صفحة الكاتب : نزار حيدر

بَلْا..يُفيدُ
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   لو انّ المواطن العراقي يُلغي من ذهنهِ مصطلحاً واحداً فقط لكان العراق اليوم بأَلفِ خيرٍ.
   [مَيْفيد] هذا المصطلح القبيح الذي أكرههُ انا شخصياً اشدّ الكراهيّة، هو الذي:
   ١/ ألغى المبادرة عند المواطن.
   ٢/ وألغى سعيهِ للإصلاح والتغيير.
   ٣/ وقبل ذلك ألغى عِنْدَهُ كلّ معاني الرّقابة والنقد والمساءلة.
   هي ثقافة متجذّرة تقف وراء هذا المصطلح، سببها؛
   الف؛ اليأس، ولذلك تسمع الإجابة المفضّلة على لسانِ المواطن عندما تطلب منه فعلَ شَيْءٍ ما (مستحيل) حتى قبل ان يُناقشكَ في الامر او يحاول التجربة او حتى استيعابهُ وفهمهُ.
   باء؛ الاتّكاليّة التي تدفع بالمواطن دائماً للبحث عمّا يتهرّب به من المسؤولية كشمّاعةٍ رخيصةِ الثمن، فيبادركَ بالمصطلح ليُغلق بوجهِك كل محاولات الاصرار التي قد تستخدمها لاقناعهِ.
   جيم؛ كما انّ المصطلح يعبّر عن حالة الهروب الجماعي من المسؤوليّة، فيكفيكَ ان تتخيّل الصورة وانتَ تسمع هذا المصطلح يتردّد على لسان (٣٢) مليون مواطن عراقي! فمن المسؤول اذن!؟.
   دال؛ كما انّ لضيقِ الصّدر والأُفق وانعدام الصّبر عند المواطن وغياب عنصر المثابرة هو الذي يدفعهُ الى التسلّح بهذا المصطلح ليرمي به كل من يطالبهُ بموقفٍ من نوعٍ ما.
   وبرأيي الشخصي، فان التّظاهرات الان قضت على هذا المصطلح بالضّربة القاضية، او هكذا هو المفروض على الأقل، فلقد رأينا كيف انّها قلَبت الطّاولة على السّياسيّين وأجبرتهم على تغيير أدوات اللّعبة، على الرّغم من انّها لم تحقق لحدّ الان كلّ أهدافها الاستراتيجية، والتي تتمحور حول القضاء على الفساد والفاسدين، كما حدّدها خِطابُ المرجعيّة، اذ لازالت خُطّة الاصلاحِِ الحكوميّة لم تتجاوز عمليّة التقشف والترشيق فحسب، وهوَ أمرٌ حسنٌ ومهمٌّ ومرغوبٌ ومطلوبٌ، الّا انّ الحرب على الفساد لا تعني ذلك فحسب، انّما تعني اعادة ما سُرق من المال العام الى خزينة الدولة، وما تمّ إنفاقه في مشاريع وهميّة، وكذلك استرداد كلّ دينارٍ حرام إستثرى بهِ مسؤول بغير وجه حقٍّ، استغلّ منصبهُ لتحقيق الثّراء الفاحش.
   ولذلك فانّ الحرب الحقيقيّة على الفساد، والتي عبّر عنها خطاب المرجعية، لا تبدأ ما لم يرَ العراقيّون [عِجْلاً سَمِيناً] واحداً على الأقل يقف خلفَ القُضبان في قفصِ الاتهام! اذ ليس من المعقول ابداً ان تنتهي هذه الحرب من دون ذلك، لانّ هذا يعني انّها قفزةٌ في الهواء، وهي ليست اكثر من عاصفةٍ آنيّةٍ تنتهي بلا شيء، وجعجعةٍ بلا طحين، وانّ اليد التي ضربت الفساد هي يدٌ من خشبٍ وليست من حديدٍ، كما ارادت المرجعيّة الدينيّة العُليا، وهذا ما سيقف بوجههِ الشّارع العراقي بكلّ قوّةٍ ومِن ورائِهِ الخطاب المرجعي الشجاع والحازم والحاسم.
   قد يَقُولُ قائلٌ؛ (مَيفيد) لانّ [عِجْلاً سَمِيناً] او اكثر يصعبُ الامساكُ به لوضعه في قفص الاتهام امام القضاء في ظلّ هذه الظّروف السّياسيّة المحيطة الان بالحرب على الفساد، خاصّة وانّ دولاً إقليميّة عدّة تدعمَهُم، كما انّهم بمثابة الرّموز بالنّسبة للملايين!!! على حدِّ وصفِ أحدهِم، فكيف يمكن تحقيقُ ذلك؟!.
   أُجيبُ بالقولِ؛ [بلا يُفيد] فاذا واصل العراقيّون تظاهراتهم وثابَروا ولم يُعيروا أُذُناً للمرجفينَ في المدينةِ خاصة ً (عَبَدَةُ الْعِجْلِ) فانّهم سيحقّقون أهدافهم ويُجبِروا الحكومة على الضّربِ بيدٍ من حديدٍ على الفَسادِ والفاسدين، فعندما يغيّر الشّعب قواعدَ اللّعبة فالتّضحياتِ بأكبشِ الفداءِ تكون بِعانَةٍ!.
   لقد كان الطّاغية الذّليل صدام حسين مدعوماً بكلّ دولً العالم، حتى الجمهورية الاسلامية في ايران، المتضرّر الاكبر بعد الشعب العراقي من سياساتهِ العدوانيّة التوسّعيّة، وقفتْ الى جانبهِ في فترةٍ من الفترات، عندما حاولَ الاصطفافُ كذِباً وزوراً مع (مُحورِ المُقاومَةِ) عندما قصفَ إسرائيل بعدّة صواريخ بعيدة المدى فاسدة (صوتيّة) حتى انّ أحد أشهر خطباء طهران وصف (توبتهُ) حينها، بتوبةِ (الحرّ بن يزيد الرياحي) في يوم العاشر من المحرّم في كربلاء! داعياً (الامة الاسلامية) الى قبولها والوقوف معهُ في حربهِ (المقدّسة) ضدّ (الشَّيْطَانِ الاكبر)! وأتذكّر الى الان تفاصيل ذلك الاجتماع مع احد ابرز قادة حرس الثورة الاسلامية في ايران، هو الان مُستشارٌ كبيرٌ في مكتبِ المرشدِ الاعلى، عندما حاول اقناعنا بضرورةِ التّخلي، ولو مؤقتاً، عن النّضال ضد نظام الطّاغية بعد ان اصبح جزءً من مُحورِ المُقاومة!.
   كما انّ تنظيماتٍ وفصائلَ عديدة في (محور المقاومة) تبنّت نفسِ القناعة، ولازلتُ اتذكّر كيف انّ قائد حركة الجهاد الاسلامي، الشهيد فتحي الشقاقي، حاول إقناعي بضرورة التّخلي عن النضال ضد نظام الطاغية، لفترة زمنية معينة على الأقل، فانّ ذَلِكَ يخدم (محور المقاومة) كثيراً، وذلك عند زيارتي له والاجتماع به في مكتبِه الخاص في مخيّم اليرموك بريفِ دمشق!.
   لا اريدُ ان أقارنَ هنا، انّما الذي أُريدُ قولهُ، هو؛ انّ مَن يتصوّر ان ّقواعد اللّعبة ثابتة لا تتغيّر، فهو ساذجٌ وبسيطٌ، فلكلِّ مرحلةٍ قواعدَ خاصة ًبها!.
   واتذكّر عندما بدأت ثُلة شُجاعةٍ من العراقيّين المعارضين اعتصاماً أسبوعياً في حديقة (الهايد بارك) في العاصمة البريطانيّة لندن، رفعوا فيه شعار تقديم الطّاغية الذّليل صدام حسين للمُحاكمة، كانوا كلّما مرّ بهم احدٌ يستهزئُ بهم، فمِن قائلٍ لهم؛ انتم تحلمون! ومِن قائلٍ؛ مَيْفيد! ومِن قائلٍ؛ انّه بطلُ الامّتين العربية والإسلاميّة والملايين تقف خلفهُ! ومِن قائلٍ؛ نجومُ السّماء اقرب لكم من هذا المطلب! وهكذا!.
   الّا انّ إصرار تلك الثلّة الوطنية ومثابرتها واستمرارها في الاعتصام زفَّ لنا يوماً ما، في نهاية المطاف، بُشرى تحقيق الهدف، عندما شاهدنا جميعاً الطّاغية وهو يقف صاغراً خلف القضبان في قفص الاتهام!.
   مَنْ كان يتخيّل؟ مَنْ كان يتصوّر؟ مَنْ كان يحلَم؟ مَنْ كان يظنّ؟.
   لا احدَ ابداً! الا ان الإرادة الوطنية الفولاذيّة القويّة قادرة ٌعلى فعلِ المستحيل، لانّ المستحيلَ ينهارُ أمامها وينصهرُ كما ينصهرُ الحديد الصُّلب تحت حرِّ النّار الملتَهبةِ.
   وصدقَ الشّاعر الذّي قال:
   اذا الشَّعبُ يوماً ارادَ الحياة
   فلا بُدّ انْ يستجيبَ القدر
   ولا بُدّ للّيلِ انْ ينجلي
   ولا بُدَّ للقيدِ انْ ينكسِر
   طبعاً بشرطها وشروطِها والمثابرةُ من شروطِها!.
    ١٨ آب ٢٠١٥
                    للتواصل؛
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/19



كتابة تعليق لموضوع : بَلْا..يُفيدُ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net