صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

حقائق حول الركود الاقتصادي
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كتب الاقتصاد تعرف الركود الاقتصادي بالتراجع في الانتاج الوطني لفترة ربعين متتالين من السنة الواحدة. وعليه فان تراجع في الإنتاج الوطني في ربع معين من السنة , يعقبها , تعافي , وبعد التعافي تراجع اخر لربع سنة أخرى لا يعتبر فترة ركود اقتصادي. بطبيعة الحال , فان  فترة الركود الاقتصادي قد تطول او تقصر حسب قوة الازمة الاقتصادية .  على سبيل المثال , ان الاقتصاد الياباني مر بعقد كامل من الركود الاقتصاد حتى سمي " العقد الضائع". العراق  وان مر بحروب مستمرة مع مجاميع القاعدة الإرهابية ومن ثم تنظيم داعش المجرم , الا انه لم يمر بركود اقتصادي , لان النمو الاقتصادي سنة بعد أخرى منذ التغيير بقى موجبا (+) وليس سالبا(-) , ولكن بدون شك انه يمر بمرحلة ارتفاع في نسبة البطالة والتي تبلغ حوالي 14%.

الركود الاقتصادي لا يعني ان جميع النشاطات الاقتصادية في تراجع , على العكس من ذلك , بعض النشاطات الاقتصادية تتراجع بشكل كبير  ( الصناعات الثقيلة و البناء) , البعض الاخر لا تتأثر كثيرا ( الزراعة وصناعة  الملابس ) , بينما البعض الاخر من السلع والخدمات يزداد الطلب عليها في الأوقات العصيبة ( الملابس و الأدوات المستعملة , الخدمات الطبية , التعليم , والأدوات المنزلية). ازدياد الطلب على الملابس المستعملة يعود الى عدم استطاعة المواطن شراء ملابس جديدة وهو غير مطمئن على عمله. الطلب على التعليم يزداد لان الكثير من الشباب عندما لا يعثر على عمل يناسبه , يلجا الى المدارس والمعاهد والكليات بدلا من قضاء وقته الفائض بين المقاهي. أيضا, التراجع الاقتصادي يسبب مشاكل عائلية كثيرة , بسبب الشحة المالية , مما يسبب الى حالة اكتأب وتوتر عصبي و شجار عائلي تجبر صاحبها مراجعة الطبيب والمحامي.

الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة الامريكية لعام 1992 كشف شيء اخر , وهو ان الطلب على بعض الأدوات المنزلية لم ينخفض وانما بالحقيقة قد ازداد , وبشكل كبير. السبب ان الشحة المالية والتي مر بها المواطن الأمريكي اجبرته على صرف معظم وقته في البيت بدلا من الخروج الى المطاعم و البارات الليلية و السفرات الأسبوعية . في هذه الحالة , العائلة الامريكية بدأت تشتري ما يحتاجه المطبخ من أدوات من اجل استعمالها داخل البيت . إضافة الى ذلك , ان الكثير من أصحاب العوائل في تلك الفترة بدأوا  بالتفكير في تقليص ديونهم التي تراكمت عليهم بسبب توفر البطاقة الائتمانية .

يضاف الى ذلك , ليس من الضرورة ان يغطي الركود الاقتصادي جميع مناطق البلاد , خاصة اذا كانت البلاد تتمتع بتنوع بيئي او بصناعات متنوعة في مناطق معينة. على سبل المثال, مصايف شمال العراق سوف تكون الضحية الأولى للركود الاقتصادي , لان من غير المعقول ان يتوجه رب عائلة ومعه سبعة من البنات والبنين لقضاء أسبوع او عشرة أيام في احد مصايف شقلاوة و وهو بدون عمل او في طريقه لخسارة عمله. ولكن ديالى والموصل والانبار سوف لن تتأثر كثيرا من الركود الاقتصادي لكون ان اقتصاد هذه المناطق يعتمد على الزراعة , حيث ان المواطن يستطيع الاستغناء عن شراء حذاء جديد او قميص جديد ولكنه لا يمكنه البقاء جائعا اكثر من يوم واحد. بالحقيقة ان هذه المحافظات تستفيد من حالة الركود الاقتصادي وذلك عن طريق استخدام العاطلين عن العمل من بعض الصناعات و بأجور زهيدة , وبذلك يزداد الإنتاج الزراعي بدون زيادة ملحوظة في كلفة الإنتاج.

اقتصاد وسط وجنوب العراق لا يتأثر مباشرة بالركود الاقتصادي , لان القطاع النفطي وهو من اكبر القطاعات الإنتاجية في المنطقة منفصلا تماما عن اقتصادها , حيث ان هذا القطاع قد خطط له بان يكون قطاع تصديري , وبذلك فان هذا القطاع وعلى الرغم من حجم وارداته المالية العظيمة فانه لا يستخدم كثيرا من الايدي العاملة . القطاع النفطي يستخدم عدد من العمال كافي لإنتاج وتصدير النفط . الا ان اقتصاد مناطق  الوسط والجنوب تتأثر بحجم المخصصات المالية من ميزانية الدولة لهاتين المنطقتين. وعليه , فعندما يزداد سعر النفط في الأسواق العالمية يزداد دخل الدولة و تزداد التخصيصات المالية لكل محافظة, وعند انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية , تنخفض الواردات الحكومية وتنخفض معها المخصصات المالية لكل محافظة. وطالما وان القطاع الزراعي في الوسط والجنوب العراق لم يتعافى لحد الان فان الركود الاقتصادي سيكون واضحا على اقتصاد هاتين المنطقتين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/02/21



كتابة تعليق لموضوع : حقائق حول الركود الاقتصادي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net