تاريخية النص القرآني 1
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

إن هناك من يدعوا إلى تجاوز السياج الذي وضعه علماء ( علوم القرآن ) كالزركشي ، و السيوطي . ففي علوم القرآن هناك الكثير من القضايا التي ينظر إليها على انها ( ثوابت منهجية ) ، تحولت إلى ( سلطة معرفية ) ـ من نوعٍ ما ـ تكشف بعض الحقائق الخاصة بالنص الظاهري بينما تخفي أو تحوّل دون تحقق الكثير من المعنى الباطني له . فكان ان شبه البعض هذه العلوم بـ( المنطق الأرسطي ) من حيث انه قد استنفذ اغراضه و ليس له القابلية على بلوغ بعض المديات الأخرى .
فأي معنى لخلود النص إذا كان سيوقف زمان المعنى ، فالعالم يتحرك و لا بد أن تترك الحرية للنصوص لإنتاج المعاني المرادة .
إن اسباب النزول تضمحل متى ما ادركنا ان النص يتجدد بحسب الاعتبارات ، أي و بحسب تعبير ( الملا صدرا ) : ( القرآن مجدد الإنزال على قلوب التالين )( ) . فتجدد الإنزال ـ هنا ـ يعني ؛ الحركة بكل ما تقتضيه من مراعاة الزمان و المكان و الأحوال دون الإخلال بقدسية الحقيقة و أصالتها .
ان التحاكم إلى اسباب النزول حرفياً سيسبب (حصراً ) للمعنى ، بينما تجدد النزول المتعقل ( يطلقه ) .
إن القاعدة القائلة : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، انما حاولت ان تمنح فضاء جديداً للنص .
ان الوضع ( الجامد ) الذي ظلت عليه علوم القرآن هو الذي جعل النص يواجه تحدي ( الهرمينوطيقا ) و محاكمات الفكر ( التاريخاني ) .
لذا فمن الضروري معرفة طبيعة العلاقة التي تحكم عموم المستشرقين ـ و غيرهم ممن تعرض لدراسة القرآن الكريم ـ بالنص القرآني ، ذلك انه ـ عندهم ـ يعتبر غير مقدّس ، و من هنا تتولد قراءة منفصلة عن النص و تداعيات الاعتقاد به ، و هي قراءة غير موجودة عندنا نحن المعتقدين بقداسة هذا النص . كما و يفترض ملاحظة السياق الذي تولد في احضانه هذا التفكير على صعيد ( قراءة النص الديني ) و الذي جاء عقب مخاضات في قراءة ( نص الكتاب المقدس ) بدأت من تحليل ( التوراة ) مع ( باروخ اسبينوزا ) مروراً بـ( شلايرماخر ) وصولاً إلى ( غادامير ) ، هذا السياق الذي يحاول ان يتعامل مع ( الكتاب المقدس ) على انه مجرد ( نص بشري ) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat