلة
دقائقٌ...
يستنفر قواه الروحية بكل وجل، وخجل، وعجل.
الأخيرة على مضضٍ يتجرعها اذ كيف لمصير انسان، بمحضر جبار السموات...
ان يختزل بدقائق!
نداء من الممرض: دكتور عليّ بِسرعة، حالة طارئة؛ طفل تعرض لحادث!
كان عليّ حينها قد وصل أحرف التوسل ب العسكريين...
يضمّ المصحف وحروف الدعاء في بياض قلبه قبل جيب صدريته.
بدقائق معدودة.. استنفر كيانه لِإسعاف الطفل بمعية طبيبة خافرة وممرضَيْن.
والوضع لايزال حرجًا، لكنه تعدّى مرحلة الخطر.
وكذا حال قلبهِ؛ الذي يرقب ما ضمّه في الجيب، الأمر أهم عنده؛ مِن قوسي الواجب والمستحب.
الأمنيات والدعوات، سعادته وشقاءه؛ بين لحظاتٍ بحضور قلبٍ عند الرحيم الكريم في ليلة تقسيم الأقدار، والأرزاقِ.
والد الطفل يهمس لزوجتهِ: هو بخير...
صوتٌ يتسحّب من بوابة المدخل، صداه يجذب القلوب: (اِشرب الماء وعجّل...)
يذهب ويعود الطبيب اليهم؛ بقليل من التمر وعلبة بسكويت، وقارورة ماء.
الوضع جيد، اطمأنوا، لطف الله شمله!
هو بخير وإلى خير إن شاء الله تعالى
يضعه ويمضي، روحه تسبق بدنه؛ ويتخذ كرسيًا بمحاذاة باب الغرفة، يسلم على مواليهِ(صلوات الله عليهم) يتمم بشغفٍ من حيث توقف: "بالحسن بن علي"...(عَشرًا)، ويعتدل قائمًا يداه تُرفعان بحبٍ وحياء على الرأس يضع الأولى.
ونحو السماء يرفع الثانية: "بالحجة...بالحجة...بالحجة..!" عشراً..
تذرف عيناه دموع كل ما حضره ومالم يحضره.. من فيوضات ليلةٍ لم يأتي بعُشرِ أعمالها المباركة.
ختامها مسك! يبتهل، يدعو بالفرجِ لصاحب الليلة، لواسطة الفيض الإلهي (فدته الأرواح)!
يتمتم: السفر طويل والزاد قليل...!
يدعو... ويدعو للجميع..
والبركة تلامس دقائق أعمال الليلة...
تتقاطع فيما بينها انفاسهُ وانفاس الأذان..!
بين فرحة وطمأنينة افترشتا صدره...
وبين غصة تقصير لا تنفك عن ضميره...
يتوجه لتجديد طهره؛ وبين خطواته أعداد هائلة من الخيرات...
نظره يتوزع هنا وهناك، وكذا تفكيره!
الطبيبة بلهفة: دكتور، الطفل...الطفل ..!
خط النبض...صوت الجهاز؛ يعود مبشرًا بحياة القلبِ الصغير..!
"اللهم لكَ الحمد...! " يضج الجميع شكرًا...
يختنق عليّ بعبرته، شاكرًا فضل الله، وجميل لطفه: ربنا ولكَ الحمد! ربي بما أحييته.. أحيي قلبي يا أرحم الراحمين!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زينب عباس عبد الحسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/04/19



كتابة تعليق لموضوع : ختامها مسك
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net