صفحة الكاتب : د . اسعد كاظم شبيب

 واقعية اعادة تأهيل الاسد!
د . اسعد كاظم شبيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بعد مرور ما يقارب سبعة اعوام من المطالبة الداخلية والخارجية برحيل الرئيس السوري بشار الاسد من موقع الرئاسة في سوريا، التي تجاوزت المطالبات الى الركون الى العنف بمختلف اشكاله، تتصاعد الدعوات الآن عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية ليس فقط ببقاء الاسد على راس السلطة، وانما اعادة تأهيل موقع الرئاسة في المحافل الخارجية ومن ضمنها ارجاع سفير الدولة السورية الى منظمة الجامعة العربية كاعتراف عربي مباشر بسلطة بشار الاسد وممارسة سوريا لدورها الطبيعي مثلما كانت قبل الاحداث السياسية والامنية التي عصفت بها منذ الاشهر الاولى لاندلاع الاحتجاجات الشعبية في اغلب الدول العربية، وظل ذلك يأتي التساؤل عن مدى واقعية فكرة اعادة تأهيل نظام الرئيس السوري الى المحافل الدولية، واعادة العلاقات السورية مع الدول العربية، يبدو ان تحقيق ذلك قاب قوسين او ادنى لما يلاحظ لمتابع للشؤون الاقليمية من تقارب وزيارات عربية مكثفة خلال الايام الماضية مع النظام السوري كسلطة رسمية تحكم سوريا ومن تلك الفعاليات العربية تجاه النظام في سوريا اعادت دولة الامارات افتتاح سفارتها في سوريا، وزيارة امير الكويت صباح جابر الصباح الى سوريا، وقبله زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير التي تعد من الدول الى جانب مصر بقيادة السيسي التي لم تكن موافقة بالمرة على قطع العلاقة مع سوريا وكيفية التعامل مع الاحداث في سوريا، وهذا يعني ان الطرف العربي الاكثر معارضة(دول الخليج) لبقاء بشار الاسد غير من استراتيجيته تجاه النظام السوري الحالي، وهو الطرف الذي كانت تقوده السعودية وتتباه بشكل رسمي وقدمت دعم مالي وسياسي غير مسبوق في التاريخ السعودي لكل حركة وحزب ومنظمة او جماعة ضغط داخلية وخارجية من الممكن تساعد في اسقاط النظام السوري بقيادة بشار الاسد لأسباب تتعلق بسياسية المحاور في المنطقة الاقليمية وباعتبار سوريا احد ابرز اماكن النفوذ السياسي والامني لإيران، تأتي هذه الاستراتيجية العربية الجديدة تجاه قبول النظام السوري لأسباب مختلفة منها: ما يخص النظام السوري نفسه أي ان صموده السياسي والامني طول السنوات الثمانية المنصرمة على محافظات عديدة في سوريا ومن ثم استعادة الاخرى من سيطرة الجماعات المسلحة على مختلف تصنيفاتها كالمناطق التي سيطرت عليها تنظيمات داعش، وجبهة النصرة، والجيش الحر، ثانيا تشتت المعارضة والصراع فيما بينها وفشلها في توحيد خطابها واهدافها وتعاملها بصورة واقعية في كيفية التعامل مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد. اما الاسباب الاخرى فهي جيوسياسية وخارجية ويمكن مناقشتها من جوانب عديدة: الجانب الاول: ادركت الدول العربية انها كلما ابتعدت عن الانظمة العربية التقليدية كلما سهل ذلك لنفوذ اكبر لإيران في المنطقة العربية أي ان تراجع تواجد هذه الدول يساهم بتقدم ايران في سوريا ودول عربية اخرى مثل اليمن، اما الجانب الثاني فيتمثل بالخطة المشتركة التي تقودها اسرائيل مع الدول الخليجية المشار اليها التي بدأت هي الاخرى مثلما اشرنا حتى لو كان هناك تغيير سياسي فسيصب في مصلحة جهات سورية تعتبرها السعودية، والامارات، والبحرين عدوها اللدود كالإخوان المسلمين، من خلال نفوذ تركيا وقطر، وبالتالي ان التعامل بواقعية مع النظام السوري، واعادة العلاقات معه مرة ثانية سيساهم في تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران، لذا عملت دول الخليج ودول عربية اخرى كمصر والسودان اجتماعات سرية وبتوجيه وبتخطيط من قبل اسرائيل والولايات المتحدة طوال الايام الماضية لوضع المبادرة الدبلوماسية مع سوريا بقيادة بشار الاسد على جدول الاعمال، والهدف من الخطة الخليجية ــ الاسرائيلية، تقليص النفوذ التركي والايراني في سوريا والتساؤل هنا اذا كانت ايران تصنف كدول خصم بالنسبة لاسرائيل ودول الخليج فلما شملت هذه الخطة تركيا ايضا؟ يبدو ان اسرائيل رغم التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية مع تركيا بدأت تتخوف من الصعود التركي الاقتصادي والسياسي بقيادة رجب طيب اردوغان، وعلى المستوى العربي فليس خفيا الخلافات التركية مع دول الخليج في مجالات مختلفة ومنها علاقة تركيا مع قطر والاخوان المسلمين فضلا عن تحالفها الاستراتيجي مع ايران، كما ادى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد المخابرات السعودية في السفارة السعودية في تركيا من تعميق الخلافات بين دول الخليج وتركيا.
عموما سيمكن الاسد من ابعاد المعارضة السورية واعادة سلطته بشكل مباشر على اغلب الاراضي السورية وقد يخطو في كتابة دستور يضم مشاركة اكبر للأطراف السورية المعارضة في الحياة السياسية، وبمقابل ذلك تسعى اسرائيل ودول الخليج بالحصول على ضمانات من النظام السوري على الاقل في اقامة علاقة متوازنة مع ايران لا تكون على حساب دول الخليج وامن اسرائيل على اعتبار ان سوريا بقيادة الاسد لديها علاقة استراتيجية وفوق الطبيعية مع ايران، في الجانب الاخر ستضمن الدول المذكورة من تحجيم دور الاخوان ومن خلفها تركيا وقطر في سوريا.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . اسعد كاظم شبيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/02/02



كتابة تعليق لموضوع :  واقعية اعادة تأهيل الاسد!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net