صفحة الكاتب : محمد جواد الميالي

المحقق كونان وقضايا الفساد العراقي
محمد جواد الميالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أولى مخاضات التجربة الديمقراطية، أنتجت أحزابا تبحث عن تعميق جذورها في الحكومة العراقية العميقة عن طريق تشعب أتباعها داخل المؤسسات الحيوية، ليهيمنوا على مقدورات الشعب من المال والتعيينات وحرمان المواطن من الخدمات، مما عمق وثبت مصطلح الدولة العميقة الذي أرتبط بحزبين لغاية اللحظة.. ويدعي بعظهم أن أهم جذورهم كانت وتداً صلباً في القرارات القضائية..

السلسلة اللامنتهية في الفلسفة تتشابه مع سلسلة تبعية أرتباط الحقائب الوزارية والمناصب في الحكومة، بألتصاقها تباعاً بقادة الكتل والتيارات وفق ما تمليها عليهم أرتباطاتهم بالدول الإقليمية وقرارات السفارة، ليكونوا عبارة عن حلقات متصلة من الدمى في مسرحية يكتب الأقوى فصولها، ليتقتنع بها الجمهور المظلل..

أخطر ما يخاف منه يتجسد في مقولة الإمام علي عليه وأله أفضل الصلوات حين قال "إذا فسد القضاء فسدت الأمة" هذه الحكمة توضح لنا أهم أسباب تراجع المجتمع العراقي بكافة مكوناته، بالإضافة إلى الهدر والفساد في المال العام الذي لو تم وضع العشر منه في موضعه الصحيح، لكان من الممكن أن تجعل المواطن العراقي، ممن يعدون أصحاب الدخل العالي في العالم..

العجيب ليس الفساد الذي نخر أروقة الحكومة فهو معتاد، وإنما ما نقل من تصريح  لأحد للنواب، حين وضع المتابع للقضية العراقية في زاوية مظلمة، عندما نقل " قدوم ٢١ محققاً دولياً للتحقيق في قضايا فساد في جميع مفاصل الوزارات العراقية".. وهذا يجعل دور القضاء والنزاهة في صندوق أسود، لأن طلب المساعدة من الخارج يجعل من في الداخل يبدون وكأنهم لا فائدة ترجى منهم..

هذا يثبت الإتهام المتداول إعلاميا وشعبيا، بأن كل السلطات والمؤسسات في العراق تخضع للتحزبية المقيتة.. لأن تصريح النائب يتزامن طردياً مع سبات الدورات البرلمانية السابقة، ويتناسب عكسياً مع الدور الرقابي لهيئة النزاهة، الذي يشبه دور المحقق "كوكوري" في الكارتون الياباني الشهير.. ذلك المحقق ذو الدور المؤسف في توجيه أصابع الأتهام للكل، ماعدا المجرم الحقيقي!

كثير من المشاركين في الحكومات المتعاقبة هم ممثلون بارعون، أستطاعوا أن يجذبوا جزء من الجمهور ويوهمهم بشعارات كاذبة على مدى سبعة عشر عاما،  وربما سيتكرر  لكنه هذه المرة بين جهل الشعب وإستغلالية بعض الأحزاب.. فالأثنان يشتركان بخراب الأمة.

المنعطف الأخير لإحتجاجات تشرين وضعة الجميع في خانة واحد، فأما مبادرة لإصلاح مايمكن إصلاحه والأتجاه نحو الإنتخابات المبكرة، أو إنهيار كامل لمنظومة مابعد ٢٠٠٣ الديمقراطية.

العراق اليوم أمام تحدي خطير، يفصله بين إنهاء وجود الدولة العميقة التي تمثل التيارات الفاسدة، وبين دولة المؤسسات التي نحلم بها.. فإن فشلت هذه الحكومة في توجيه الضربة القاضية للفساد، ولم تستطع أن تكسر شوكته، عندها لن يكون لدينا سوى خيار اللجوء إلى المحقق كونان ليخرجنا من عنق الزجاجة.. وينهي آخر آمالنا بعراق مستقل معاصر، لأن الحقيقة لو تجلت لناظرها ستملئ العراق دماً..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد الميالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/07/30



كتابة تعليق لموضوع : المحقق كونان وقضايا الفساد العراقي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net