صفحة الكاتب : محمد صخي العتابي

الطفل اليتيم في عيد الأضحى : قصة قصيرة
محمد صخي العتابي
عمره سبع سنوات يعيش في دار أيتام بأحدى المحافظات. فقد والديه في حادث سير مروع . كان يحمل ذكرياتهما الحية في قلبه وروحه، ويتمنى لو كانوا موجودين بجانبه في كل لحظة من حياته.
كانت أيام عيد الأضحى تقترب، والأطفال في الدار يتلقون هدايا صغيرة ويستمتعون بأجواء العيد. ومع ذلك، كان قلب حسن يعاني وحزين، لأنه يشعر بالوحدة والحنين لعائلته المفقودة. تذكر عيد الأضحى كان يجلب إليه ذكريات المرح والابتهاج الذي يشاركه مع والديه.
في صباح العيد، استيقظ حسن مبكرًا وشعر بالغربة والحنين. غابت الابتسامة عن وجهه، ولم يكن هناك أحد يعانقه ويتمنى له عيدًا سعيدًا. كانت الأصوات البهجة والضحكات التي تعلو في الدار تذكره بمدى اختلاف حياته.
بينما كان يجلس في غرفته الصغيرة، شعر برغبة قوية في زيارة قبر والديه. تذكر تفاصيل وجوههم وضحكاتهم جعله يشعر بالدفء العاطفي. خرج من غرفته وتوجه إلى المقبرة،
عندما وصل إلى القبر، وجد نفسه يتحدث إلى والديه كما لو كانوا حاضرين. قال لهم عن كل الأمور التي حدثت في حياته منذ رحيلهما، عن أحلامه وتطلعاته، وعن الصعوبات التي واجهها
في تلك اللحظة، بدأ حسن يشعر براحة نفسية. وكأن والديه يستمعون إليه ويرشدونه من العالم الآخر. أعطوه القوة والعزيمة لمواجهة التحديات التي يواجهها يوميًا.
بعد أن أنهى حديثه مع والديه، قرأ لهما بعض الأدعية. ثم انحنى وقبَّل قبرهما، وعبَّر عن حبه العميق وشوقه لهما. كانت الدموع تنساب على وجنتيه، لكنه في الوقت نفسه كان يشعر بالقوة الداخلية والرغبة في أن يكون فخورًا بنفسه ويحقق أحلام والديه.
رغم أن حسن ما زال يشتاق لوالديه ويحن إلى حضنهما، إلا أنه بدأ يدرك أنه ليس وحده في هذه الحياة. اكتشف أنه محاط بأشخاص يهتمون به ويرغبون في رؤيته سعيدًا. تعلم أن العائلة ليست فقط رابطة الدم، بل هي أيضًا المحبة والرعاية التي تشاركها مع الأشخاص المقربين.
مع مرور السنوات، نمت شخصية حسن واكتسب خبرات جديدة في الحياة. أصبح لديه أحلام وأهداف يسعى لتحقيقها، وتعلم كيفية تحقيق الاستقلال والاعتماد على نفسه. درس بجدية في المدرسة واستفاد من الفرص التعليمية المتاحة له.
عندما بلغ حسن سن الثامنة عشر، قرر أن يصبح شخصًا مستقلاً ويخرج من دار الأيتام. تمكن من الحصول على وظيفة جيدة والعثور على سكن مناسب له. أدرك أنه بوسعه بناء حياة جديدة تستند إلى قوته وإرادته الصلبة.
مع مرور الوقت، استمر حسن في بناء مستقبله وتحقيق أحلام والديه. قام بتطوير مهاراته وتعمق في دراسته واستثمر في نفسه. أصبح محاميًا ناجحًا وبدأ في مساعدة الأطفال الأيتام الآخرين في تحقيق طموحاتهم وتجاوز تحدياتهم.
عندما يذكر حسن والديه في عيد الأضحى، يفكر في رحلته الصعبة وكيف استطاع تخطي الألم والوحدة. يشعر بالامتنان للحب والدعم الذي حظي به من الأشخاص الذين يعتبرهم أسرته الجديدة. تعلم أن الحياة لا تتوقف عند الألم والفقدان، بل يمكن أن تستمر في تقديم فرص جديدة وأشخاص يعطونا الدعم والمحبة.
وفي كل عيد الأضحى، يتذكر حسن والديه ويرسل لهم الصلاة والتحية. يقف أمام قبرهما ويحدثهما عن تقدمه وإنجازاته، وكيف استطاع تحقيق أحلامه بفضل القوة التي منحوها إياه.
ويقوم حسن بزيارة دار الأيتام حيث نشأ فيها. يقدم للأطفال اليتامى الهدايا والضحكات والأمل. يسعى جاهدًا لتوفير الدعم العاطفي والمادي لهم، ويشارك معهم قصة حياته ويعطيهم الثقة بأنهم ليسوا وحدهم.
قصة حسن لا تزال تتحدث عن قوة العزيمة والإرادة في مواجهة الصعاب، وعن قدرة الإنسان على بناء عائلة جديدة من الأشخاص الذين يحبهم ويهتمون بهم. تدعو قصته إلى التفاؤل والمثابرة، وتذكرنا بأهمية مشاركة الحب والرحمة مع الآخرين وتقديم الدعم في الأوقات الصعبة.
في نهاية المطاف، قد تكون الحياة مليئة بالتحديات والمحن، لكن من خلال الإرادة والتفاؤل، يمكننا تحويل الحزن إلى قوة واليأس إلى أمل. وتظل قصة حسن، الطفل اليتيم في عيد الأضحى، شاهدًا على ذلك التحول وعلى قوة الروح الإنسانية في التغلب على الصعاب وبناء حياة جديدة مليئة بالمعنى والسعادة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد صخي العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/06/29



كتابة تعليق لموضوع : الطفل اليتيم في عيد الأضحى : قصة قصيرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net