تَشبيه معَ الفارِق
ابو باقر
  حديث عن طارق المحاربي قال: -
 " رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسوق ذي المجاز فمرَّ وعليه جُبّة لهُ حمراء وهو ينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس ! قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا " ورجل يتبعه بالحجارة وقد أدمى كعبيه وعرقوبيه وهو يقول يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب قلت: من هذا ؟ قالوا : غلام من بني عبد المطلب قلت: فمن هذا يتبعه يرميه ؟ قالوا: هذا عمه عبد العزى - وهو أبو لهب " ميزان الحكمة ج9 ص671 .
 نستخلص مِن هذه الرواية امران :
 اولهما : ان الله ارسلَ الانبياء والمُصلحين لأشاعة وتثبيت أُسس التوحيد ونشرِ الاخلاق الفاضلة لتَسيرالبشرية نحو الكمال المنشود وعَبرَ النواميس الطبيعية الا ما شذّ , وهذا ديدن المُصلحين المُريدين لتطبيق شرعة الله في الارض وبِحسب استجابة الناس لذلك والا فلا اكراه في قبولِ ذلك , وهو اشبه مع الفارِق بما تواجههُ المرجعية الرشيدة من حيث طرح البرامج الاصلاحية وعلى مدى اكثر من عام عندما وجهت وشخصت مكامن الاخطاء وباشرت بتشخيصها الى الجميع من ساسة ونُخب الشعب وعامته والناس مُخيرون في ذلك ولا سطوةَ للمرجعية ولا تجُبر احداً على اختياراتها فهيَ تُعتَبَر بوصلة دالة لتشخيص الخلل والخطأ .
 ثانيهما : المفهوم مِن ظاهِر الرواية هو ان النبي صلى الله عليه وآله وعلى الرغم من التأييد الرباني له ترى ان الله تَرك اختيار الناس للتوحيد اختيار قناعة لا اجبار والقاء الحُجج البالغة على الناس واخبارهم بأن مُخالفة ذلك مصيرهُ الهلاك , فرِسالتهُ رسالة انذار ومِن بعدِ ذلك تبشير ولا سُلطةُ له على ايٍ مِن الناس وهو غاية ما يُريدهُ الله عز ذِكرهُ .
 نعم , هذا ما تعتقد به المرجعية الرشيدة وهو منهجها الذي انتهجته وعلى مدى سنينٍ طويلة وهو ما دعى الكثير من ابناء المذهب بل وابناء الوطن الى النقمةِ على اسلوب المرجعية في التعاطي مع اللوابس السياسية وازَماتها ومُطالبتهم بفتوى لمُحاربة الفاسدين في حين ان الفساد ومُحاربتهِ لا يحتاج الى فتوى بل ان البعض يُريد من المرجعية ان تَدخُل في مهاترات هم يعتقدون انها من الممكن ان تأتي بنتائج ايجابية وتناسوا ان طول عمر المرجعية وعمقها التأريخي والتجارب التي عاصرتها تعطيها اُفقاً رَحباً لمعرفة توجهات عامة الناس وما يتمتع به مِن مزاجية في التحول العجيب والغريب وكما حَصلَ مؤخراً في التحولات الفلكية المُخيفة فترى مُطالبات حثيثة ورغبة شديدة في التغيير والاصلاح وبَعدَ ساعات مِنَ المُطالبات تتم عملية اجهاض تِلكَ الاصلاحات وعلى حينِ غَرة والشعب العظيم يترنح بين هذا الموقف وذاك في اشارة الى الضبابية التي يعيشها في رؤيتهِ الى المواقف السياسية المُتبناة ومِن الجميع , هذهِ تجارب الانبياءِ مع الناس تبقى في ذهن الحُكماء من علماء المذهب وتتبلور حصيلة كاملة لمُعطيات تِلكَ التجربة وتجديده لمواقف مُسقبلية وما المُستقبل الا تأريخ ماضي موسع تتغير عناصره وتتبدّل ادوار شخصياته اما مضمونه ومُحتواه هو نفس المضمون ونفس المُحتوى السابق , وكأني بشخص المرجع قائلاً { قال ربي دعَوتُ قومي ليلاً ونهارا فلم يزدهُم دُعائي الا فِرارا } المرجعية العُليا دعت جميع الاطراف مِن ساسة ونُخب فكِرية وعامة الشعب الى اصلاح حالهم ولم تدخر جُهداً في ذلك ولكنّ الجميع يُريد ان يُصلح مِن خلال رؤيته الضيقة والتي تتسم اما بالفئوية او الحزبية او المناطقية او القومية .. والخ في حين المُتتبع لرؤى المرجعية يجد نظرتها شمولية كُلية وتشمل الجميع وهو اساس ما جائت بِها رسالات السماء وبطبيعة الحال عُلماء الاسلام امتداد لتِلكَ الرسالات مُحاولين تطبيقها وعلى اقل التقادير اليسير منها يكفي , واحسَنَ ابي العلاء المعرّي حينما قال :
 يسوسون الأمور بغيرعقل * فينفذ حكمهم ويقال ساسة
 فأفٌ مِنَ الحياةِ وآفٌ منهم * ومن زمن رياسته خساسة
 اللهم اصِلح لنا امورنا فقد بلغ السيلُ الزُبى 👐 ..
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو باقر

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/09



كتابة تعليق لموضوع : تَشبيه معَ الفارِق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net