صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

أعمارنا بين الصيرورة والسيرورة
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مصطلحان مهمّان نجدهما ونقرأهما في كثير من الابحاث الفلسفية والعقلية والمعرفية عموماً ، بل هما بنفسهما بحثان فلسفيان لهما مجالهما الخاص وحيّزهما المناسب هناك ..

وهذان المصطلحان هما ( الصيرورة ) و ( السيرورة ) ..
وعلى الرغم من الخلاف والاختلاف الدقيق في معنى كل منهما بين العلماء ومعناهما معاً عند الاجتماع والافتراق ، الا أنه يمكن ان نلتقط ونعرض هذين التعريفين المناسبين لكل منهما :

السيرورة : هي تعبير عن تغيّر كمّي يجري بالتعاقب على الاشياء ، مشتقة من : سار يسير سيرا .. ويعني تعاقب وتتالي الخطوات ، وبالتالي فهو يعطي معنى التراكم والكمّ ..

الصيرورة : هو تعبير عن تغيّر نوعي يجري على الاشياء ، وهو يعطي معنى الحدوث والتقدم .

ورغم أن الإختلاف وقع في أصل وجود التغيّر على الأشياء بغض النظر عن نوعه ( كمّي - نوعي ) ، الا أنه إختلاف علمي نظري بحت لا يؤثر على حكم الوجدان واطمئنانه بحصول التغيير على ( كل أو معظم ) الاشياء وبكلا النوعين او احدهما ..

ويُعتبر الفيلسوف اليوناني هرقليطس ( القرن السادس قبل الميلاد ) أول من أشار إلى مفهوم التغيير وخاصة الصيرورة بقوله : " لا شيء في هذا العالم ثابت عدا التغيير " . وعبارته المشهورة " كل شيء في حالة جريان ، لا شيء يبقى على حاله " ، أو يعبّر احياناً بالتعبير ( انك لا تنزل الى النهر مرتان ) اشارة الى جريان الماء وتغيره باستمرار .. معتبراً بذلك أن الصيرورة أساس الوجود وأساس كل التغيرات التي تحدث في الطبيعة ، وانه لا وجود بلا تطور -اي لا كينونة بلا صيرورة ، وانه لا تطور بلا وجود - أي لا صيرورة بلا كينونة أولى - .

أقول : مادام التغيير جارٍ علينا ، عمرنا ، شكلنا ، وعينا ، طريقة عيشنا ، صحتنا .. الخ ، فلماذا لا نختار طريق التغيّر النوعي بدلاً من التغيّر الكمّي الساذج الذي لا يحتاج منا اي بذل جهد .

فأيّام العمر وسنواته تتراكم شئنا ام أبينا ، ولكن لو طبّقنا القاعدة الذهبية لأمير المؤمنين ع { من اعتدل يوماه فهو مغبون } ، وفي خبرٍ آخر عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( من استوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان آخرُ يوميه شرَّهما فهو ملعون ، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب ، ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خيرٌ له من الحياة ) ، لا ستطعنا أن نستثمر هذا التغيير الجاري افضل استثمار لصالحنا .

فعندما يكون يومنا أفضل من أمسنا ، فنحن قي صيرورة و ( تكامل ) ، وعندما يكونا متساويين فنحن في ( تراكم سلبي ) ، وعندما يكون أمسنا أفضل من يومنا فنكون ( تسافل ) والعياذ بالله .. وهنا يكون الموت خير لنا من الحياة كما يقول صادق العترة ع ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/03



كتابة تعليق لموضوع : أعمارنا بين الصيرورة والسيرورة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net