كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

هل نترك المستقبل مساحة للتناحر والخسارات المضافة ؟

لو اعدنا السؤال القديم : ايهما اكثر اهمية صانع الشيئ ام الشيئ نفسه وقلنا : ايهما الغاية - وايهما الوسيلة : الانسان - ام مايدل عليه ...؟ 

تتذكرون ان الدكتور علي الوردي لم يدافع عن (السفسطة ) بصفتها كلاما ينقصه المعنى او مضيعة للوقت بل دافع عنها بصفتها هوية تدل على صانعها.

فالانسان بمعزل عن لغته و طريقته في الكلام - الكتابة وما يتضمنه من دلالات ورموز واشارات لا يعني اكثر من كيان ككل الكيانات المعزولة وغير النافعة وغير الجميلة ومفهوم ( النافع ) هنا ليس القابل للتداول / والاستهلاك بل النافع الذي تتمثل فيه دلالات الحياة ومعناها بالدرجة الاولى ، فالحرية لا تعرف الا عندما تأخذ مجالاها في التطبيق بين الكائنات حرة من ناحية ، وبين كائنات تعمل على حمايتها من الانتهاك من ناحية ثانية .

ولنتقدم خطوة ولنتأمل التصريحات والوعود والمواجهات الساخنة .... التي مازالت تشغل الرأي العام و نتوقف عند : النافع / الصادق منها .... اي الذي يسمح لنا بأجراء مقارنة بين الكلام - و بين التطبيقات ... فما الذي نستدل عليه بعد دراسة ظاهرة حافظة على تكرارها منذ قرون ، ومنذ عقود ... و قد آن لنا ان نتوقف عندها ، و نسأل : ما الذي يجعلها عنيدة بهذا الشكل مع الحفاظ على اتساع الفجوات بين ( التصريحات ) و تطبيقاتها العملية ... علما ان عوامل الخروج من الازمات متوفرة على نحو لا يقبل الجدل : وفرة الموارد بمختلف اشكالها وتنوع الطاقات والمهارات ايضا ...! 

فلماذا ومنذ قرون والمصادر التاريخية زاخرة بالشواهد و الاسماء وبالتضحيات و الخسائر لا تترك اي حقبة للاخرى الا ما تعمل على اغفاله او هدمه و عدم التوقف عن دراسة الاسباب - و نتائجها او عدم دراسة المقدمات بنهاياتها ....؟ 

فهل الانسان اقل اهمية بما يصنعه ، بعد ان ورثنا عبر الزمن ما لا يحصى من الاحزان و الجراحات بينما نجد الكثير من دول العالم القريبة او البعيدة قد غادرت دوامة تبادل اسباب عدم التقدم ، و شرعت بصياغة برامج تحولت فيها مكوناتها الى عناصر ايجابية ، في معالجة الازمات و مغادرتها بعد ان منحت الانسان بعدا لن يذل فيه او ينتهك او يصبح فائضا ... ولا ضرورة الى تكرار : تبادل الاتهامات و التلويح بما هو ، اكثر من ذلك بترك المستقبل مساحة للتناحر والخسارات المضافة ..!

طباعة
2017/05/13
2,138
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!