(حسن النية) عبارة يشترك فيها بنو آدم لاسيما الذي يشرع منهم في عمل ما سواء أكان يدويا أم فكريا! ولاغنى عن اتخاذها نقطة مثابة للانطلاق من أساساتها الى نجاحات وتفوقات تأتي أكلها كمحصلة نهائية في ذاك العمل فرديا كان أم جماعيا!. أما الفردي فعاقبة سوء النية في بداية الشروع به تعود بالدرجة الأساس على الفاعل والقائم بالعمل، إذ هو يحصد مازرعه ويجني مابذره، وقديما قال الحطيئة:
من يزرع الخير يحصد ما يُسَر به
وزارع الشر منكوس على الراس
أما العمل الجماعي فحسن النية فيه يأخذ منحى ثانيا لاسيما من قبل الأشخاص الذين يترأسون مجموعة او مجاميع عدة، فعاقبة تخطيطاتهم في حال سوء النوايا، يتحمل وزرها الباقون دونما ذنب اقترفوه، سوى أنهم مرؤوسون من قبل أشخاص سودتهم الصدفة في غفلة من الزمن، بمناصب سيادية على تلكم المجاميع لم يكونوا يحلمون بالوصول اليها يوما. وما أظن كلامي هذا مشفرا، فالقصد منه الساسة والمسؤولون في سدة الحكم ممن توضحت نواياهم السيئة وطفح ماكانوا يبطنونه من شر تجاه العراق والعراقيين. وحين أدركوا حقيقة ان العراق لايقبل القسمة إلا على العراق وحده، ارتأوا ان يقسموه بمساعدة أسيادهم في الخارج فوضعوا نصب أعينهم العملية السياسية والدستور والحكومة ورئيس الحكومة، واتخذوها هدفا يتوسلون كل الأسباب للنيل منها، فرادى أو مجتمعة، لتحقيق مآربهم، وهم بهذا أثبتوا سوء النية ورخص الضمير وانعدام الشرف. وعلى هذا، فحسن النية لايأتي من عبث التصورات وطيش الأهواء وتشتت الأهداف، وليس له مكيالان لفرز الأعمال وتوزيع النوايا بحَسَنها وسيئها عليها، فجميع الأعمال تخضع لمكيال واحد أساسه النفس الإنسانية وما اكتسبت من طبائع وأخلاق ترعرعت عليها، فان كانت سوية وسليمة وُلِدت النوايا صادقة وهادفة كيفما كان نوع العمل ومهما تشعبت وتوسعت رقعة المستفيدين منه والمنتفعين بنتاجاته.
في ظرفنا الراهن بات العراق بحاضره ومستقبله يتأرجح بين أيادٍ تعددت فيها النوايا بتعدد الشخوص والدول التي وضعت نفسها موضع شرطي المنطقة، وعلى وجه الخصوص الدول الإقليمية الثلاث؛ تركيا والسعودية وقطر، التي لا يغمض لحكامها جفن إلا وفي العراق فتيل يشعل النار بشكل او بآخر، أولها فتيل الطائفية الذي يتفنن أنصاف الوطنيين من داخل العراق باتباع طرق عدة لتأجيجه، وبدافع من سوء نواياهم يتم اختيار مناطق ومدن في العراق فيها نفر من عراقيي الهوية يعبدون المناصب والدولار لاغير، فيجدون في نفوسهم المرتع والمربع الخصب لزرع بذور الفتنة، بعدما كان في نفوسهم مرض هيأ للغادي والرائح أرضية جاهزة، لتفريغ حمولات الفتن بأنواعها، وما يعاني منه العراق اليوم من شرور داعش وضياع أراضينا تحت أقدامهم، إلا نتاج تلك النفوس التي فسحت المجال واسعا، وفتحت الأبواب على مصاريعها أمام شراذم أتوا من آفاق مظلمة، ودهاليز معبأة بالتخلف والجهل والتخريف. فبالنية إذن، تعمر البلاد وتخرب، وبالنية نعيش مرفهين، وبها أيضا يسوء حالنا ويتداعى الى مالاقائمة تقوم لنا بعدها، فالنية النية ياساسة العراق! فهل نسيتهم ماقاله نبي الرحمة (ص): “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى “.
aliali6212g@gmail.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat