صفحة الكاتب : ضمياء العوادي

(بانتظار العريس
ضمياء العوادي

 فرشاتك التي اعتادتْ أن تتلقى منك ماهية الألوان وتمازجها، حيثُ تعانقُ أفكارَك لتتعاونَ معك في لوحةٍ مُخرِجُها أنت بذراتِ تفاصيلها، في لحظةٍ ما تتمردُ عليك لترسمَ واقعا بعيدا عن وهمِك، وتقررُ أن تضفي عليك لمسات ألوانِها بنكهة القدر..!
تقفُ بزاويةِ أمنياتها تراقبُ الحلمَ تقوده الأعوامُ إلى التكامل، تنتظره بشوقها المعتاد بعد أن تلقي نظرة مُركّزة على عينه الناعسة، تضغط على الفرشاة بأسنانها فرحاً، ثم تلتفت بنشوة تجاه لوحاتها لترسم تلك النظرة، لوحتُها حَوَتْ فقط جفنيه ولمستها الأخيرة، لا أعلم لماذا لم تحدد ما تبقى من ملامحه..!
بعد أعوام من ترعرع حبه داخلها، ها هي تقترب من انتهاء رسمه، ابتعدتْ قليلاً، اتسعتْ حدقتها فرحاً بالرجل أمامها، نظرتْ لعجلة الوقت أمامها _الرابع عشر من شعبان_ أغمضتْ عينها هامسةً: أربعة وعشرون عاماً. 
اعتلى صوت الصلاة على محمد وآل محمد كأنه أسْمَعَ الأكوان، تبعته الهتافات، إنه يوم عجيب توجهتْ الى نافذتها من جديد تطل على جيش من الشباب الذي خرج يتبادل الأحاديث والأهازيج وكأنهم يتوجهون الى حفل زفاف، تتبعتْ خطاهم بنظرها قرأت عليهم فاتحة الفخر.
ظلت تتابع أخباره رغم انشغالها باللوحات التي تزداد يوماً بعد يوم، وكأن الفرشاة تهاجمها شغفاً، فتستجيب لها منقادة، فمن لحظة مغادرته البصرة علمتْ أنّ محله سامراء ثم كانت محطته التالية سنجار، حيث سطر هناك أروع البطولات التي يشهد بها كلّ من كان معه، وفي عودته يقصُّ ما حدث الى الحضن الذي اعتاد النوم فيه، حيث تفاخر به أمام نساء المنطقة، فتسمع وتسجل تلك القابعة في الأعلى حتى سَمِعَتْ خبراً جعلها على شفا بؤسٍ من القلق غير أنها كانت متأكدة من أنه لها، خبرٌ تصرح به كل أم عندما يزهر الشباب على محيا ضناها، لكنه كان يرفض مصرحاً بأن زواجه يكون بحضرة الحسين، عندما يُحمل مغطى بالعلم العراقي. 
انتقل الى مكحول، وهناك اتصل به مدير شركة النفط مبلغا إيّاه بأنه قد عُيّن في الشركة إلا انه رفض قائلاً: قد التحق بعد أن يتحرر العراق، هذه الأخبار كماء عذب يراقص نبضها حينما تسمعها، في أحد الأيام تواتر خبرٌ أن سجاداً قد قرر الزواج، وطلب من والده أن يُخمسَ له ماله ليتزوج به، وصل اليها الخبر، انتظرتْ لحظة خروجه، نزلتْ تتراكض من الأعلى الى هناك تبعتْ خطواته، وصلتْ بالقرب منه، همستْ بالقرب من اذنيه: أنت لي.
تثاقلتْ خطواته، نظر إلى الوراء لم يجد أحداً سوى جدران منطقته وأشجارها تمعن بها كأنه يراها لأول مرة، أغمض جفنيه وعاد لإكمال طريقه بطمأنينة، في الطريق أخبر أصدقاءه بأنه يشعر بأنه لن يعود، وفي روحه صدى حروفها يتردد ببطء: أ..ن..ت ل..ي.
هناك في سنجار حيث تشتد المعركة ويعلو صوت الرصاص وهتاف يا زهراء يحلق في الأفق، تقترب من المعركة تنظر لهم من بعيد، هناك مرادها بينهم، مع ارتفاع الأصوات تجد لذة اختيارها، حفظت لوحاتهم على ظهر قلب، تميز بينهم، تعرف من اختارته فرشاتها، ومن يجب أن تزينه باللون الأبيض ليكون لها، تقربتْ من سجاد رأتْ ابتسامته تناغم معانيه، قابلته بمثلها قائلة: ألم أقل لك أنت لي.
فحملته الى سماء ربه مختوماً على روحه أنه زُوُّجَ بالشهادة، وهي تقفُ بقربه مفتخرة، ينظران الى حفل زفافه الأرضي في العتبة الحسينية المقدسة، وهو محاط بأصدقائه يصلون عليه صلاةَ فقدهِ، ثم يتوجه الى امه حيث تغسلها الدموع، يقترب منها يمسح القطرات المالحة عنها هامسا بإذنها: يمه ذكريني من تمر زفة شباب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ضمياء العوادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/09



كتابة تعليق لموضوع : (بانتظار العريس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net