صفحة الكاتب : هاشم الصفار

الهوية الوطنية بين الصناعة والموروث
هاشم الصفار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   شاعت في الآونة الأخيرة في فرنسا ذلك البلد المتحضر، والذي يعد في طليعة البلاد الغربية الداعية للحرية والديمقراطية، أزمة ما يسمى  بالهوية الوطنية، بسبب نزوح الآلاف من اللاجئين والمهاجرين إليها، واختلاطهم بالسكان الأصليين، الأمر الذي دعا الحكومة إلى إجراء استفتاء عام في الأوساط الشعبية والمثقفة، وعلى شبكات الانترنت، لتحديد الإجابة عن سؤال محدد ألا وهو: ماذا يعني لك أن تكون فرنسيا؟ هل هي اللغة فقط أم تندرج في طيّاتها العادات والتقاليد، وطريقة العيش والفهم العام للحياة، والمنظور ألأممي للشعوب ودياناتها وسياساتها؟ 

  حقيقة يجرّنا الحال إلى النظر والتساؤل عن ماهية الهوية الوطنية، هل يمكن تصنيعها بأسس وضوابط، لا يحيد عنها المجتمع، أم أنها تراكمات ثقافية، لا تتقبل بأي حال من الأحوال الثقافات الدخيلة والطارئة عليها؟ وهذا الأمر يختلف من بلد إلى بلد؛ وذلك لتداخل المعطيات الاجتماعية والنظرة العامة مابين الشمولية والنظرة الضيقة... 
  ولسنا هنا بصدد سرقة حلول جاهزة، واقتناص معالجاتهم لقضاياهم واهتماماتهم، وتكويرها علينا – وإن كان فيه نظر – وإنما التواصل الثقافي بين الشعوب والحضارات يلقي بظلاله القسري أحيانا في أن تضع نفسك في زاوية تكون بمنأى وسلامة من التخبط، وضياع السمة والميزات، خاصة وأننا  كعراقيين بحاجة ملحة إلى استطباب سليم يوضّح الرؤية التي خالطها الكثير من الضبابية، بعد الأحداث والتغيرات الكثيرة التي تكالبت علينا، فأضحينا بمواجهة محك واختبار حقيقي، وإلى وقفة جادة على الدوام في تحديد المسار الديني والعقائدي الذي جُبلنا عليه، نحترم ذلك الانتماء الذي ورثناه، مع تحديد الشوائب والعوالق وتحجيمها، كي لا تنساب مع الوقت إلى هويتنا، ونصطبغ بها لا شعوريا، فترث الأجيال اللاحقة هوية ملونة غير محددة المعالم و(هجينة) إن صح التعبير...
  ومن ثم يأتي البعد الوطني، وتحديد مساراته بالنظر إلى القواسم المشتركة، وان الوطن ما هو إلا سفينة لا تحتمل العبث والخرق من أحد أبنائها، كي لا يغرق الجميع، وإن كان البعض قد لا يرى وزنا أو أهمية تذكر لذلك العبث، بقياس حجم الموارد والخيرات التي من شأنها التعويض وسد النقص عن حالات الفساد وهدر الثروات!! 
  إن أمة بهذه الذهنية والمفهوم تظل تتجرع التباطؤ والكساد في الرقي، فما على المؤسسات والجهات التعليمية الراعية إلا غرس حب المواطنة من جديد، عن طريق المناهج ووسائل الإعلام، وتوضيح الهوية الوطنية العراقية الصحيحة واتجاهاتها، وبلورة أطرها العامة، ليتمكن الجميع من معرفة مدى قربهم أو ابتعادهم عن حياض الهوية التي نأمل أن لا تظل حبيسة الأوراق الرسمية، والمستمسكات الروتينية عديمة الروح...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هاشم الصفار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/05/25



كتابة تعليق لموضوع : الهوية الوطنية بين الصناعة والموروث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net