شذرات عن ميثم التمار رضوان الله عليه
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

عن كتاب أمير المؤمنين عليه السلام للمؤلف محمد ريشهري: ميثَمٌ التَّمّارُ: هو ميثم بن يحيى التمّار الأسدي أبو سالم، جليل من أصحاب أمير المؤمنين، والحسن، والحسين عليهم السلام. كان عبدا لامرأة فاشتراه عليّ عليه السلام وأعتقه، نال منزلةً رفيعةً من العلم بفضل باب العلم النّبوي حتى وُصف بأنّه اُوتي علم المنايا والبلايا. كان الإمام عليه السلام قدأخبره بكيفيّة استشهاده وما يلاقيه في سبيل اللّه. وقد نطق ميثم بهذه الحقيقة العظيمة الواعِظة أمام قاتله الجلّاد الجائر، وأكّد حتميّة تحقّق تلك النّبوءة الإعجازيّة بصلابةٍ تامّةٍ. إنّ رسوخه على طريق الحقّ، وثباته في الدفاع عن الولاية، ومنطقه البليغ في تجلية الحقائق. كلّ ذلك قد استبان مرارا في كلمات الأئمّة عليهم السلام وذكرته أقلام العلماء ممّا سنقف عليه لاحقا. قتله عبيد اللّه بن زياد قبل استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بأيّام.
جاء في کتاب: مقتل الحسين عليه السلام للسيد عبد الرزاق المقرّم: يجب أن ننبه له وهو أن ابن عباس لم يكن بالمنزلة العالية ليكون محلاً لتقي العلوم الغريبة كحبيب بن مظاهر ورشيد الهجري وعمر وبن الحمق وحجر بن عدي وكميل بن زياد وميثم التمار، فانهم كانوا على جانب كبير من التبصر في الامور ووصلوا الى حق اليقين، فلم يعبأوا بكل ما يجري عليهم من الفوادح والتنكيل لذلك لم يعدموا من امير المؤمنين عليه السلام الحبوة بايقافهم على الحوادث والملاحم وما تملكه الجبابرة والعلوم الغريبة نلمس ذلك من المحاورة الدائرة بين حبيب بن مظاهر وميثم التمار من اخبار كل منهما الآخر بما يجري عليه من القتل ونصرة أهل البيت عليهم السلام، فكذبهما من لم يفقه الأسرار الالهية من بني اسد ولما جاء رشيد الهجري يسأل عنهما قيل له افترقا وكان من امرهما كذا وكذا فقال رحم الله ميثما لقد نسي انه يزداد في عطاء الذي يأتي برأس حبيب مئة درهم ثم ادبر فقال القوم هذا والله اكذبهم، ولم تذهب الأيام حتى وقع كل ذلك! صلب ميثم بالقرب من دار عمرو بن حريث وقتل حبيب مع الحسين عليه السلام وقطع ابن زياد يدي رشيد الهجري ورجليه ولسانه كما أخبره أمير المؤمنين عليه السلام (راجع رجال الكشتئـ ص 51 وما بعدها طبع الهند). وعلى هذا فابن عباس وغيره أقل رتبة من هؤلاء الافذاذ ومن شهداء الطف، مهما نعترف له بالموالاة الصادقة لأمير المؤمنين وولده الاطهار. فان حديثه مع ميثم التمار يرشدنا الى عدم بلوغه تلكم المنازل العالية التي حواها ميثم وأمثاله. ففي رجال الكشي ص ٥٤أن ابن عباس اجتمع مع ميثم بالمدنية، فقال ميثم سل يا ابن عباس ما شئت من تفسير القرآن فلقد قرأت تنزيله على امير المؤمنين عليه السلام فعلمني تأويله، فاخذ ابن عباس القرطاس ليكتب فقال له ميثم كيف بك لو رأيتني مصلوباً على خشبة تاسع تسعة أقربهم من المطهرة فتعجب ابن عباس من هذا العبد الاسدود المخبر عن الغيب، فرمى القرطاس وقال انك تكهن عليّ، فقال ميثم يا ابن عباس احتفظ بما سمعت مني فان يكن حقاً امسكته وان يكن باطلاً خرقته فكتب ابن عباس عن ميثم ما وعاه عن أمير المؤمنين من تفسير القرآن.
عدّ الشيخ المفيد قدس سره الشهيد ميثم التمار رضوان الله عليه من الأركان التابعين. كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة. كان رضي الله عنه من خطباء الشيعة بالكوفة ومتكلّميها، ومن المتبحّرين في علم التفسير لقوله لابن عباس: (سلني ما شئت من تفسير القرآن، فإنّي قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه السلام، وعلّمني تأويله. في تفسير القمي عن صالح بن ميثم التمار رحمه الله: وجدت في كتاب ميثم رضي الله عنه يقول: تمسينا ليلة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال لنا: ليس من عبد امتحن الله قلبه بالإيمان إلا أصبح يجد مودتنا على قلبه، ولا أصبح عبد ممن سخط الله عليه إلا يجد بغضنا على قلبه، فأصبحنا نفرح بحب المؤمن لنا، ونعرف بغض المبغض لنا، وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم، وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، فكأن ذلك الشفا قد أنهار به في نار جهنم، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لأصحاب الرحمة، فهنيئا لأصحاب الرحمة رحمتهم، وتعسا لأهل النار مثواهم. إن عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله الله في قلبه، ولن يحبنا من يحب مبغضنا، إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد و"مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" (الأحزاب 4) يحب بهذا قوما ويحب بالآخر عدوهم، والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لا غش فيه. نحن النجباء وأفراطنا أفراط الأنبياء، وأنا وصي الأوصياء، وأنا حزب الله ورسوله، والفئة الباغية حزب الشيطان، فمن أحب أن يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه، فإن وجد فيه حب من ألب علينا فليعلم أن الله عدوه وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين.
جاء في کتاب معجم رجال الحديث للسيد أبوالقاسم الخوئي: روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: أتى ميثم التمار دار أمير المؤمنين عليه السلام، فقيل له: إنه نائم، فنادى بأعلى صوته انتبه أيها النائم فو الله لتخضبن لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أدخلوا ميثما، فقال له: أيها النائم و الله لتخضبن لحيتك من رأسك، فقال: صدقت، و أنت و الله لتقطعن يداك و رجلاك و لسانك و ليقطعن من النخلة التي بالكناسة فتشق أربع قطع، فتصلب أنت على ربعها، و حجر بن عدي على ربعها، و محمد بن أكثم على ربعها، و خالد بن مسعود على ربعها، قال ميثم: فشككت في نفسي و قلت: إن عليا عليه السلام ليخبرنا بالغيب، فقلت له: أ و كائن ذلك يا أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال: إي و رب الكعبة كذا عهده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فقلت: و من يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين ع؟ فقال: ليأخذنك العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد، قال: و كان يخرج إلى الجبانة، و أنا معه، فيمر بالنخلة فيقول لي: يا ميثم إن لك و لها شأنا من الشأن، قال: فلما ولي عبيد الله بن زياد الكوفة، و دخلها تعلق علمه بالنخلة التي بالكناسة، فتخرق فتطير من ذلك فأمر بقطعها، فاشتراها رجل من النجارين فشقها أربع قطع، قال ميثم: فقلت لصالح ابني فخذ مسمارا من حديد فانقش عليه اسمي و اسم أبي، و دقه في بعض تلك الأجذاع، قال: فلما مضى بعد ذلك أيام، أتى قوم من أهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الأمير، نشكو إليه عامل السوق و نسأله أن يعزله عنا و يولي علينا غيره، و قال: و كنت خطيب القوم فنصت لي، و أعجبه منطقي، فقال له عمرو بن حريث: أصلح الله الأمير تعرف هذا المتكلم؟ قال: و من هو؟ قال: هذا ميثم التمار الكذاب مولى الكذاب علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: فاستوى جالسا فقال لي: ما يقول؟ فقلت: كذب أصلح الله الأمير، بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام حقا، فقال لي: لتبرأن من علي عليه السلام، و لتذكرن مساويه و تتولى عثمان، و تذكر محاسنه، أو لأقطعن يديك و رجليك، و لأصلبنك، فبكيت، فقال لي: بكيت من القول دون الفعل؟ فقلت: و الله ما بكيت من القول و لا من الفعل، و لكني بكيت من شك كان دخلني يوم خبرني سيدي و مولاي، فقال لي: و ما قال لك (مولاك)؟ قال: فقلت: أتيت الباب فقيل لي إنه نائم، فناديت انتبه أيها النائم فو الله لتخضبن لحيتك من رأسك، فقال: صدقت، و أنت و الله لتقطعن يداك و رجلاك و لسانك و لتصلبن، فقلت: و من يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: يأخذك العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد، قال فامتلأ غيظا ثم قال لي: و الله لأقطعن يديك و رجليك و لأدعن لسانك حتى أكذبك، و أكذب مولاك، فأمر به فقطعت يداه و رجلاه، ثم أخرج و أمر به أن يصلب، فنادى بأعلى صوته: أيها الناس، من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي بن أبي طالب ع؟ قال: فاجتمع الناس و أقبل يحدثهم بالعجائب، قال: و خرج عمرو بن حريث و هو يريد منزله، فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: ميثم التمار يحدث الناس عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: فانصرف مسرعا فقال: أصلح الله الأمير، بادر و ابعث إلى هذا من يقطع لسانه، فإني لست آمن أن تتغير قلوب أهل الكوفة فيخرجوا عليك، قال: فالتفت إلى حرسي فوق رأسه، فقال: اذهب فاقطع لسانه، قال: فأتاه الحرسي فقال له: يا ميثم، قال: ما تشاء؟ قال: أخرج لسانك فقد أمرني الأمير بقطعه، قال ميثم: أ لا زعم ابن الأمة الفاجرة أنه يكذبني، و يكذب مولاي، هاك لساني قال: فقطع لسانه فتشحط ساعة في دمه، ثم مات، و أمر به فصلب، قال صالح: فمضيت بعد ذلك بأيام فإذا هو صلب على الربع الذي كنت دققت فيه المسمار.
و عن کتاب انجاب الثقات في فحول الرواة للمؤلف علی نقی الشریف: ميثم التمّار: وأمّا ميثم: فهو ابن يحيى. وفي (صه) أنّه: مشكور. وفي (الكش): روى عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: أتى ميثم التمّار دار أميرالمؤمنين عليه السلام فقيل: إنّه نائم، فنادى بأعلى صوته: أيّها النائم، واللّه لتخضبنّ لحيتك (من رأسك)، فانتبه أميرالمؤمنين فقال: أدخلوا ميثماً، فقال له: لتخضبنّ لحيتك من رأسك، فقال: صدقت وأنت واللّه لتقطعنّ يداك ورجلاك ولسانك، ولتقطعنّ من النخلة التي بالكناسة، وتشقّ أربع قطع، فتصلب أنت على ربعها، وحجر بن عدي على ربعها، /126/ ومحمّد بن أكثم على ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها. قال ميثم: فشككت في نفسي أنّ عليّاً يخبرنا بالغيب فقلت له: أو كائن ذلك يا أميرالمؤمنين؟ فقال: إي وربّ الكعبة كذا عهد إليَّ النبيّ. فقلت: من يفعل بي ذلك يا أميرالمؤمنين؟ فقال: ليأخذنّك العتلّ الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيداللّه بن زياد. قال: وكان يخرج إلى الجبانه وأنا معه، فيمرّ بالنّخلة فيقول: يا ميثم، إنّ لك ولها شأناً من الشأن. فلمّا وُلّي عبيداللّه بن زياد الكوفة ودخلها، تعلّق عمامته بالنّخلة التي بالكناسة فتخرق فتطيّر من ذلك فأمر بقطعها، فاشتراها رجل من النجّارين فشقّها أربع قطع. قال ميثم: فقلت لصالح ابني: فخذ مسماراً من حديد، فانقش عليه اسمي واسم أبي ودقّه بعض تلك الأجذاع. فلمّا مضى بعد ذلك أيّام أتاني قوم من أهل السوق، فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الأمير، نشكو إليه عامل السوق ونسأله أن يعزله عنّا ويولّي علينا غيره. قال: وكنت خطيب القوم، فنصت لي /127/ وأعجبه منطقي. فقال له عمرو بن حريث: أصلح اللّه الأمير تعرف هذا المتكلّم؟ فقال: من هو؟ قال: هذا ميثم التمّار الكذّاب مولى الكذّاب علي بن أبي طالب قال: فاستوى جالساً، فقال لي: ما تقول؟ قلت: أصلح اللّه الأمير بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين حقّاً. فقال لي: لتبرأنّ من علي ولتذكرنّ مساويه وتتولّى عثمان وتذكرنّ محاسنه أو لأقطعنّ يديك ورجليك ولاُصلبنّك، فبكيت، فقال لي: بكيت من القول دون الفعل؟ فقلت: واللّه ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكن بكيت من شكّ دخلني يوم أخبر لي سيّدي ومولاي. فقال لي: وما قال لك؟ قال: فقلت: أتيت الباب فقيل: إنّه نائم، فناديت: فانتبه أيّها النائم فو اللّه لتخضبنّ لحيتك (من رأسك)، فقال: صدقت وأنت واللّه لتقطعنّ يداك ورجلاك ولسانك و لتصلبنّ، فقلت: ومن يفعل بي ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: يأخذك العتلّ الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيداللّه بن زياد. /128/ قال: فامتلأ غيظاً، ثمّ قال: واللّه لأقطعنّ يديك ورجليك ولأدعنّ لسانك حتّى اُكذّبك و اُكذّب مولاك فأمر به فقُطع يداه ورجلاه، ثمّ اُخرج فأمر به أن يصلب، فنادى بأعلى صوته: أيّها الناس، من أراد أن يسمع الحديث المكنون من علي بن أبي طالب. قال: فاجتمع الناس وأقبل يحدّثهم بالعجائب. قال: وخرج عمرو بن حريث، وهو يريد منزله، فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: ميثم التمّار يحدّث الناس من علي بن أبي طالب. قال: فانصرف مسرعاً فقال: أصلح اللّه الأمير بادر فابعث إلى هذا من يقطع لسانه، فإنّي لست آمن أن يغيّر قلوب أهل الكوفة، فيخرجوا عليك. قال: فالتفت إلى حرسيٍّ فوق رأسه، فقال: اذهب فاقطع لسانه. قال: فأتاه الحرسي فقال: يا ميثم. قال: ما تشاء؟ قال: اُخرج لسانك، قد أمر الأمير بقطعه. قال ميثم: ألا زعم ابن الأمة الفاجرة أنّه يكذّبني و يكذّب مولاي؟ هاك لساني قال: فقطع لسانه فتشحّط ساعة في دمه، ثمّ مات فأمر به /129/ فصلب. قال صالح: مضيت بعد ذلك بأيّام فإذا هو قد صلب على الربع الذي كنت قد دققت فيه المسمار. انتهى. وفي الوجيزة: إنّه من أعاظم الشهداء. وروي أنّ أبا جعفر كان يحبّه حبّاً شديداً، وأنّه كان مؤمناً شاكراً في الرخاء صابراً في البلاء.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat