السهل الممتنع :ـ حكم تقييمي يراد به التعبير على أن المنجز راوح بين البساطة والعمق المعنوي ،وبمعنى آخر أن المنجز لا يحمل أي تعقيدات فكرية
وكتاب الإنفاق للأستاذ ( كامل حسين الجنابي) استطاع أن يرسخ حضوره الفكري في زمن كل شيء فيه يفضي إلى السرعة والتسطيح، وتعقيدات ساعية لخلق نخبوية منعزلة عن وجدان الحضور العام ، وهذا التأرجح بين التسطح والتعقيد أبتعد عنه الباحث في جميع منجزاته السابقة مثل كتابه الأخلاق الإسلامية بنظرة سلوكية ، وكتاب الدعاء وأثره على المسلم وكتاب التقوى تحقق السعادة في الدنيا والآخرة وكتاب صلة الرحم وأثرها على الفرد والمجتمع ، وكتاب البكاء وأثره على الإنسان والعديد من الدراسات التربوية والنفسية، يرى أن حياة الإنسان العملية المعاصرة تعتمد على الإنفاق بمختلف مجالات الحياة اليومية.
الإسلام وضع ضوابط وشروط الإنفاق ليؤدي إلى منفعة الإنسان وسعادته . البحث عن مصطلح الإنفاق ضمن وجود الهوية الدينية بمفهومها القرآني، إذ ورد في القران الكريم 73 مرة وعلى هيئة فعل الأمر تسع مرات وهذا الجرد الاحصائي يعبر عن رؤية تكشف أبعاد المصطلح والبحث القرآني بمختلف حالاته الإيجابية في الحياة
والإسلام قرر مبدأ الإنفاق في سبيل الله من حقيقة( إن المال مال الله سبحانه) والإنسان مستخلف به،
الخطاب هو خطاب العقل الإنساني لقراءة معنى الإنفاق واوجه هذا الإنفاق منه إيجابي في سبيل الله كالصدقة، و صلة الرحم، وكفالة الأيتام وبناء المساجد والفقراء والمساكين ومؤسسات البر والإغاثة بأنواعها يشترط الإخلاص والحلال والاعتدال والوجه الثاني الإنفاق السلبي المذموم هو الاسراف والتبذير والبخل والشح والتقتير في الإنفاق، وكأن الباحث يريد أن يتعمق بالأثر خشية اهماله في المعطى الكلي للثقافة وخاصة المستورد منها فذكر الألفاظ التي لها صلة الإنفاق الزكاة التصدق الإقراض الايفاء الاعطاء وتبرز أهمية البحث حول تقصي آداب وضوابط وشروط هذا الإنفاق ، أن يكون الإنفاق من ماله الحر وليس من ملكية غيره وأن يكون على الرغبة وطواعية لا عن إجبار وإكراه ،لو أردنا مثال أن الاستقطاعات التي تستقطعها الحكومة العراقية من رواتب الموظفين والمتقاعدين وباي عنوان يكون هي ليست من باب الانفاق بشيء ، وهناك مثال حقيقي أقرب للحكمة بما فعلته العتبات المقدسة عندما فتحت باب التبرع الطوعي وتحديد قيمة الاستقطاع التطوعي( التبرع) لميزانية المعركة مع (داعش )،ومن شروط الإنفاق أن لا يتبع بالمن والعذاب وأن يكون مما تيسر وأفضله ما كان سرًا،ومن ضمن أهداف البحث هو تقدم الإنفاق بجميع المفاهيم. بما أن الإنفاق أمر رباني فلابد من وجود منافع في الدنيا من آثار حميدة مثل التهذيب ، حسن التكامل الإجتماعي ،سعة الرزق، أما في أمور الآخرة ينفع الإنفاق للحصول على محبة الله سبحانه وتعالى ومغفرة الذنوب والجنة،
هذه المفاهيم تقوي العلاقات الإجتماعية وتشيع التراحم ،انفاق الصدقات يدعم الروابط الأسرية.
تشعبت معطيات الكتاب وتنوعت مواضيعه لتصب في المضامين السلوكية مثلًا دراسة الكرم ومعرفه التضاد، بخل في المال وفي الحياة وفي النفس وفي العلم والسلام ومن ضمن الأمور التشويقية المعرفية ،الفارق بين البخل وبين الشح ،فالبخيل هو الإنسان الكريم على نفسه بخيلًا على غيره ، أما الشح فهو البخيل على نفسه وغيره.
استوقفني البحث كثيرًا بما يحمل من ثراء معرفي في كل ما ينتمي إلى الإنفاق من لفظ ومضمون وفي التطابق والتقابل في المصطلح مثلا الإسراف يعني التبذير ولا علاقة له بالإنفاق واستشهد بمجموعة أحاديث مروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت سلام الله عليهم.. هذا الكتاب اعجبني.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat