صفحة الكاتب : افنان المهدي

تأمل على عجالة 2⃣
افنان المهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
(كل شيء لا يحسن نشره أمانة، وإن لم يُستكتم) أمير المؤمنين "ع"
 
في هذه الكلمة المقتضبة لمن كلامه عليّ الكلام، يطرح الإمام "ع" قيمة أخلاقية عالية قد لا يلتفت لها البعض في تعاملاتهم وتعاطيهم مع الآخرين. 
 
هذه القيمة، هي الأمانة، لكن ليس بالمعنى المشهور المتعارف، إذا أؤتمن يؤدي الأمانة، وإذا لم يؤتمن فينشر !
 
المعنى أدقّ من ذلك بكثير، فهو "ع" يشير إلى أن كل شيء من  (ألفاظ العموم) لا يحسن نشره، ليس لأن فيها ضرراً أو أذى أو خطراً  لمن يُنشر عنه يعتبر أمانة وإن لم يُطلب كتمانه! 
 
المعنى أكبر من ذلك، فالمطلوب هو عدم نشر أي شيء لا يحسن نشره. 
وهذا فيه من الدّقة ما فيه، فيتطلب هذا السلوك، إلماماً كبيراً ومعرفة عميقة بالفضائل وبالأمور التي لا يحسن نشرها، 
لأنه إضافة لما سبق، فهو في حدّ ذاته تشخيص لفضيلة لم يرد أمر شرعي بها ولا نهي شرعي عن ضدها في مداليل ألفاظ الرواية الآنفة، 
وهذا التشخيص لن يتأتى إلا لمن أعدّ مقدمات من العلم والمعرفة والدراية والفهم وغيرها من الآليات المعينة على التشخيص.
 
وهنا - إن جاز لنا - طرح تساؤل قد أثاره بعض العلماء وقد طُرح في بعض المدارس الغربية وهو سؤال ديالكتيكي (جدلي). 
 
هل الأصالة للدين أم للأخلاق ?!
بتعبير آخر، هل الدين مصدر الأخلاق?! 
 
أم الأخلاق مصدر الدين ?!
 
في الحقيقة، ثمة ثلاث نظريات تجيب عن هذا التساؤل .
 
1. نظرية التباين:  مؤداها أن الدين والأخلاق مقولتان متباينتان، ولكل منهما مساحته المستقلة، حيث لا يوجد ارتباط منطقي بينهما، وتلاقيهما اتفاقي تماماً.
 
2. نظرية الاتحاد: مؤداها أن العلاقة بينهما من نوع العلاقة العضوية، كما بين الجزء والكل، وليست مساحة الأخلاق بمعزل عن مساحة الدين. 
 
3. نظرية التعاطي:  لكل من الدين والأخلاق هويته المستقلة، لكنهما مرتبطان بعلاقة تعاطٍ وتبادل، أي كلاهما يحتاجان لبعضهما بعضاً من وجوه معينة.
 
وما نراه الصحيح من النظريات هي الأخيرة، فكم من الأخلاقيات والسلوكيات المحمودة، المُجمع عليها من كافة العقلاء، كانت  موجودة قبل أن يأتي الدين، وهذا ما يطلق عليه في علم الكلام ب (قاعدة الحسن والقبح العقليين)، إضافة لقول النبي الأكرم "ص" الذي يؤكد هذا المعنى ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
 
 فلفظة أتمم تفيد بأن ثمة أخلاقاً أصيلة ومتأصلة كانت موجودة وقد بعثه الله عز شأنه ليتمم ما كان موجوداً، ويضيف أخلاقاً وسلوكيات جديدة، إضافة للشواهد والوقائع في الوقت المعاصر،
 فكم من ذي خلق ليس متديناً،
 وكم من متدين بعيد كل البعد عن الخُلق !

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


افنان المهدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/25



كتابة تعليق لموضوع : تأمل على عجالة 2⃣
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net