لا قيمة لأي اتفاق سياسي يخالف بنود الدستور العراقي
اياد السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يبدو أن مشروع قانون النفط والغاز الذي أقرته الحكومة العراقية سيكون القشة التي قصمت ظهر البعير , فمشروع هذا القانون الذي رفضته حكومة إقليم كردستان عجّل بالمواجهة الحتمية بين بغداد وأربيل , هذه المواجهة التي أراد السياسيون تأجيلها كلّ هذه الفترة منذ سقوط النظام الديكتاتوري وحتى هذه اللحظة .
فملفات الخلاف بين بغداد وأربيل هي سببا وجيها للمواجهة بين كل الكرد من جهة وبين باقي أطياف الشعب العراقي من جهة أخرى , و عنوان هذه المواجهة العريض هو الوطن وهوية هذا الوطن , فالكرد المتطلعين للانفصال وبناء دولة كردستان الكبرى سوف لن يهدأ لهم بال حتى يتمكنوا من ضم كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها والغنية بالبترول إلى إقليمهم , وهذا ليس اتهام لهم فقد طالب مسعود البارزاني رسميا في مؤتمر الحزب الديمقراطي الكردستاني الأخير بحق الأكراد في تقرير مصيرهم .
كما إن الواقع الفعلي لهذا الإقليم الكونفدرالي يحتم هذه المواجهة عاجلا أم آجلا , فلا يمكن لأي حكومة أن تقبل بهذا الوضع الشاذ وغير الدستوري والمخالف للمنطق , فأي نظام اتحادي هذا الذي يقبل أن تقوم حكومة محلية بإبرام اتفاقات وعقود مع شركات عالمية دون علم وموافقة الحكومة الاتحادية ؟ وأي نظام اتحادي هذا الذي يقبل أن يكون للإقليم جيش وأجهزة أمنية خارج إشراف وسيطرة الحكومة الاتحادية ؟ وأي نظام اتحادي هذا الذي يجيز لرئيس الإقليم أن يبرم الاتفاقات السياسية والاقتصادية مع دول العالم ومن دون حتى إشعار الحكومة الاتحادية ؟ فالمواجهة التي تحدثنا عنها واقعة لا محالة سواء كان سببها مشروع قانون النفط والغاز أو المادة 140 أو الفيدرالية وصلاحيات كل من الإقليم والمركز .
والنواب الأكراد يتحدثون اليوم عن اتفاقات سرّية تم توقيعها بين القادة الثلاث نوري المالكي وأياد علاوي ومسعود البارزاني في أربيل قبيل تشكيل الحكومة الحالية , وهم يهددون بكشف هذه الاتفاقات في حالة عدم تطبيقها , ولا اعلم إن كان القادة الكرد يعلمون أو لا يعلمون إن آي اتفاق سياسي يخالف الدستور العراقي لا يساوي عفطة عنز , ولا يساوي حتى ثمن الحبر الذي وقعت فيه هذه الاتفاقات , إن كانت هنالك اتفاقات حقا .
وإذا كان السيد مسعود البارزاني جادا في تهديداته وعنتراياته فالأولى به أن يهدد بإعلان الانفصال والاستقلال إن كان قادرا على ذلك .
ونحن بدورنا نسأل السيد مسعود ونقول له ألم يكن إقليم كردستان إقليما مستقلا على أرض الواقع ؟ فلماذا لا تجرؤ على التهديد بالاستقلال ؟ ومتى يدرك السيد مسعود البارزاني وباقي القيادات الكردية أن كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها هي أراض عراقية ولا احد يستطيع سلب هويتها العراقية , كما ولا يمكن ضمها لا لإقليم كردستان ولا لأي إقليم آخر ؟ ثم ألم يوافق القادة الأكراد على الخط الأزرق الذي رسمه مجلس الأمن الدولي لهم بعد حرب الخليج عام 1991 ؟ . ومن يعتقد أن له حقوقا في كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها فليذهب لمحكمة العدل الدولية ويطالب بهذا الحق بعد أن يعلن الاستقلال , فمحكمة العدل الدولية لا تنظر في النزاعات الداخلية للبلدان .
وبمناسبة الحديث عن حق تقرير المصير الذي يطالب به السيد مسعود البارزاني وحكومته وحزبه , فالسيد مسعود يعلم جيدا إن العراقيين خاصة والعرب عامة لم يكن لهم يد لا من بعيد ولا من قريب في ضياع الحق الكردي في تقرير المصير , ويعلم جيدا إن بريطانيا العظمى وفرنسا وتركيا هم من تسببوا في ضياع هذا الحق في مؤتمر لوزان , ويعلم جيدا إن أكراد العراق هم الذين قرروا الانضواء تحت لواء الدولة العراقية وذلك في الاستفتاء الذي أجرته عصبة الأمم المتحدة في شهر كانون الأول من عام 1924 , ويعلم جيدا إن حلم بناء الدولة الكردية هو حلم في مخيلة الشعراء الحالمين فقط كما عبر عن ذلك جلال الطالباني .
كلمة أخيرة لرئيس حكومة إقليم كردستان وكل القيادات الكردية , الشعب العراقي غير معني باتفاقاتكم السرّية و إذا كانت هذه الاتفاقات قانونية ولا تتعارض مع الدستور فلماذا أبقيتموها سرية ؟ ولماذا لم تعلنوا عنها في حينها ؟ ولماذا لا تعرضوها على المحكمة الاتحادية العليا للبت في مشروعيتها ؟ أليس من صلاحيات هذه المحكمة البت في الخلافات التي تنشأ بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية ؟
الدنمارك