الحوزة ومسالة التمويل
سامي جواد كاظم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سامي جواد كاظم

اطالع مجلة نصوص معاصر الصادرة في كانون الثاني 2011 ولفت انتباهي اول بحثين في بداية المجلة تتحدث عن تمويل الحوزة العلمية ولم تحدد مكانها المهم تتحدث عنها كمؤسسة ، البحث الاول كان للدكتور عبد الكريم سروش بعنوان (حرّية المؤسّسة الدينية..أزمة الارتزاق في حياة علماء الدين ) والبحث الاخر هو الرد على هذا البحث لما فيه من خلط في المفاهيم وتناقضات في الافكار وعنوان البحث( حق الارتزاق في المؤسّسة الدينية لماذا الكيل بمكيالين ؟ !) للباحث الشيخ محسن غرويان استاذ الدراسات العليا في الحوزة .
لا اعلم ماهي غاية الدكتور سروش في بحثه هذا ؟ انه بحث مفكك وقد اجاد الدكتور محسن غرويان في الرد عليه ولكني اتعجب من استخدام بعض العبارات الجافة مع مقارنات مغلوطة والاستشهاد باقوال ممن لاعلاقة له بالدين ، يقول كان شريعتي يدعو إلى إسلام بلا رجال دين، كما دعا مصدّق إلى اقتصاد بلا نفط، كيف يمكن ان يكون اسلام بلا رجال دين ؟ وما هذا التشبيه بين رجال الدين والنفط ؟ ويعود سروش ليقول هنالك فرق بين رجال الدين وعلماء الدين ، واتهم رجال الدين بالارتزاق بالدين ، وخص منهم الخطباء ، وهو المتحدث عن تمويل المؤسسات الشيعية الذي هو ذاتي لذا لا يخضع لسلطة الحكومة كما هو حال المؤسسة الدينية عند السنة .
من يدفع الحقوق الشرعية للحوزة الدينية ليس بعنوان تمويلها لتمنحها رواتب لرجال الدين بل هي حقوق واجبة على المقلد ان يسددها فبعضهم لا يسددها وبعضهم هو يقوم بصرفها حسب من يقلده ، وبالنتيجة ليس طلاب العلوم الدينية يلتحقون بالحوزات من اجل الرواتب .
هنالك من يستغل زيه الديني للارتزاق كما قال سرويش وهذا لايتحمل وزره الحوزة العلمية ، وتطرق سروش ان رجال الدين يكونون خاضعين لمصدر تمويلهم بحيث انهم لا يقولون الا ما يرضيهم ، وذكر حديث للسيد البروجردي يشكو من مضايقات التجار الذين يدفعون الحقوق .
ويستشهد سروش بشعر حافظ الشيرازي والرومي وكان شعرهم مصدر تشريع او حكم يجب الالتزام به ، ويرى سروش ان طوائف ثلاثا تكاتفت لاداء دور واحد كل حسب طريقته هؤلاء الثلاثة يشكلون مثلث وهم السلطة والثورة ـ يقصد الثروة ـ والتزوير وشبهها بالسيف والذهب والمسبحة ، اي التزوير جعله رجل دين . وهذا كلام نابع عن ما يجول في خاطره عن الدين .
نعم اجاد الدكتور غرويان بالرد على سروش وقد ادانه من فمه مثلا عندما يتهم رجال الدين بالارتزاق على الدين يقول ان سروش هو نفسه يرتزق على الدين فرواتبه التي يتقاضاها عن محاضراته عن الدين والفلسفة .
وهو نفسه في مقالاته في القبض والبسط يرى ان الدين حاله حال بقية المعارف ولا يستحق القداسة ، بينما في مقاله عن الارتزاق يظهر وهو يتباكى على الدين ويدافع عنه ويقول بضرورة الحفاظ على الدين والوحي وتاخذه الغيرة على ذلك ، فمن يعتمد نظرية معينة عن الدين يجب ان يلتزم بها لا ان يتلون .
وهو اي سروش وشريعتي يتهمون رجال الدين بانهم عملاء للناس الذين يدفعون لهم ، فمن هو الافضل العمالة للناس ام العمالة للغرب والاجانب ؟ ان صح ما يقولانه
ويعود سروش ليتشهد بما طرحه مطهري بخصوص ضبط الاموال ومتابعة من يرتزق على الدين ، ولا اعلم لماذا يتهمون من ياخذ اجره مقابل خطابه ، ولا يتهمون اساتذة الجامعات الاهلية الذين ياخذون اجورهم من طلابهم ، وها هي تمنح شهاداتها بدون معايير بل من يدفع يمنح شهادة هذا في كثير من الجامعات الاهلية .
الحوزة في النجف مرت بظروف لا تملك الدينار واستمرت بالعطاء دون ان تغلق ابوابها ، اقصد ابوابها ليس ابواب مؤسسة عملاقة بل يتوقف تدفق الطلبة الى جامع الهندي لحضور الدروس . وهنا لابد الاشارة الى ان الطالب له مطلق الحرية في الحضور عند من يرى حاجته العلمية عنده .
وحتى مصطلح حوزة او مؤسسة ديني هي من ابتكارات من كتب عن النجف في العصور المتاخرة والا كتب التاريخ تتحدث عن حفاظ القران والحديث وجلسات النقاش بل حتى ان المفيد لايعلم ان في الكاظمية حوزة او هو زعيم حوزة .
هذه الاطروحات عن الحوزة وخطاب التنويرين ماذا هو رايهم اليوم بما يجري على ارض الاسلام من اعتداءات علمانية ارهابية ؟ ولا اعلم هل قراوا كتب التاريخ عن ان اغلب ان لم تكن كل الثورات تنطلق من المؤسسات الدينية ورجال الدين .
باختصار التلاعب بالالفاظ حتى يتلاعبون بعقول السذج .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat