صفحة الكاتب : رعد موسى الدخيلي

شقشقة مواطن صائم
رعد موسى الدخيلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لقد تقادم بنا العمر .. حد أننا لم نعد نقوى على هضم الطعام الذي نتناوله في السحور .. خصوصاً و أننا نخلد إلى النوم بعد ركعتين سريعتين مباشرةً .. ننقرهما نقر الطير الذي ينقر حبتين مضطربا ..

والحالة هذه ؛..

فمنذ نعومة أظفارنا و نحن نستقبل شهر رمضان الكريم بالإمتناع عن الأكل والشرب تقليدا اعتدناه وورثناه عن آبائنا و أمهاتنا دونما معرفة درس هذا الأداء الغيبي الذي لا ندرك فلسفة ثلاثينيته و لا توقيتاته .. تماما مثلما نحن نصلّي ولا نعرف ماهية فلسفة عدد ركعات الصلوات الخمس كل يوم!!!؟..

الصوم مدرسة تربوية أو دورة تثقيفية أمدها ٣٠ يوماً يتخرج بعدها الصائم مروضاً على تحمّل الجوع و العطش مرة .. و متحسسا لجوع وعطش الفقراء و المحرومين من نعمتي المأكل و المشرب ، إذ إنه لولا هذه الممارسة العملية لما عرف ماذا يعني الجوع و ماذا يعني العطش!!!؟..

يروى أنَّ الخليفة العباسي (المهدي) أرسل إبنه ليتعلم القراءة والكتابة في الكتاتيب .. وما هما إلّا ثلاثة أيام وإذا بولده يشكو له قساوة معلمه .. وكيف أن حرمه يوما من وجبة الطعام التي كانت تقدم للتلاميذ وقت الظهيرة دون وجه حق ، وكيف أنه أوقفه طوال الدرس يوما ، و كيف أنه ضربه بالسوط يوما ، ما أثار غضب الخليفة ؛ فأمر أن يحضر المعلم مجلس الخليفة ذات مساء .. فحضر .. سأله الخليفة : هل أرسلنا لك أبناءنا كي تعلمهم أم تعذبهم !؟..

قال : بل كي نعلّمهم يا أميرَ المؤمنين!..

رد عليه الخليفة : كيف .. و أنت تجوّعهم و توقفهم و تضربهم !!!؟..

اجابه : يا أمير المؤمن .. إنَّ ابنك هذا حفظه ﷲ وليُّ عهدك .. و سيتولّى الأمر بعد حين .. و قد منعت عنه الطعام كي يحسَّ بالجوع .. لأنه لا يجوع عندك ، و أوقفته طويلا على قدميه لكي يحس بتعب الوقوف و هو لا يحسه عندك ، و ضربته لكي يحس بوجع الضرب وهو لا يحسه عندك !..

رد عليه الخليفة : ثم ماذا!؟..

أجابه المعلم : يا مولاي .. أردت أن أشعره الجوع لكي يشعر بجوع الرعية ، و أردت أن أشعره بتعب الوقوف لكي يحس بوقوف الرعية عند باب الخليفة طلبا لقضاء حوائجهم ، و ضربته لكي أشعره بوجع السوط لكيلا يصدر أوامره بالجلد دون أن يعرف ماذا يعني وجع السوط !..

فتعحب الخليفة المهدي من ذلك المعلم و أمر بتكريمه قائلاً : على مثلك أنْ يربّي أبناء الملوك و الخلفاء !

من هنا نرى ؛ أن الإنسان .. هذا الكائن المدرك العاقل .. الذي يأكل ويشرب ويمارس متع جوارحه على مدار عام كامل ؛ لابد له أن يحس بالجوع و العطش و الحرمان من شهوات و ملذات الحياة ، لكي يروض نفسه على الصبر عند الحرمان ولكي يحس بما يعانية أخوه الإنسان!!!..

ما أحرانا اليوم لأن نقلّص رواتب أولياء أمورنا من الرؤساء و الزعماء و الوزراء و القضاة ؛ لعلَّهم يشعرون بما نعانيه من ضعف مرتباتنا الشهرية ؛ و نحن نعيش ظروف الغلاء في هذا الشهر الكريم!!!..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رعد موسى الدخيلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/04



كتابة تعليق لموضوع : شقشقة مواطن صائم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد الدرقاوي ، في 2023/08/10 .

ما أحرانا اليوم لأن نقلّص رواتب أولياء أمورنا من الرؤساء و الزعماء و الوزراء و القضاة ؛ لعلَّهم يشعرون بما نعانيه من ضعف مرتباتنا الشهرية ؛ و نحن نعيش ظروف الغلاء في هذا الشهر الكريم!!!..
كيف تنطق كفرا فتحرم ساداتنا الكبراء من رواتبهم السمينة التي تقاس على قدر انتفاخ البطون وغلظة القفا والنظرات الشزراء ؟
وهل تهافت الكبار على المناصب الا من أجل الرواتب السمينة والامتيازات
خارج القانون والتعويضات الخيالية عن تجمدت في خيال أصحابها ؟
حين تهم الدولة بالإصلاح والمحاسبة تصير الامتيازات السمينة رحلات
سرية ، وهدايا الى البيت موصولة لا يعلمها الا الخبير العليم ..
نحن أمة علينا بكى الحجر وما انتبهت عقولنا





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net