صفحة الكاتب : د . حميد حسون بجية

أربع معجزات في أول سورة الروم المباركة
د . حميد حسون بجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم

          (غُلبت الروم في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون)(الروم|2-4).

          وردت في القرآن الكريم تلميحات كثيرة عن كثير من المعجزات –سواء على مستوى وقائع العلوم او التنبؤ بالمستقبل. وحديثنا اليوم عن النوعين من المعجزات مما ورد في بداية سورة الروم.

            ولنبدأ بتعريف المعجزة. ورد في الموسوعة العربية الميسرة(1) بخصوص تعريف المعجزة، هي انها " أمر خارق للعادة، يعزى حدوثه الى الله." كما ورد في موسوعة المورد(2) انها "حادثة مذهلة خارقة للطبيعة" وانها " الحادثة التي تتعارض ظاهريا مع نواميس الطبيعة أو قوانينهاوالتي لا يمكن تعليلها الا بالقول انها النتيجة المباشرة للتدخل الالهي ، او النتيجة الحتمية لعمل بعض من النواميس أو القوانين التي لا تزال افهام البشر عاجزة عن فهمها."

     وفي الآيات المباركة قيد البحث-وهي جزء من سورة الروم التي اتخذت اسمها من هذا الحدث- وقع ما تشير اليه الآيات خلال اقل من عشر سنين(3). وكانت الآيات الشريفة واثقة من ان ذلك سيقع في غضون تلك الفترة.

        وكان في تلك الحادثة ان ألحق الفرس بقيادة ملكهم سابور هزيمة ساحقة بالبيزنطيين(الروم)، مما مكن الفرس من الاستيلاء على بلاد الشام وما جاورها من شمال الجزيرة العربية التي كانت قبل المعركة خاضعة للبيزنطيين. وقد اُرغم هرقل ملك الروم للتراجع حتى انحسر نفوذه على حدود عاصمته القسطنطينية(4).

     ويروى عن الامام الباقر(ع) انه قال ان النبي(ص)ارسل رسولين لتبليغ الرسالة، احدهما الى قيصر الروم والآخر الى ملك الفرس، فعاد الأول معززا مكرما مع بعض الهدايا، في حين قتل الثاني. وكان أمر الله جزاء لذلك ان جعل النصر لقيصر الروم على ملك الفرس(5).

        كان القرآن الكريم في تلك الفترة يتنزل على الرسول الكريم(ص)، اذ كان الصراع في مكة بين المؤمنين والمشركين. أحزن أمر انهزام البيزنطيين المسلمين كثيرا، باعتبار ان الروم هم من الكتابيين وهم الاقرب للمسلمين. وفي الجانب الآخر، فرح المشركون.

        وتكمن المعجزة في ان الروم كانوا في أشد حالات الضعف، لكن القرآن تنبأ في أنهم سينتصرون خلال فترة وجيزة-بضع سنين. ولم يقتصر الأمر على زمن النصر, بل وحتى ذكر المكان الذي ستتم فيه المعجزة.

        في الآيات المذكورة هنالك اربع معجزات:

1.    مكان المعركة: وقد وصفت الاية ذلك المكان ب-ادنى الارض. والصفة(ادنى) تعني اما (اقرب) أو (أخفض). والمعنى الأخير كان هو الأنسب في نظر المفسرين قبل ان يأتينا العلم الحديث ليقول ان المكان الذي حصلت فيه ( معركة مجدو) هو أخفض نقطة على سطح الأرض. وتقع هذه البقعة قرب البحر الميت، المستمر بالانخفاض عن سطح البحر. وكان أنذاك بعمق 390 مترا عن سطح البحر. اما الآن فهو منخفض بمقدار 414 مترا(6).

2.    الوعد الاعجازي بالنصر:. فقد تحقق ذلك في معركة ايسوس عام 622 م. ثم ان المعركة انتقلت الى بلاد فارس عام 624م.

3.    زمن الانتصار:  وقد حدد القرآن الكريم ذلك في(بضع سنين). وكلمة (بضع) تعني في اللغة العربية أقل من عشرة. وقد حدث ذلك في تسع سنين بالتحديد.

4.    يوم فرح المؤمنين: وقد كان ذلك فعلا لأنه تزامن مع انتصار المسلمين في معركة بدر الكبرى في عام 624م. كان المسلمون عند نزول هذه الآيات محاصرون في شعاب مكة، وملاحقون من اعدائهم.

كيف كان لمحمد-الرجل الأمي-ان يتوقع كل ذلك؟!!! لا شك انه من لدن عليم خبير.

 

(1)           الموسوعة العربية الميسرة الطبعة الثانية 2001 ( ص 2297).

 

(2)            موسوعة المورد الطبعة الثانية  1991المجلد السابع (ص 38)

(3) الباقر، صاحب ناصر سعيد  1381 هــ ش علوم القرآن في آيات الرحمن، قم: دار التفسير. (ص 190).

(4) عرفات، محمد مختار،  2007 اعجاز القرآن في العلوم الجغرافية، دمشق: دار اقرأ. (ص 84).

  (5) علي، مير احمد، ترجمة القرآن 1988 (ص 1206).

 (6) عرفات، المصدر السابق (ص 86).

                                 د.حميد حسون بجية

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد حسون بجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/26



كتابة تعليق لموضوع : أربع معجزات في أول سورة الروم المباركة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net