كيف علق الكرد على انتشار القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها؟
محمد رضا عباس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد رضا عباس

ان سيطرت الحشد الشعبي على الحدود السورية العراقية في معركة تحرير الموصل كانت بمثابة الخطوة الأولى التي قضيت على حلم بعض قادة كردستان بتشكيل دولة كردية تربط اكراد الشرق (العراق) بأكراد الغرب (سورية) . وازدادت حساسية الكرد من الحشد الشعبي كما اقتربت القوات الاتحادية من تحقيق النصر العسكري الكامل على داعش واخذت تعد العدة لاحتمالات انقضاض القوات الاتحادية على المناطق المتنازع عليها من ضمنها محافظة كركوك , العمود الفقري لاقتصاد الدولة المرتقبة . وتم ذلك بالفعل يوم 16 تشرين الأول 2017 عندما دخلت القوات الاتحادية بدعم الحشد الشعبي محافظة كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها بوقت قياسي تحت اسم " عمليات حفظ القانون " و انهيار قوات البيشمركة امام تقدم القوات الاتحادية . ان انهيار قوات البيشمركة امام القوات الاتحادية والحشد الشعبي كانت الخطوة الأخيرة التي قضيت على حلم الاستقلال , ولهذا السبب أصبح الحشد الشعبي هدف للقوى الانفصالية لإسقاطه وذلك عن طريق نسج الاتهامات حتى منها انهم يأكلون لحوم البشر . ان تركيز الاعلام الكردي على الحشد الشعبي كان غرضه هو تخويف بقية المكونات العراقية منه , بل حتى رفض تواجده في بعض المناطق الغربية من العراق , اظهاره على انها قوات وحشية منفلته لا يحكمها قانون ومسيطرة على إرادة القوات المسلحة العراقية , و اظهاره للعالم على انها قوات تمول وتجهز و تنفذ إرادة ايران في المنطقة. ان الاتهام الأخير كان هدفه أشعار الولايات المتحدة الامريكية ان بقاء الحشد يشكل خطرا على خططها في المنطقة . و من اجل تجديد ولاء الساسة الانفصالين للولايات المتحدة الامريكية , فان هذه النخبة بدأت تنسج التهم لقوات الحشد الشعبي بغية تحريك بعض القوى السياسية العراقية ضدهم و اشعار الولايات المتحدة بتعاظم خطرهم على مصالحها . وهكذا , اصبح موضوع دخول القوات الاتحادية الى كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها مناسبة لأطلاق شتى الحجج ومنها اتهام ايران في ترتيب دخول القوات الاتحادية والحشد الشعبي بمساعدة بعض اطراف من الحزب الاتحاد الوطني الكردستاني , تحت اشراف القائد الإيراني قاسم سليماني , في إشارة عتاب الى الإدارة الامريكية بسكوتها .لقد اجتهد الكرد, قادة عسكريين وسياسيين واعلاميين التركيز على عملية دخول الحشد الشعبي الى كركوك , دون تسليط الضوء على بقية القوات الاتحادية التي دخلت المحافظة من اجل اعتبار ان إعادة المناطق المتنازع عليها الى سيادة الحكومة الاتحادية كان ليست إرادة حكومية وانما إرادة الحشد , وهذه جزء من بعض التصريحات :
الباحث الكردي العراقي شاهو القره داغي اعتبر ان هدف " مليشيات الحشد" ليس كركوك وحدها بل السليمانية واربيل , وتابع يقول " البارزاني لا يستطيع مواجهة ايران والعراق والاتحاد الوطني في وقت واحد وما يجري كان متوقعا الا عند الذين حشوا رؤوسهم بالمؤامرة الامريكية الصهيونية". وأضاف شاهو , ان " الاتحاد الوطني الكردستاني عينه على كركوك وكان يخشى ضياع كركوك لحساب الديمقراطي الكردستاني وبسبب هذه المخاوف تعاون مع ايران لتمرير هذه الخطة ".
اسلام زيباري وهو احد قادت البيشمركة اكد ان الولايات المتحدة الامريكية تعاقب مسعود البارزاني على استفتاء كردستان بالسماح للجيش العراقي والحشد المدعومين من ايران بالهجوم على البيشمركة في كركوك.
واعتبر لاهور الطالباني قائد مكافحة الإرهاب بإقليم كردستان , ان الدفاع عن كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها من القوات الاتحادية والحشد الشعبي انما يدخل في خانة الدفاع عن حكم مسعود بارزاني الغير شرعي , قائلا " لن ندفع أبنائنا للموت في سبيل كرسي البارزاني المنتهية ولايته".
واعتبر الكاتب الكردي عادل حنيف داود انها مؤامرة اشتركت بها اكثر من جهة من اجل ازاحت مسعود بارزاني من كركوك كان ابطلها هي محافظ كركوك نجم الدين كريم , PKK , جماعة الطالباني وقاسم سليماني من جهة و الحشد الشعبي والعبادي من جهة اخرة . ونصح الكاتب البارزاني بالبقاء على صداقته مع تركيا و اردوغان , حيث ان تركيا واردوغان من يستطع الوقوف بوجه " جماعة الطالباني و PKK وايران وعميلتهم حكومة بغداد".
وقال الإعلامي الكردي , مصطفى عبدي , ان " الهجوم كان بتخطيط إيراني تركي للسيطرة على كركوك والمدن الكردية كعقاب بسبب خطوة الاستفتاء على الاستقلال ", مبينا , ان " الهجمة نفذتها قوات الحشد الشعبي المدعوم من ايران وجاءت عقب لقاءات بين الرئيس التركي والإيراني لاستكمال تطويق ومحاصرة كردستان". ونفى عبدي وجود خيانة في صفوف البيشمركة , وانما كانت الأوامر بالانسحاب وتجنب إراقة الدماء لعدم تكافؤ القوى.
واعتبر شيار قاسم , ان " ما حدث في كركوك خيانة كبرى , بسبب ان قوات البيشمركة التابعة لمسعود بارزاني اتفقت مع القوات التابعة لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي يكيتي بانهم يتمركزون داخل كركوك ضد القوات العراقية , وهم بالخارج على ان يدخلون ببداية المعارك ", مضيفا , ان " قوات يكيتي سلمت كل المناطق للقوات العراقية بدون قتال".
و فسر محمد محمود الناشط الكردي ما حدث بكركوك هو بسبب الانقسامات الداخلية داخل قوات البيشمركة , مؤكدا انه كان على البرزاني قبل الاستفتاء الدعوة لمؤتمر كردي في باشور , وعقد انتخابات ديمقراطية حقيقية , ورص الصفوف وتوحيدها , وليس إعطاء الأوامر وكانه القائد الأوحد , متسائلا " هل يبقى شخصا ديمقراطي في السلطة 27 سنة ؟". وأضاف محمود , ان " ما حدث في كركوك , تكرار لما وقع في شنكال , حيث هربت البيشمركة , وبقيت قوات دفاع الشعب وقوات حماية شنكال , قبل ان تستطيع القوات العراقية ان تسيطر عليها أيضا".
كل تصريح له شيء من الصحة , بلا شك ان دخول القوات الاتحادية كانت بموافقة بعض قادة الكرد الذين لم يتفقوا مع مسعود بارزاني في قضية الانفصال , وبدون شك كانت العملية العسكرية بموافقة تركيا وايران وامريكا , وهذا ان دل على شيء فانه يدل ان فكرة الانفصال كانت فكرة لا تؤشر الى نضوج حاملها السياسي , وما على هذه القوى الا القبول بالفشل والنظر الى العراق على انه الخيمة التي تجمع جميع المكونات , وان التقوي بالخارج على حساب ابن الوطن خيانة لكل شرائع الأرض والسماء.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat