يعد الحراك فعلا حداثويا محفزا لجميع مكونات النص عبر العديد من المساعي الاشتغالية للمكون النصي، لايتقيد في الأطر الشكلية، وانما المضمونية ايضا .. لكونه يفتح ابعادا متعددة .. وتجربة الشاعر (نبيل نعمة الجابري) أمتلكت الكثير من الصياغات الحراكية .. كالحراك الزمني .. ( الساعة ، دقائق ، ثواني ، الصبح ، النهار ، ، الوقت ، العمر ) وجميع هذه المفردات الزمانية وردت في قصيدة واحدة وتكون اساسا مكونا ولودا لأشتغالات شعرية
( أخال بأن العمر سيساقط مطرا ... تعشب به نهارات اللقاء ) كما نجد الكثير من التراكيب الشعرية مثل ..
( اصابع الوقت ، جمر الأيام ، فانوس النهار )... فنقرأ
( انا أغماضة الليل بعين الشمس ,, وتلويحة الفجر بلون الصبح )
الزمان هنا هو زمان نصي، تابع لشعرية النص، فتلويحة الفجر هي تلويحة فجر (نبيل الجابري) ... كما نجد هنا تداخلات زمانية مكانية يتحول فيها الزمان الى مكان والمكان الى الزمان .. وهذا هو حراك يشيّد الفضاء الشعري .. افقاً مفتوحاً لتحريك المتخيل ... وهو تلوين مشهدي للجملة ..
( الساعة اعلى السارية ..
تلتهم دقائق الصمت ..
بعنف
تنوء بخطواتها العارضة
دروبا رسمتني اذرعا للثواني )
ويعد الزمكاني هو الزمن المطلق .. لكونه يحتوي على حيوية زمانية ... مكانية ...
أيضا بضمن مساعي الحراك الشعري للشاعر الجابري، الاشتغالات الشعرية المتناصة مع القرآن الكريم، تارة شكلا، وتارة مضمونا.. فمثل هذا الفعل الابداعي يمنحنا معان متوالدة في الذاكرة الحية .. أي مرتكزة على المؤوّل الجمعي.
التناص الشعري هو الاخر مهيمنة متلازمة في شعر الجابري كونها وسيلة ترفع عن كاهل القصيدة اعباء المباشرة .. علاقات قائمة بين نصين .. فنجد اغلب الرموز القرآنية مثل ..
(يوسف / آدم / سليمان / يعقوب / قابيل / بلقيس)
ترتكز على حيثيات المنشأ القرآني لكن استثمارها بمسحة توليدية أستنتاجية يعطيها قراءة جمالية أخرى .. كما وجدنا الاشتغال على بعض المفردات القرآنية من مثل:
(الآيات / قميص)
وبعض الاشتغالات الانزياحية الفظية من مثل:
(فيرجع الصوت كرتين)
ولذلك يتراوح الاشتغال الشعري بين الدلالي ـ الرؤية ـ التشكيل ـ الصياغة ـ طريقة التوظيف .. وللتناصات القرآنية حراك آخر نحو تقنية القناع .. هي عملية استدعاء رموز التناص ـ صوت متمازج متفاعل ... ينصهر بين الشاعر والرمز فيكون صوتا مغايرا يشيع من القصيدة جوا ابداعيا ..
( عيناي ابيضتا ... من التحديق بوجه الليل ,,
وقميص أبي ..
عيون تحاصرني بمخاض مؤجل ..)
ومن مميزات الحراك في تجربة الشاعر (نبيل الجابري) استثمار اللغة لصالح عملية التخييل والتي تمدنا بالانزياحات .. وهي صور مكثفة ولغة حلمية تكشف عن رؤيا تتوهج بها المخيلة ويرى بعض النقاد .. ان الانزياح معيار شعري يقيم به شعرية القصيدة النثرية
(خراب أحدثته السجائر برئة الكتابة )
او نقرأ
(ألتقط ما تبقى من مطر التنهدات
وأستبيح الحزن)
وهناك الكثير من الانزياحات التي تأخذنا الى تصادم الحواس .. الى لغة تضادية سعيا لجعل الايحاء دلالي .. والتضاد عند الشاعر الجابري بحث عن العمق المعنوي للجملة
( ا ل
ص
و ر
ة
كلما لاحت لي
أجدني القابل من أيامي)وتعتبر مثل هذه اللغة اغرائية للتلقي للدخول الى عمق النصوص وازداد سعي الشاعر بتوليد مثل هذه الابداعات التي تخلق الحراك المطلوب كأستحضار الاعداد ..
( وطرقت حكايا الغيمات
1... 2.. 3...4 ..) حملتني الغيمة في لج الوقت )
ولذلك ارى ان مسعى الشاعر (نبيل نعمة الجابري) مسعى من المساعي المبدعة والتي كانت حلما يتمخض عبر سنوات معرفتي به ..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat