في ما مضى في التسعينيات أو الثمانينيات عندما كان يريد البعض التجديد في الأدب وما يتفرع منه من الشعر أو النثر أو القصة أو حتى في فكرة معينة جديدة على عقول الناس المتمسكين بكل ما كان يفكر به آباؤهم . كان يطلقون عليه مصطلح ( الحداثة ) والذي يحمل تلك الأفكار كانوا يطلقون عليه ( الحداثاوي ) باللهجة العراقية الدارجة , وكانت وقتها شيئا" مستهجنا" وخارجا" عن المألوف الذي اعتاده الناس وان كان أصح , والعذر الأعرج الذي كان تتبجح به مؤيدوا الاصالة آنذاك هو ( ابنك اعز الناس اليك وإن كان أعورا" أو أعرجا" ) . وطبعا كان ذلك في وقت كان الهمس فيه صراخا" , ولم يدر في خلد أدبائنا إن تلك الحداثة في زمن الديمقراطية ستصبح ضربا" من الرومانسية ونغما" من طور الفن الأصيل ولحنا" من الحان الزمن الجميل . هذه الديمقراطية التي لم تبق ولم تذر ( اعتذر من بعض الديمقراطيين ) لطرحي هذا الذي ربما يكون جارحا" بعض الشيء , ولكن والحق يقال إن للديمقراطية حسنات لا ننكرها , ولكن مع الأسف الشديد إننا قوم لا نتأثر بايجابيات الشعوب الأخرى , بل إن أول ما نتأثر به هو السلبيات على غرار المثل العراقي ( على حس الطبل.....) , والطرف الأخر المصدر لديمقراطيته هذه فنان حاذق عالم بكل الوسائل المفيدة لترويج بضاعته من موديلات المخنثين الحديثة والمبهرجة , وأفلام على أعلى درجة من التقنية وعناوين براقة شهية تدغدغ عواطف شبابنا ( بل و حتى كبارنا ) الغارق في الحلم الأمريكي إلى أذانه باعتبار إن العولمة أحادية القطب . ( وهذا الحلم بأبسط تعاريفه : عبارة عن شاب مخنث مائع يرتدي بنطالا" ضيقا" من الجينز الممزق متكئ على عمود إنارة عند مفترق طرق وبيده لفة من الهمبوركر , وإذا التقى بأبيه الذي غادره من مئات السنين يكتفي بأن يقول له : هاي ) هذا إذا أخذنا كل ذلك بحسن نية إلا أن الحقيقة غير ذلك , إن هذه الديمقراطية التي قد صدرت لنا أتت على مقاسنا بالضبط ولم يكن ذلك محض صدفة بل هو جهد مئات من السنين بدون ملل أو كلل , وهناك شواهد كثيرة على ذلك على سبيل المثال : لم يكن كسر انف أبي الهول صدفة , ولم يكن الوقوف على قبر صلاح الدين الأيوبي ومخاطبته ها قد عدنا يا صلاح الدين صدفة , ولم يكن البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق صدفة , ولم يكن مشروع الشرق الأوسط الجديد صدفه , كذلك لم يكن الربيع العربي صدفة , هذا النظام العالمي الأعور الذي طالما حمى الحكومات العربية كيف أغمض الطرف عن ما يجرى إلا أن يكون ( لغاية في قلب يعقوب ) كما يقول المثل الشعبي , وأتساءل أين كانت هذه الديمقراطية عندما قتل ناجي العلي وهل ربطت عصابة على عينيها عندما واجههم محمد ألدره بقبضة خاوية ولماذا تدير ظهرها لكل ما يحصل للنمر والقاسم والخواجه وهنالك في جعبتنا مئات من الأسئلة التي يخرس أمامها الديمقراطية والديمقراطيون ولكن قد أسمعت لو ناديت .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat