القمع والإرهاب هُما سياسة الطغاة، بهدف منع الشعوب من التعبير عن حرياتهم، والتاريخ يشهد ما سجله بنو أمية من جرائم وانتهاكات وسجون وتجريد حقوق وأعمال عنف، حين وصل ابن زياد قصر الإمارة جمع الناس إلى الصلاة، وخطب فيهم، ومجرم مثل ابن زياد ماذا يملك سوى التهديد والوعيد والتخويف والترهيب وزرع تعاليمه الإرهابية بعقول الناس ليخافوه، من أجل تصفية من يوالي الحسين عليه السلام.
وجاء في تاريخ الطبري أن ابن زياد مارس مجموعة من الأساليب الإرهابية ضد شيوخ العشائر والقادة ووجهاء الكوفة، مثل القتل والفتك بهم وبعوائلهم وقطع الأرزاق والنفي إلى موضع يسمى الزارة، والزارة مغارة تقع في منطقة البحر الميت تبعد حوالي 70 كيلو عن عمان (الكرك) في الأردن، والتأريخ يروي أن ابن زياد قبل أن يستقر ويزيل تراب السفر العالق على ملابسه ذبح مجموعة من أهل الكوفة وأخاف الباقين حتى ظفر بمسلم بن عقيل عن طريق الحيلة فقتله.
الدين الإسلامي الحنيف دين سماوي إلهي رباني، نبذ العنف والإرهاب وأمر بالرفق والإحسان حتى في الحرب، لكن هذا قبل أن يطرأ التحريف والتبديل.
الطغاة لا يملكون دينا، و القضية المؤلمة أن شعب الكوفة تخاذل وتراجع وترك مسلم للشهادة، هذه الأحداث لا تشغل الحصيف عن المعنى الأساسي، إن الواجب الديني كان يحتم على الإمام الحسين عليه السلام الخروج على حكم يزيد بن معاوية لكونه ظالم جائر مارس الطغيان ونشر الفساد والانحراف في الأمة، والأمه إلى اليوم تقر أن الخلفاء السياسيين عكروا صفاء المنهجية، رفعوا شعار الدين ليقاتل الدين، وزرعوا الإرهاب الذي لا يمكن لإمام الحسين عليه السلام أن يستجيب لهم أو أن تنطلي عليه شعاراتهم المزيفة، والحسين عليه السلام صاحب رسالة.
روى عن الإمام الباقر عليه السلام لما أراد الحسين سلام الله عليه الخروج إلى العراق بعثت إليه أم سلمة رضوان الله عليها، وهي التي كانت ربته وكان أحب الناس إليها وكانت أرق الناس عليه، وتربة كربلاء عندها في قارورة دفعها إليها رسول الله صلى الله عليه آله وسلم، فقالت يا بني أ تريد أن تخرج؟
اخبرته بنبوءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مجال للتردد عند الإمام الحسين سلام الله عليه، النهاية معروفة بالشهادة والهدف بقاء الدين، لا نريد أن ننقل الروايات كما هي، لكننا في هذا المقام نريد أن نقف عند الدلالات المهمة لأسباب النهوض الحسيني، أحدى الاتجاهات المهمة ترى أن هدف الحسين عليه السلام الشهادة، لأن للشهادة مقاما ملكوتيا قدسيا كما عبرت عنه بعض الروايات، قال الحسين عليه السلام، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي آن لك درجة في الجنة لن تنالها إلا بالشهادة، وأنا الشهادة هدفي، يقول بعض علماء الشيعة أنه يريد شهادة أسطورية، يعني شهادة فوق الزمن وفوق المكان بحيث يصبح الحسين رمزا للثائرين في كل الأمم، منارا للمواجهين للظلم على مدى الزمان، هو من أسباب الثورة الرئيسية، الدفاع عن الإسلام وقيمه وأخلاقه،
أعلن الإمام الحسين عليه السلام أن الحكم الأموي أمات السنة وأحيا البدعة ولا مجال إلا للثورة، التغيير الاجتماعي يتطلب ثورة القرآن، القراءات كثيرا ما تغير مسارات الفهم للثورة.
لخصوا الثورة بالاستجابة لطلب الكوفة، قد يكون التحليل منطقيا لكنه إذا تجاوز الاستجابة سيصل الناتج أن الكوفة ثارت وخذل الحسين عليه السلام، وحاشاه بمعنى أن الهدف كان الاستجابة
إن قرأنا الأحداث نجد أولا أن الحسين عليه السلام يعرف أهل الكوفة ونجده صرح أن أصل الحركة أن يزيد رجل فاسق قاتل فاتك، أصل الحركة (مثلي لا يبايع مثله) والحسين يعلم مقتله (والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي)، وقال الحسين عليه السلام (لو كنت في حجر هامة من هذه الهوام يستخرجوني حتى يقضوا حاجتهم)، (والله ليعتدن علي كما اعتدى اليهود في السبت)، النهضة الحسينية واضحة المعالم لا نحتاج في تفسيرها إلى تضاربات الراي، الحسين عليه السلام يقول لمسلم بن عقيل رضوان الله عليه حين خروجه إلى الكوفة، وسيقضي الله من أمره كما يحب ويرضى، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء.
سعى الحسين ليحفظ منصب الإمامة من الذلة، ولتحرير إرادة الأمة لذلك بعد مقتله مات ضمير الأمة، الحسين سلام الله عليه ثار من أجل إصلاح الأمة، رفض بيعة يزيد، وأن تفرض البيعة على الحسين بهذا الشكل القسري أما البيعة أو القتل، هو بداية الواقعة التي ذبحوا بها الحسين وأهل بيته سلام الله عليهم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat