الخاتون مس بيل ... 4
محمد عبد الهادي جسام
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد عبد الهادي جسام

المس بيل ( غرترود ) بعمر 26سنة


بيت غرترود في بريطانيا
وكان يسمى ( المنزل الأحمر )
بعد أن أتمت غرترود متطلبات دراستها في كلية الملكة
اقترح أستاذها ( كرامب ) على والدها
أن يرسلها إلى جامعة أكسفورد لدراسة التاريخ الحديث
وبالفعل دخلت ( كلية الليدي مارغريت ) عام 1886م
وكان عمرها 18 سنة
ومن البداية أظهرت همة عالية وإرادة فولاذية
واستطاع الطلاب تمييزها
في التفوق عليهم لما تتمتع من حيوية كبيرة وثقة بالنفس
ومقدرتها في القول والفعل
واستطاعت التفوق على الجميع
من خلال تخصيص سبع ساعات يوميا للدراسة والمطالعة
ورغم هذا الجهد المضني
لم تكن غرترود انطوائية بل كان لها الوقت الكافي لمشاركة زملائها في حضور المناقشات العلمية
ومشاركتها في الفرقة المسرحية للجامعة
ولعبت دور ( بورشيا ) في مسرحية ( تاجر البندقية )
للكاتب الشهير وليم شكسبير
ومن أفضل هواياتها
السباحة والتنس والمبارزة والتنزه وغيرها .
وأبرز صديقة لها ( جانيت هو كارت )
وهي شقيقة ( ديفيد هو كارت )
الأثري والسياسي والمستعرب الشهير
الذي لعب دورا بارزا
في الشؤون العربية إثناء الحرب العلمية الأولى
من خلال ترأسه المكتب العربي في القاهرة .
وتروي غرترود في مذكراتها
عن أداء الامتحانات النهاية للتخرج من الجامعة
أن أحد الأساتذة الممتحنين
سألها عن مدينة ألمانية
قال عنها أنها تقع على الضفة اليسرى من نهر الراين
ورغم أنها لم تذكر أسم المدينة
أو مضمون السؤال
قالت للأستاذ :
(( أنا آسفة
ولكن المدينة تقع على الضفة اليمنى للنهر
وأنا أعرف ذلك لأنني كنت هناك ))
فما كان من الممتحن
إلا إحالتها إلى ممتحن آخر
دون أن يتلفظ بكلمة واحدة .
ونالت غرترود التفوق
وحصدت ثمار جهدها المتميز
لتكون أول فتاة تحصل على درجة الامتياز على مستوى الجامعة .
وبعد انتهاء دراستها الجامعية
أظهرت ولعا واهتمام كبير بالرحلات
والاطلاع على الآثار
والحياة الاجتماعية في أدق تفاصيلها
وقامت برحلات إلى الدول الأوربية والمشرق العربي
وسجلت في مؤلفاتها
العديد من القضايا التي تخص المنطقة
التي تزورها
ورغم أن ظروف غرترود
لم تكن تسمح أو مناسبة للقيام بتلك الرحلات
لانشغالها في تدريس أشقائها الصغار
من أبيها
والمطالعة وحضور الندوات
والحلقات الدراسية التي تقيمها
بعض الجمعيات والاتحادات الثقافية
وكان حضورها له أثر كبير في توسيع سعة مداركها الثقافية
ويذكر أن أول رحلت لها
كانت زيارة ألمانيا عام 1887م
أثناء دراستها في جامعة أكسفورد
وقضت بعض الوقت مع إحدى العائلات الألمانية .
وفي نهاية عام 1888م ذهبت مع والدها إلى باريس
وفيها افترقت عن والدها
واتجهت إلى رومانيا لتحل ضيفة
على عائلة ( فرانك لاسيلز )
الوزير البريطاني المفوض في بخارست
وهذه العائلة ترتبط بعائلة غرترود بصلة القربى
لأن زوجة الوزير فرانك
هي شقيقة ( فلورنس ) زوجة والدها .
وفي بخارست التقت العديد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية من البريطانيين والأجانب
وعمقت صلاتها معهم
ومن أبرز الشخصيات التي تعرفت إليها
ملك رومانيا كارل الأول
وزوجته الملكة اليزابيث
التي اشتهرت باسمها الأدبي ( كارمن سلفا )
وزارت مدن رومانيا لغرض الاطلاع على معالمها الاثارية وكنائسها فهما وتقويما غير اعتيادي
للفن المعماري الروماني .
وبعدها توجهت غرترود إلى تركيا
وكانت معجبة جدا بمدينة اسطنبول
ومن ثم عادت إلى لندن .
في عام 1892م توجهت إلى بلاد فارس
وكان لها الأثر العميق في قلبها
وبعد عام ذهبت إلى الجزائر مع والدها
لزيارة عائلة عمها ( جون بيل )
التي كانت تقيم في قصر لأحد المسؤولين السابقين ......
وقد أعجبت غرترود بالهندسة المعمارية لهذا القصر .
ومن الجزائر عادت إلى فرنسا
ومنها إلى سويسرا
ثم إلى ألمانية لزيارة شقيقها من أمها ( موريس ) .
وفي عام 1894م ذهبت إلى إيطاليا
وزارت ميلانو وسانتا ماريا
التي شاهدت فيها لوحة ( العشاء الأخير )
التي رسمها ( ليوناردو دافنشي )
[url=http://iraqkhair.com/up/uploads/images/domain-fd168657a9.jpg][img]http://iraqkhair.com/up/uploads/images/domain-fd168657a9.jpg[/img][/url]
وكتبت عن هذه اللوحة :
(( أنها قديمة وبالية جدا
تتدلى من جدران غرفة قديمة منعزلة ...
أما شخصية المسيح المسالم
وقد بان الأسى
بثقله على جفنيه
إذ كانت تبرز أمامنا دون تقديس عجيب
بين جماعتين من الحواريين
تضغطان هنا وهناك
دهشة متآمرة ومحتجة ))
وهي بذلك تتحول إلى ناقدة فنية
لأعمال كبار فناني عصر النهضة الأوربية .
إلى حلقة أخرى
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat