صفحة الكاتب : زيد شحاثة

كيف نؤدب الأحزاب؟
زيد شحاثة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا زلنا بعيدين عن فهم دور الأحزاب في إدارة الحكم والدولة، لأننا أصلا وببساطة لم نفهم بعد ولو بشكل مقبول، لعبة الحكم والسياسة والديمقراطية وما تلازمها من علمية إنتخابية.. إلا قلة منا لديهم فهم ومعرفة بأصول تلك العملية، وقلة أخرى لديها ثقافة حول أهمية العملية الانتخابية.

الانتخابات بكل أنواعها محلية كانت أو وطنية، هو الطريق الأيسر والأسلم والأقل كلفة، لتغيير واقع حال مجتمع أو دولة ما.. وإلا فبديلها الإنقلابات والفوضى، بكل ما يجلبانه من دمار وخسائر، ربما عايش وشاهد كثير منها نماذج منها، ولا سبيل ثالث بينهما.. فما هو دور الأحزاب السياسية في كل العملية السياسية! من مهام الأحزاب الأساسية، أن تتولى مطالب المجتمع، وتعمل لسن قوانين ووضع أليات، تلزم الحكومة التي أنتخبت «سواء شكلتها تلك الأحزاب نفسها أو غيرها» لتنفيذ تلك المطالب.. فغالبا ما لا تعرف الجماهير ما تريده، أو أنها تريد مطلبا ولا تعرف التعبير عنه، أو تطلب أمورا خاطئة ولا تعرف الصواب، بحكم إنخفاض المستوى الثقافي، أو العفوية والفوضى والعاطفية في تحديد الحاجات، كما لو طالبت بالتعيين الحكومي بدل توفير فرص عمل!

حملات «شيطنة» العمل السياسي، ومحاولات تسويقه وكأنه «رجس من عمل الشيطان» وأن كل من يمارسه فاسد منحرف بل «وخارج عن الملة» نجحت في تصعيب تغيير أي طبقة سياسية.. وهي محاولات كانت تبدوا لمن يتابع جيدا، منظمة بشكل موجه نحو المجتمع، في محاولة لتسقيط كل من يحاول أن يدخل العمل السياسي، وقبل أن يفكر بذلك، وربما لمنع أي منافسين جدد، يمكن أن يصححوا ويعدلوا ما أنحرف في تلك الطبقة.

من جانب أخر يجب أن نفهم أنه ليس مهما جدا أن نحب السياسي، بل الأهم أن يكون عمله صحيحا، ولديه مشروع لبناء دولة، تحقق للمجتمع متطلباته بحياة حرة كريمة، وتحمي المجتمع من أي هجمات تحاول العبث بقيمه وأخلاقياته وقيمه الصحيحة، ولديه خطط واضحة لمستقبله.. فكيف يمكن أن نجد مثل هكذا سياسي «يملك مشروعا»؟ وهل هناك مثل هكذا جهة؟! لنكون واقعيين يجب ألا نضع معايير «مثالية» وغير متطابقة مع حال مجتمعنا، وما خلفه فيه حكم نظام الطاغية صدام وبعثه المنحرف، من أمراض وأثار مؤذية ولا يسهل معالجتها، ولا يعني هذا بأي حال أن نقبل بحال ونموذج سيء وفاشل.. لكننا يمكن أن نختار أفضل الموجود مقارنة بغيره، من خلال قراءة المواقف وعقلانيتها، وتقديمها لمصلحة الوطن قبل الحزب، ومرات الفشل والنجاح في التجارب، وندفعه للتقدم والتصحيح.. وبعد ذلك، فماذا لو تبين أن خيارنا هذا لم يكن موفقا؟! تعديل الخيارات وتصحيحها بعد تجربة، هو الطريق الأمثل لنجاح الحكم الديمقراطي، وهو سلطة قوية بيد المواطن على السياسي والمسؤول، والمشاركة في الإنتخابات بقوة وكثافة، تجعلها عملية «مرعبة» لهما، وسيكون في حالة خوف دائم من المواطن طالبا لرضاه.

بينما لو أطمان بل وعمل «لتنفير» المواطن من العملية الانتخابية، من خلال خدع وأكذوبات كعدم تأثيرها، وتمييعها من خلال تأجليها وتغيير مواعيدها أكثر من مرة، فلن يخاف من المواطن وصوته، ولن يهتم لخدمته بمقدار خدمة حزبه أو مصالحه، فلديه جمهوره «القافل» وسيصوت له.. يجب أن نفهم أن فشل خيارتنا الإنتخابية لا تعني مطلقا، أن عملية الإنتخابات نفسها غير مهمة، وتصحيح إختياراتنا الانتخابية عملية «تأديب» لمن خدعنا أو فشل، وتحذير وتنبيه مسبق لمن سنختاره تاليا، وتقويم مستمر لمجمل العملية.. فالإنتخابات سلاحنا الوحيد قبالة من ننتخبهم، وليس من الذكاء التخلي عن سلاح نملكه في معركة وجودنا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيد شحاثة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/10/05



كتابة تعليق لموضوع : كيف نؤدب الأحزاب؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net