الازدواجية "السنية" في العراق: العيد انموذجا!!
سعد جاسم الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سعد جاسم الكعبي

لا يكاد يمر يوما إلا يعيش العراق أزمة ويثار جدلا واسعا في قضية ما، وهذا نتاج طبيعي بفضل التعددية الدينية والسياسية
التي يشهدها العراق ، ولكن أحيانا تظهر الازدواجية في المواقف والتصورات بهذه الأزمات بل تصل لحد التناقضات .
في هذا السطور، سنستعرض انموذجاً على هذه الازدواجية بأزمة العيد الاخيرة، وهو موقف السنة في العراق من تحديد موعد العيد.
في السنوات الأخيرة، كانت الخلافات بين السنة والشيعة في العراق حول تحديد موعد العيد، بينما اليوم بين السنة انفسهم. السنة اتباع السعودية بالعراق يعتبرون أن العيد يجب أن يكون يوم الأحد، بينما السنة الآخرين المعتدلين اعتبروا أن العيد يجب أن يكون يوم الاثنين.
الغريب في الأمر هو أن السنة في العراق يتهمون الشيعة باتباع إيران، بينما هم أنفسهم يتبعون السعودية والفكر الوهابي. هذا يظهر أن هناك نوعًا من الازدواجية في التصورات والانتقادات.
ديوان الوقف السني في العراق، الذي يعتبر المؤسسة الرسمية التي تدير الشؤون الدينية السنية في العراق، كان قد أعلن أن العيد سيكون يوم الاثنين. ولكن، جماعة الإفتاء في الاعظمية وهيئة علماء الضاري المنبوذة محليا وغيرها من المؤسسات الدينية المدعومة من الخارج ، فضلا عن بعض السياسيين سنة اعترضوا على هذا القرار، واعتبروا أن العيد يجب أن يكون يوم الأحد.
هذه الجماعات والهيئات السنية كانت.. َتَُحرّض من قبل بعض الجهات الخارجية، مثل السعودية، التي تريد أن تفرض تأثيرها الديني والسياسي على العراق. كما أن هناك بعض السياسيين السنة في العراق الذين يريدون أن يستفيدوا من هذه الخلافات لتحقيق مصالحهم السياسية.
وبالرغم من أن الوهابية كمذهب تعتبر أن المذهب الحنفي في العراق هو مذهب منحرف عن الإسلام الصحيح، وتعتبر أن الحنفية يتبعون فكرًا مخالفًا للفكر الإسلامي الصحيح.
هذه النظرة من الوهابية للمذهب الحنفي أدى إلى العديد من التوترات والصراعات احيانا بين الوهابية والحنفية في العراق، وادى إلى نفور واضح والى المشاكل والصعوبات في التعامل مع المذهب الوهابي في العراق .
الغريب في الأمر هو أن السنة في العراق يتهمون الشيعة باتباع إيران، بينما هم أنفسهم يتبعون السعودية والفكر الوهابي الذي من نتاجاتها القاعدة وداعش وهيئة النصرة وهيئة تحرير الشام وأمثالها من الجماعات التكفيرية الإرهابية .
أثبتت الايام ان شيعة العراق دينياً لا يتبعون إيران، ولكن هناك بعض السياسيين العراقيين الذين يتبعون إيران. وهذا يظهر أن هناك فرقًا كبيرًا بين المذهب الديني والانتماء السياسي عند الشيعة .
فالشيعة لديهم مؤسسة دينية تتبع مرجعا واحدا كبيرا هو السيد علي السيستاني في النجف الاشرف، وهذا أمر تفتقد له المؤسسات السنية رغم وجود الأزهر في مصر، لكن الوهابية في السعودية تحاول الهيمنة بفضل الأفكار التكفيرية الإرهابية .
فيما يتعلق بموقف كردستان من هذه الأزمة، يبدو أن كردستان تحاول البقاء على الحياد في هذه الخلافات، حيث أن كردستان لديها علاقات جيدة مع كل من إيران والسعودية، وتحاول أن تحافظ على هذه العلاقات.
هذه الخلافات تظهر أن هناك الازدواجية في المواقف والتصورات، حيث يتهم السنة الشيعة باتباع إيران، بينما هم أنفسهم يتبعون السعودية والفكر الوهابي.
في النهاية، نجد أن الازدواجية السنة في العراق هي ظاهرة معقدة، تتطلب مزيدًا من الحوار والتفاهم بين الجهات السنية الدينية والسياسية في العراق التي هي أقرب لاتباع الأزهر المعتدل في مصر منها للفكر الوهابي التكفيري، وكذلك بين للعراقيين الجهات الخارجية التي تحرض على هذه الخلافات .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat