بالوثائق: نجيب الصالحي من مناهضة الدكتاتورية الى مذبح التهميش والإقصاء
محمود حمد النصرالله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ثمة حالة مستهجنة من الإقصاء برزت على الساحة السياسية في فترة مابعد سقوط النظام تجسدّت في تنكر المواقف الواضحة لرجال شجعان ووطنيين ضمن مسيرة النضال ضد النظام الدكتاتوري، رافق حالة التنكر والإقصاء محاولات إستهداف خطيرة دأب عليها المتسلقون الى السلطة في سياق نقمتهم من التاريخ النضالي للرموز الوطنية التي وقفت في وجه صدام علانية بأسمائها وعناوينها الصريحة والتي لاتزال تحث الخطى معلنة الحرب على الفساد في إطار سعيها لتعزيز الحياة الديمقراطية في العراق.
والمثال الحي على ماسبق، السيد نجيب الصالحي والذي لم يكن أداة طيّعة بيد النظام السابق بل كان يؤدي مايمليه عليه ضميره الوطني ضمن أجواء خطرة وبالغة التعقيد آنذاك في سعيه للتغيير من الداخل، وهكذا كانت مواقفه الوطنية من الإنتفاضة الشعبانية 1991 وحمايته لثوارها، ومن جانب آخر بدا ذلك جليا أيضاً في البحث المقدم من قبله الى جامعة البكر والذي سبق إلتحاقه في المعارضة العراقية 1995، حيث تناول (الفساد الإداري) في المؤسسة العسكرية متخذا من الجيش نموذجاً لأجهزة الدولة الأخرى وكما في الوثيقة رقم (1) 1992. ولاشك أن الشخص الذي تصدى في فترة الدكتاتورية للحديث عن مواضيع حساسة كالفساد الإداري لن يقف موقف المتفرج مطلقا حيال انحراف العمل المؤسسي عن مساره الإصلاحي في العراق الجديد. لذا أسوة بجميع الحريصين لم يتردد عن تشخيص مظاهر وأنواع الفساد الإداري وتشخيص الفاسدين وإقتراح المعالجات الجادة للحد منه في مفاصل الدولة عموما والمؤسسة الأمنية على وجه الخصوص. ومن هنا بدأ التصعيد والإستهداف الشخصي للحيلولة دونه ومواقع المسؤولية التي يستطيع من خلالها تفعيل رؤيته لبناء الدولة عموما وإصلاح المؤسسة الأمنية وعدم تجزئتها (حزبيا- محاصصاتيا) في العراق الجديد.
بدأ الإستهداف للصالحي بالتصاعد بأشكال استفزازية ومنذ عام 2006 بدءً بسحب حمايته الخاصة. ورغم الأمر الصادر من القائد العام بعكس ذلك، ألا أن وزير الدفاع قد تمادى آنذاك لأكثر من تعريض حياته الى الخطر، بل في محاولة بائسة منه أمر بتخفيض رتبة الصالحي من فريق ركن الى لواء ركن وكما تشير الى ذلك الوثيقة رقم (2) في 2008، ولكن الرد الحازم للجنة التحقق في مجلس الوزراء حال دون تنفيذ أمر الوزير الذي يفتقد الى أي سند قانوني وكما تشير الى ذلك الوثيقة رقم (3) في 2008.
لم تسند للفريق الركن نجيب الصالحي أي وظيفة عسكرية ، فقد بقي في قسم المفصولين السياسيين (محكوم بالإعدام 1996 من قبل النظام السابق) مستمراً في التأشير العام على مواطن الخلل الاداري في المؤسستين الأمنية والعسكرية، ولكنه ما أن تطرّق الى تشخيص الفاسدين و وضع النقاط على الحروف، عمد وزير الدفاع الى تقديم مطالعة لرئيس الوزراء عبر مدير مكتب القائد العام يطالبه بإحالة الصالحي الى المحاكم العسكرية نتيجة إنتقاده لكل من ظاهرة الفساد الإداري والمحاصصة الحزبية في توصيف الوزراء الأمنيين وكما في الوثيقة رقم (4) في 2009. وقد جاء أمر القائد العام بالتوجيه باستقالة الصالحي ليكرس الإقصاء والإستهداف عندما لم يتدارك التداعيات المادية والمعنوية لقرار الإستقالة.
أن أمانة حركة الضباط والمدنيين الأحرار التي أسسها السيد نجيب الصالحي عام 1996 قد رافقت إسمه كونها جزء من إرث نضالي تصدى من خلاله لمحاربة الدكتاتورية وبقي عنواناً سياسياً يلازمه بعد أن أدّت الحركة واجبها الوطني في المشاركة مع قوى المعارضة لتغيير النظام ورفد المؤسسة الأمنية في العراق الجديد بالخبرات والأشخاص. ورغم أن (العنوان السياسي لم يعد قائماً اليوم)، ولكن وزير الدفاع (الذي تسلل من خلال ذات الحركة لوزارة الدفاع) قد أتخذ منه ذريعة للمطالبة بإحالته الى المحاكم العسكرية! أو الإستقالة من عنوانه الوظيفي (فريق ركن). وكما تشير الى ذلك الوثائق رقم (4) والأخرى رقم (5).
- أهكذا يُجازى الوطنيون يا سيادة المالكي (رئيس مجلس وزراء العراق الجديد)؟
ألم يلتحق السيد نجيب الصالحي بالمعارضة من موقعه الوظيفي (قائد فرقة) برتبته وملابسه العسكرية وحمايته الخاصة عام 1995، مسجلا بذلك سابقة لأول ضابط ركن بمنصب رفيع يعلن موقفه الرافض للنظام ولم يكررها أحد بعده!... وإستمر نضاله السياسي بوتائر متصاعدة لحين اسقاط النظام عبر القنوات السياسية والاعلامية والسرية، فضلا عن مواقفه الوطنية الموثقة في حماية ثوّار الإنتفاضة الشعبانية 1991 جنوب العراق، وتوثيقه المتميز لأحداثها في كتابه الشهير (الزلزال)؟. ألَم يبقى الرجل محتفظاً بثوابته ومبدئيته رغم كل هذا الإقصــاء والتهميش وحتى اليوم؟ ... أتساءل أليسَ هناك قيم ومقاييس واضحة لنوعية الرجال التي ينبغي اعتمادها في بناء وإدارة مؤسسات الدولة؟ ولاندري كيف يتفق، وماهو المبرر الموضوعي لأصحاب القرار اليوم وهم كانوا قادة معارضة سابقون على وضع شخصية نجيب الصالحي بخصائصها المعروفة تاريخيا وسياسيا ومهنيا بموازاة من التحقوا بالركب بعد 2003، أو دون ذلك!!؟
- أهكذا تـُحارب الكفاءات يا قادة الكتل السياسية في (التحالف الوطني، القائمة العراقية، التحالف الكردستاني).؟
ألمْ يكن السيد نجيب الصالحي الرجل المتخصص بالعلوم العسكرية بأعلى تخصصاتها، والمتصدي لتشخيص الفساد الاداري في النظام السابق وفي العراق الجديد؟ وهو الشخصية الجامعة بين العلوم العسكرية والعلوم الإدارية (دبلوم عالي)، يضاف إليها العلوم الإجتماعية بحصوله على شهادة البكلوريوس في علم الإجتماع؟... ألم ينتخب رئيسا للجنة حقوق الجيش والكيانات المنحلة 2007 ليضع مع آخرين الأسس السليمة لكل ما أنجز لاحقاً.؟ أم ان الإستقلالية والمهنية واللا حزبية جرماً يستحق عليه صاحبه العقوبة بالتهميش والإقصاء وحتى قطع الأرزاق، أم أن السلطة قد أفسدت الكثير من الضمائر وبشكل فاق كل التوقعات؟
الوثائق المرفقة:
- الوثيقة رقم (1) تشير الى دراسة ميدانية تحليلية للفساد الإداري في القوات المسلحة عام 1992
أو
- الوثيقة رقم (2) تشير الى الأمر الوزاري رقم (736) 2008 والذي إستهدف تخفيض رتية الفريق الركن الصالحي الى لواء ركن.
أو
- الوثيقة رقم (3) تشير الى الرد الحاسم للجنة التحقق الذي عارض الأمر الوزاري غير القانوني أعلاه
أو
- الوثيقة رقم (4) تشير الى المطالبة بتقديم الصالحي الى المحاكم العسكرية بسبب تشخيصه الفاسدين
أو
الوثيقة رقم (5) قرار إستقالة الصالحي من وظيفته العسكرية-
أو
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
محمود حمد النصرالله

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat