القوى العظمى أخذت تخشى من قوتها , والمحظوظة منها التي تفوز بقائد حكيم , يدرك حجم الخوف الذي يعتريه عندما يتأمل مقدار القوة التي بحوزته.
ومعظمها في هذه المرحلة التأرخية تحظى بقيادات حكيمة , لكنها تقف عند حفرة من النار السقرية , ذلك أنها تحتاج لشخص مجنون , لتتهاوى حكمتها وتزري بها خشيتها من قوتها , لأن ذلك الشخص سيساهم في إنفلات القوة من معاقلها , وعندها تحل الواقعة الكبرى بالأرض , وما أدراك ما هي؟!!
ويبدو أن سعي الدول القوية نحو الحوار , وصبرها وتحملها وتفاعلها وفقا لمعطيات صعبة, تجشمت بسببها الكثير من المشقة , لتصل إلى إتفاق أو حل معقول للتحديات , التي قد تطلق عنان قوتها الفتاكة , كان وقائيا وإتقائيا.
فحكماء الدول الكبرى يدركون أن الحروب في القرن العشرين , كانت من أجل الجلوس حول مائدة التفاوض , لكن الحروب في القرن الحادي والعشرين , لن تبقي مائدة ولا مَن يجلسون حولها , ولهذا تغلبت لغة الحوار أولا وليس آخرا.
لكن هذا السلوك جديد على الصراعات البشرية التي تميل للحروب دائما , وللوصول إلى ثنائية النصر والهزيمة , فيفرض المنتصر شروطه ويذعن المنهزم , وفي جوهر ذلك توفير المفردات لحرب جديدة , وهكذا تواصلت الحروب الأرضية متوالدة من رحم بعضها.
ومشكلة البشرية أن للقرون آليات سلوكية صارمة , رضخت لها الأجيال وما تمكنت من الإنتصار عليها أو ردعها , ذلك أن للقرون إرادات حروب تبدأ مشوارها مع ربعها الأول والثاني , وتنتشر في نصفها الثاني على مساحات أكبر , ولكن بتصعيدات ليست فائقة , وإنما ذات درجات تكفي لإستيعاب مخزون العدوانية البشرية المحتقنة في النفوس الساعية فوق التراب , ولا يبدو أن هذا القرن سيشذ عن طبائع هذا السلوك!!
فهل نحن على شفا حرب شعواء ذات بلاء ما قبله ولا بعده كمثله من بلاء؟!!

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!