"الدبّور" الذي إغتال مصطفى بدر الدين

 بعد أعوامٍ طويلة دفعت فيها إسرائيل بكل قوتها من أجل إغتيال مصطفى بدر الدين إعلامياً، نجت أخيراً بإغتياله جسدياً، وإن كان ذلك عبر "مدفعية المسلحين" كما جاء في خلاصة التحقيقات التي أجراها حزب الله.

 

بدر الدين الذي تعرّض على مدى أعوام طويلة لحربٍ ممنهجة إستهدفت شخصه عبر سلسلة إفتراءات لم يكن آخرها قضية إغتيال الشهيد رفيق الحريري حيث هدفت حملة التشويه التي طالته إلى إغتياله إعلامياً وذلك كإنتقام من دوره في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي ودوره الأمني والعسكري الهام في المقاومة الذي أفشل العديد من المخططات.

 

سيناريو التصفية الإعلامية بلغ أوجه بعد عام 2012 حيث تم الإنتقال إلى سياق الإعدام القضائي عبر تلفيق قضية إغتيال الشهيد رفيق الحريري وجزه بها بصفته المسؤول عنها، حيث عملت المحكمة الدولية طوال أعوام على محاولة تركيب أدلة تثبت ضلوعه في العملية من أجل تقديمه كمجرم بدل مقاوم والغاية تشويه صورته أمام الرأي العام ولدى شريحة كبيرة من الشعب اللبناني ومن ثم إستثمار ذلك في سياق الفتنة المذهبية التي عُمل عليها بأعقاب إغتيال الحريري.

 

ومما يؤكد فشل المحكمة الدولية بملف بدر الدين هو الإنتقال من أسلوب الإغتيال الإعلامي - القضائي إلى أسلوب الإغتيال الجسدي مستغلين إنكشاف بدر الدين بسبب توسع تحركاته بعد إنتقاله لقيادة العمل العسكري في سوريا، وهو أمر حتّم على إسرائيل التحرك من أجل إنهاء حالة "ذولفقار" التي بلغت ذروتها ولم يقلّص دورها أو تُحجّم على الرغم من الحملة الإعلامية التي دفع من أجل ملايين الدولارات وجندت أقلام وشاشات ومواقع خدمةً لها.

 

وفي الخلاصة، فإن عدم نجاح كل الأساليب آنفة الذكر بكبح جماح "الشبح" كما يصطلح تسميته في الدوائر الإستخباراتية، حتّم القضاء عليه نهائياً، هنا، نلفت إلى أن السياق الذي ذكرناه يندرج في إطار التمهيد للإغتيال الجسدي عبر تعرية الهدف من قيمته وهو سيناريو تعمل عليه أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية والأميركية من أجل سحب التعاطف عند التنفيذ، ونلفت أيضاً أن الشهيد بدر الدين أضحى هدفاً فوق العادة عمل عليه بوتيرة متسارعة منذ عام 2015 حين كتبت "يديعوت أحرنوت" ولم تخفِ، أن "بدر الدين" بات هدفاً إستراتيجياً لإسرائيل من أجل إقفال كتاب تصفية الحسابات مع الرعيل الأول في حزب الله الذي كان مسؤولاً عن أكثر العمليات جرأةً ضد إسرائيل.

 

من هنا، نستخلص أن إنهاء "مسلسل بدر الدين" المرعب للاسرائيليين وإن تمّ عبر مشهد القصف المدفعي الذي شاء القدر أن يكون موجوداً في ذلك المركز المستهدف (ربما)، لكن لا يمكن إغفال دور خطة "يوسي كوهين" أو "الدبور" كما يسمى عليه في قاموس مصطلحاتهم، في تعقب بدر الدين والعمل على تصفيته وربما تورط أذرعته في العملية نفسها، هذا الذي قال يوم تعيينه مديراً للإستخبارات الإسرائيلية بإقتراح من نتنياهو: "انتظروا مني عمليات أكثر من رائعة ومعلومات استخباراتية ستفيد إسرائيل جداً"...

الموضوع السابق (( سأحتفل بعيد الميلاد بجانب قبر والدي )) .. هذا ما أجاب به أحد اليتامى عند سؤاله عن عيد ميلاده .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat