صفحة الكاتب : محمد جعفر الحسن 

بين بوتن وترامب... طائرتان!
محمد جعفر الحسن 

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

روسيا تتعرض الى "طعنة في الظهر من قبل شركاء الإهاب" حسب قول فلاديمر بوتن، وكان هذا الوصف تعبيراً عن إسقاط طائرة روسية من طراز "سو24" من قبل تركيا في الربع الأخير من العام 2015. لم تتخذ روسيا المنتشية بالصعود وكسر القطبية الأحادية، آنذاك، أي إجراءات تؤشر على الحرب؛ وكل ما فعلته هو استخدام سلطتها الدستورية فقط: حظر سياحة الروس في تركيا، منع استيراد المنتجات الزراعية التركية، ونقل بعض القطع الحربية الاستراتيجية الى مواقع قريبة من تركيا.

تلك التحركات الروسية، جعلت اردوغان يكسر الصمت ويذهب الى موسكو بوقت قياسي، وبوادر الاعتذار وتغيير الموقف بادية عليه. اعتذر، ثم استدار لحلفائه الغربيين، وارتبط مع موسكو بشراكة يبدو انه اطمأن لها اكثر من شراكته مع الأمريكان!

ومع مرور الوقت، اتضح انّ تفضيل الرئيس التركي لروسيا على أمريكا، نابعة عن رؤية واقعية دقيقة. فبعد حادثة إسقاط السوخوي، يسقط الإيرانيون طائرة أمريكية قالوا انها دخلت أجواءهم، وقبل اسقاط الطائرة ذهبت طهران الى تصعيد كبير ضد الأمريكان وحلفاءهم في المنطقة، على الرغم من التهديدات والاستعدادات والوعود الامريكية بالحرب ضد إيران، غير أنَ طهران كانت تستفز أمريكا اضعاف الاستفزاز الأمريكي لها، وعدّت الحصار الاقتصادي ضدها إرهاب جابهته بالسلاح، ومع كل تصعيد إيراني عسكري ضد واشنطن، تتراجع أمريكا عن إعلاناتها الكثيرة بالحرب، وتدعو الى الحوار الذي يتضمن بعض الشروط!

طهران أصرّت، وواشنطن تراجعت؛ فألغت أي شروط مسبقة للحوار الذي تدعو له.

لا شك أنّ ايران لا تريد الحرب، ولكنها مستعدة لها، وأثبتت بالدليل العملي أنّ طريقة ترمب في إدارة البيت الأبيض غير مجدية مع طهران، الامر الذي قهر أسطورة الرجل الحديدي المحكية عن رئيس أمريكا الخامس والأربعين، والتي التصقت به بعد ابتزازه للسعودية عبر تغريدة واحدة من على صفحته في موقع "تويتر"!

عرفت واشنطن أنّ ايران ليست كالسعودية في اعتمادها على الخارج لحمايتها، وتختلف عن براغماتية اردوغان الذي ذهب الى موسكو لتحقيق رغباتها. ثمة فرق بين من اسقط الطائرة الروسية والأمريكية؛ الأول اعتمد على حليف يبحث عن مصلحته فقط، فوجد نفسه وحيداً في مواجهة الدب الروسي المتعافي، والثاني اعتمد على جهوده الذاتية في مواجهة التهديدات والتحديات.

فرق آخر بين الحادثتين؛ بوتن ليس كترمب: الأول يتصرف كرجل دولة وفق خطوات محسوبة ويهدف لإضافة إمكانات جديدة وليس استثمار إمكاناته المتاحة، بينما يتصرف ترمب كرجل عصابة او زعيم قبيلة يهدد، يتوعد، يبتز، ثم يتراجع وحوّل العمل السياسي الى خطاب يتلى من على منصة تويتر!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جعفر الحسن 
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/06/27



كتابة تعليق لموضوع : بين بوتن وترامب... طائرتان!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net