صفحة الكاتب : داود السلمان

محاولة في تعريف المثقف
داود السلمان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 المثقف له عدة تعاريف، ولا يمكن أن نعرّف المثقف في تعريف واحد ومحدد، ففي كل عصر يتبدل التعريف، مع مراعاة العنوان العام للمثقف، حيث يبقى العنوان العام كما هو، بمعنى ثمة أولويات يتبعها المثقف وتنطبق عليه لا يمكن أن نتجاوزها أبداً، حينما نريد أن نميز المثقف عن غيره، من المتعلمين والاكاديميين واصحاب الشهادات، فالذين يحملون هذه الصفات ليس بالضرورة أن نطلق عليهم مثقفين، بل نقول متعلمين، وليس بالضرورة أن يحمل المثقف هذه الصفات، بل يجوز له أن يكون اكاديمي وحامل شهادة علمية بكالوريوس، ماجستير، دكتوراه.

المثقف يعمل بالحقل الثقافي، كالفلاح الذي يحرث الارض ثم يزرعها، وبعد ذلك يجني المحصول، فالمثقف ينتج الثقافة بكل ابعادها ومستوياتها وانواعها، وهو الطيب الحاذق الذي يصف الدواء الناجع لكل الحالات المستعصية وغير المستعصية ويعطيها كعلاج يقتلع الالم من جذوره، ويرتقي بالمعني الى قمة الشفاء. (والمقصود بالمعني: هو الجاهل، المتخلف، اللاأبالي، غير الواعي، قليل المعرفة، الخامل، او المتعطش للمعرفة الحقة.. الخ).

ونستطيع أنْ نصف المثقف بأنه: الذي يمتلك الادراك الحسي الواقعي الراهن، ويستطيع أن يدلي بدلوه، في التعبير عن الحالات الثقافية والمعرفية والفلسفية، بل وحتى السياسية منها، يعبر تعبير يصب في اطار تلك المسميات، ويعالجها معالجة موضوعية تنشد الحقيقة، ولا تبتعد عن الصواب قدر الامكان، ولا نقول أنه لا يخطأ، لأن الانسان ومهما يمتلك من عقل فذ وفكر وهاج، وذهن متقد لابد وأن يتعرض للخطأ والسهو والالتباس والتشويه، لأنه ليس بمعصوم.

فالتعريفات التي عرف المعنيون بها قديماً هي ليست اليوم، فالتعريفات القديمة للمثقف مختلفة جداً، وذلك بحسب التطور الحضاري والفكر والبيئي والفلسفي والعلمي للبلدان والشعوب والامم. فاليوم دخل قد على الخط الثقافي حتى بمن نطلق عليه حرفيون او مهنيون او مبدعون أمثال: الموسيقيون، الفنانون، النحاتون، الرسامون، التشكيليون... الخ.

وكون هؤلاء قد دخلوا في الحقل الثقافي، لأن مهنتهم أو ابداعهم هو من صميم الثقافة، وأولويات الثقافة، لأن الثقافة هي ابداع فكري وروحي ونفسي وجسدي وفلسفي وفني. ومن هنا قلنا كيف أن التعريفات القديمة للمثقف هي ليست كتعريفات اليوم.

وهناك عدة مسميات أو انواع للمثقف، فهناك المثقف السلطوي، والمثقف الايديولوجي، والمثقف الفوضوي، والمثقف اللامنتمي بتعبير كولن ولسن، والمثقف الحر وغير ذلك؛ ولعل من اسوء المثقفين هو المثقف السلطوي، فهو عدو للمثقفين بلباس صديق، اذ هو يكتب للسلطان ويجند قلمه له، ويحاول أن يرفع من شأن الحاكم بما هو ليس فيه، تجافياً عن الحقيقة بهدف القرب له، لكسب منفعة وحصول مكسب، فهو يتحذلق وينافق ويكذب ويختلق افعال وامور ليس لها صلة بالواقع المعاش الراهن. وهذا المثقف مرتبط مصيره بمصير الحاكم، فعندما يموت الحاكم أو يعتزل السلطة ينتهي معه ذلك المثقف، وتنطوي صفحته، الا اذا طلب القرب من الحاكم الجديد بطريقة النفاق المعتاد عليه والذي تربى عليه، فهنا قد ينتعش من جديد ويتنفس الصعداء.

ويبق سد الحضور هو المثقف الحر، الذي لم يعش على موائد السلاطين، ولم يجند قلمه للطغاة، وهو المثقف الحقيقي الذي يظل خالداً ببقاء الدهر.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


داود السلمان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/29



كتابة تعليق لموضوع : محاولة في تعريف المثقف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net