ما الذي قتل الإمام الجواد ع .. ؟
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

لم يذكر التأريخ ان الإمام الجواد عليه السلام قام بثورة ضد النظام القائم انذاك ، ولم يذكر أن هناك ثمة تخطيط من قبله عليه السلام لذلك ، ولا حتى من أصحابه الخاصّين ، فلم يشكّل لهم معارضة ولم يكن مصدر ازعاج للدولة ..!! كان من أسرة قريبة بحسب الظاهر من النظام الحاكم ، فأبوه كان ولي عهد رسمي ، وهو عليه السلام كان صهر الخليفة المأمون .. !!
وهنا يبرز السؤال : لماذا تَقْدم السلطة على قتل الإمام الجواد ..!!
قد ذكرنا في منشور سابق من هذه السلسلة ان الامام الجواد ع قد قتلته غيرتان : غيرة النساء وغيرة العلماء ، فبطلة الأولى هي زوجته أم الفضل - ولا فضل لها - ، وهي بنت المأمون .. وبطل الثانية هو ابو داوود وقاضي بغداد - البعيد عن اسمه ومنصبه بعد المشرق عن المغرب - .. ! الا أننا قلنا أن هاتين الغيرتين استغلهما الجاني الحقيقي في قتل الامام وباتتا سبباً ثانوياً بعد السبب الرئيس لهذه الجريمة .. ! فما السبب الرئيسي اذن ..؟!
والسبب الرئيسي كما نعتقد هو العلم والشعور والإحساس الداخلي الراسخ لدى السلطة بأحقية الإمام - وآبائه - بالخلافة وقيادة الأمّة ، مع تعزيز هذه الأحقية بمرور الزمن بما يصدر عن إلإمام من براهين وإثباتات عن طريق علم يظهر في سؤال او مناظرة ، او تقوى وورع تطفحان في اختبار معين ، او كرامة تتجلى في موقف ما .. الخ
هذا العلم وهذا الإحساس والذي يتعزز ويقوى في النفس يوماً بعد يوم يشكّل عامل ضغط رهيب على صاحبه ونزاع قاتل من الداخل ، يُترجم الى الخارج بإرادة - من أجل التخفيف - أو بدون ارادة - عند طغيانه وثورانه - على شكل تصرفات مختلفة ، تارة تكون ايجابية - نوعا ما - على الائمة ، كالتقرب منهم ومحاولة اعطائهم منصب في الدولة أو التقارب الأسري او اظهار بعض الاحترامات والاعترافات بحقهم وكما فعل المأمون في بعض تصرفاته مع الامام الرضا ع والامام الجواد ع ، أو يتحوّل الى اجرام بشع وحقد صارخ وضغينة معلنة ينتهي بتعذيب الائمة أو قتلهم ..!!
هذا المارد الشيطاني المستقر في نفس وباطن هذه الأسر - بني أمية وبني العباس - افقدهم صوابهم وكان وراء كل الافعال المضطربة والمتناقضة اتجاه أهل البيت عليهم السلام ..
فالعقل الباطن المتكون من العلم بعلوّ كعب أهل البيت شرفاً وعلماً وورعاً وأحقيةً بقيادة الأمة ، والمتكون ايضاً من الشعور بالذنب والتقصير اتجاه هذا العلم ، والمتكون كذلك من تأريخ حافل بالجرائم والاثام اتجاه أهل البيت ، وعدم الاطمئنان من المستقبل القريب والبعيد .. كل هذا كان هو العقل المدبر في ملفّ جريمة قتل الجواد عليه السلام وبقية الائمة من ابائه وابناءه ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat