صفحة الكاتب : صادق غانم الاسدي

 عدوي تحصنت منه بالعدل
صادق غانم الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قرأت اليوم كتاب جميل فتذكرت بعض ماكنت اقرأه في الكتب القديمة عن الاحداث والمواقف في التاريخ الاسلامي بغض النظر عن الهفوات والتدليس لكن هنالك صفحات خالدة يستوجب الوقف عندها وشدني الانتباه ان اذكر تلك الكلمات والمحاورة الرائعة الذي احتفظت بها مكاتب العلم والتاريخ لصدقها وقوة كلماتها المؤثرة في الفكر البشري وهي بمثابة منطلق لاقامة الحق والعدل في الارض وانذار للذين يؤلون بأنفسهم ان الحياة جميلة ويتغافلون عن معنى انصاف المظلوم وأحقاق الحق وقضاء حوائج جميع الناس ,ولايختلف الامر ان الامام الحسن عليه السلام ترك يوما الطواف في اقدس بقعة من الارض وهي الكعبة للسير مع انسان تنخى بها لقضاء حاجته وقال ان قضاء حوائج الناس والمحتاجين خيرا من الطوائف وكررها على مسامع من كان موجود اكثر من سبعين مرة , والقرآن الكريم شاهد ومبلغ للحاكم والجاهل بالاحكام ان يحكم ويساير العباد بمقتضى متطلباتهم الشرعية , ومن الغريب في بلدي ان بعض الموظفين من المدنيين والعسكرين يتركون واجباتهم وقضاء حوائج الناس ضمن مسؤولياتهم المكلفين بها ويتقاضون عليها اجرا, رغم المرجعية الرشيدة تنادي وتنبه عن ذلك لاتقصروا في حوائج الناس اقضوا معاملات الناس والاحاديث كثيرة ,تجد اغلبهم يترك ذلك للذهاب للزيارة او خدمة في موكب ديني ضانا ان هذا يضاعف له الاجر ويعتبر ذلك بنظره اقدس من عمله الذي تركه لانه يقربه من الله زلفة ويستجيب له الامام لانه مكلف بخدمته , والحديث يطول والشواهد كثيرة ونحن ليس قضاة وحكام على رقاب الناس من نقدر له ومن نثني عليه ونعطيه الاجر انما نذكر من خلال ما اطلعنا عليه وماسمعناه من اصحاب العقول النيرة , وما يهمني من ذلك هو المحاورة التي جرت عن كسرى الملك العادل , في احد الايام وفي خوض غمار تبادل الرسائل بين الملوك أن ملك الروم أرسل رسولا الى كسرى ملك الفرس , ولما وصل اليه الرسول ليلا لم يجد عنده بوابا ولا حاجبا ولا حماية ولم تظهر عليه مواكب الزينة والترف والامن والتفتيش وجهاز السونار وقطع الطرق والاستنظار لساعات لرؤية الملك وكان دخوله مباشرة , فقال له : لقد أقدرت عليك عدوك بفتحك الباب ورفعك الحجاب ,فقال كسرى : إني جلست هذا المجلس لقضاء الحاجات ورفع الظلامات , فإذا جاء مظلوم , أو ذو حاجة مستعجلة فمتى يصل إليّ , ومتى اقضي حاجته , أذا منعته عنيّ !! اما عدوي فقد تحصنت منه بالعدل ,العدل هو اساس الملك , فاذا ساد العدل وتساوت حقوق الناس واخذ للمظلوم حقه والانصاف كاملة وفعلا ما قام به كسرى من اصلاحات في المجتمع الفارسي في الحياة الاقتصادية والجيش كانت ملموسة وقد جاء في كتاب بحار الانوار الجزء 15 قال الرسول (ولدت في زمن الملك العادل أنوشيروان( اذا صح الحديث او لم يصح فالرويات تقول ان كسرى وحاتم الطائي يدخلون النار لعدم دخولهم الاسلام ولكن لايعذبون بها لعدل كسرى وكرم حاتم الطائي ونقول الله اعلم, وبذلك العدل المنتشر سيشعر المجتمع انه في آمان ويتخلى الناس عن الثار والسرقة والانتقام , لم يكن كسرى نبياً دينيا ً وصاحب رسالة إلهية تفرض عليه الزهد والتواضع والبساطة في العيش والمظهر , بل كان ملكا زمانيا يدخل تحت تاجه معظم بلاد الشرق , ومع ذلك لم يكن لديه حاجب , وكان لغيره من الحكام حجاب كثيرون وأمن لا يستطيعون دفع المظلومين ولا سماع من لديه حاجة فأقبر الحق والعدل بذلك فتعقدت احوال البلاد وكثر بذلك ممارسات السرقة والقتل ,, فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52 النمل )


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صادق غانم الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/08/27



كتابة تعليق لموضوع :  عدوي تحصنت منه بالعدل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net