هل آمن الجيل الأول من الصحابة بالاسلام.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 💠 ذكر القرآن الكريم ان الكثير من المسلمين وخصوصا الرعيل الأول منهم وبالخصوص بعض أصحاب رسول الله (ص) كرهوا الكثير من الأحكام التي جاء بها القرآن الكريم ، فلم يجاملهم القرآن بل أشار إليهم وبيّن نوع الكراهية في عدة آيات بينات منها على سبيل المثال قوله تعالى :

(وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله).(1) .
(ذلك بأنهم كرهوا ما انزل الله فأحبط أعمالهم).(2) .
(ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه).(3) .
(بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون).(4) .

💠 وقد جاء ذكر الكراهية وأنواعها في القرآن في أكثر من ثلاثين آية تبين وبوضوح أنواع الكراهية التي أبداها بعض الأصحاب من الرعيل الأول ــ الدائرة الضيقة المحيطة بالنبي ـــ ، وأن من مضاعفات هذه الكراهية أنهم أبطنوا مخالفة ما أنزل الله على رسوله في أول فرصة تسنح لهم فبيّن الله تعالى ذلك في آيات تتلى كقوله تعالى : (وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون).(5) .

💠 وعندما ازداد عدد الصحابة المعترضين على أحكام الله وقويت شوكتهم أخذوا يبدون بعض ما في صدورهم من بغضاء وكراهية ولكن الذي أخفوه في صدورهم كان اعظم وأدهى ، فبين الله تعالى ذلك بقوله : (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر).(6) .

💠 ولما علم منهم النبي (ص) ذلك قال له تعالى : (فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون).(7) . فكانت الكراهية تزداد يوما بعد يوم ، فكلما ظهر من شخص معيّن قريب من الرسول (ص) بعض مزايا الإخلاص والإيمان الصادق، أو كلما صرّح الرسول باسمه أو أعلن فضيلة له ، كانوا يجلسون حلقات يضعون ثيابهم على رؤوسهم لكي لا يسمعهم أحد ويتساررون فيما بينهم ويتآمرون ضد هذا الشخص فأخبر تعالى نبيه بعملهم هذا فقال : (ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون).(8) .

💠 إذن أن الله تعالى بيّن أن هناك فئة ليست بالقليلة من أصحاب رسول الله بدأوا يعلنون كراهيتهم للكثير من الأحكام التي لا تُناسبهم وكان على رأس هذه الأمور كرههم العجيب لعلي بن أبي طالب وآل بيته وشيعته ، وأن ما يخفونه في صدورهم من الحقد لهؤلاء أكبر مما يُظهرونه وهذا ما بينه النبي (ص) عندما خاطب عليا قائلا : (ضرب ــ النبي ــ على رأسه ولحيته وبكى حتى علا بكاؤه فقال علي عليه السلام: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني).(9)
أو قوله : (فإذا مت ظهرت لك ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك إلا من بعدي أحقاد بدر وترات أحدية).

💠 فأول من أرسى قواعد الكراهية هم الجيل الأول ولكن الكراهية لمن ؟ هل هي كراهية المشركين والكفار او اليهود والنصارى ؟ أوكراهية المعاصي والموبقات . كلا إنها كراهية آل بيت رسول الله (ص) حيث بدت الكراهية واضحة بعد النبي بكل معانيها فقام ابو بكر الصديق في خلافته بقتل شيعة علي (ع) حيث سلط عليهم خالد بن الوليد تحت ذريعة الإرتداد، ومنعوا فاطمة من الإرث وهجموا على دارهم وحاولوا إحراقه وهذا الأمر هو الذي ندم عليه ابو بكر قبل مماته حيث تذكر الصحاح بأنه قال في مرض موته ( وياليتني لم اكشف بيت فاطمة ولو أعلن على الحرب ).(10)

💠 وفي زمن عمر بن الخطاب صرّح بهذا الكره عمر نفسه عندما قال لإبن عباس : (أتدري لماذا أبعدت قريش عليا عن الخلافة ؟ قال لا ! فقال عمر : لأن قريش كرهت أن تجتمع النبوة والخلافة في بني هاشم ! فأجابه ابن عباس : ذلك بأنهم كرهوا ما انزل الله فأحبط أعمالهم).

💠 وبلغ من هذا الكره العجيب حدا نعرف حدوده من خلال حديث الامام زين العابدين عليه السلام عندما رجع من السبي وهو على مشارف المدينة المنورة اشار بيده اليها وقال : (ما أحبنا آل البيت في هذه المدينة سوى اربعة).(11) يجسد هذا البغض قول عبد الله بن الزبير : (إننا لنكتم بغضكم آل البيت منذ أربعين سنة) . (12)
نعم انهم كرهوا ما انزل الله على رسوله ، فأحبط اعمالهم. ومن يحبط الله عمله ففي النار وبئس القرار : (أولئك حَبِطت أعمالهم وفي النارِ هم خالدون). (13)

🔺️ المصادر :
1- سورة التوبة آية 81 .
2- سورة محمد آية 9 .
3- سورة محمد آية 28 .
4- سورة المؤمنون آية 70 .
5- سورة القصص آية 69 .
6- سورة آل عمران آية 118 .
7- سورة ياسين آية 76 .
8- سورة هود آية 5 .
9- الصوارم المهرقة - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ١٩٨. و : الخطيب: تاريخ بغداد، ج 12: ص 398. و : الهشمي: مجمع الزوائد، ج 9: ص 118.
10- إبن حجر - لسان الميزان - الجزء : ( 4 ) - رقم الصفحة : ( 189 ) وقوله اكشف بيت فاطمة يعني الهجوم عليه . وذلك أن الجيوش تهجم على الجيوش الأخرى لتكشفها عن مواقعها فكان الهجوم على دار فاطمة لازالة المعتصمين فيه.
11- الكثير من الروايات تقول أن هؤلاء الأربعة هم : المقداد وسلمان وابو ذر وعمار بن ياسر وقد جاء في معجم الطبراني الكبير أن الجنة تشتاق إلى أربعة (علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود).ويؤكد حقيقة خلوالمدينة من المؤمنين وكثرة المنافقين فيها أن احد الصحابة سمع شخصا يقول: اللهم اقضي على المنافقين . فقال له الصحابي : لو مات المنافقون لخليت شوارع المدينة من الناس.
12- مروج الذهب ج 2/102 ط مصر و ج 3/89 تحقيق ـ محمّد محي الدين عبد الحميد بمصر.
13- سورة التوبة آية : 17.

الموضوع السابق الانتخابات المبكرة تلوح بأفق العراق..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat