صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

بابيلون ح13
حيدر الحد راوي

انطلقت الوحوش الطائرة لتجوب السماء , تصور ما يجري على الارض , من كل الجهات والزوايا , بلا انقطاع , تنقل صورها لمركز قيادة الوزير خنياس , الذي كان يراقب بحماس مع قادة جيوشه .
على الارض , كانت هناك حشودا كبيرة من الناس , جاءت لتتفرج على الاستعراض , وايضا كان هناك وفودا من الامبراطورية , بينما احتشدت السرايا المستعرضة في مكان قريب , بانتظار اوامر ينامي الحكيم للبدء .   
صدر الاذن المرتقب من ينامي الحكيم , واستهل الاستعراض بالموسيقى الحماسية , انطلقت السرايا بفصائلها وكراديسها , فتح الوزير خنياس عينيه على مصراعيهما , وكذلك قادة جيشه , كانت السرية منظمة , ذات قيافة حسنة وتسليح جيد , ثم انطلقت السرية الثانية , بلباس حسن , بدون تسليح , وسرية اخرى , بلباس رث مع سلاح جيد , واخرى بلباس رديء , بدون تسليح , وهكذا توالت السرايا واحدة بعد الاخرى , حتى كانت فصائل اخر سرية , بلباس رث , ومسير غير منتظم , كل جندي يحمل عصا , اما اخر فصيلين كان الجنود فيها يرقصون ويصفقون فقط .     
انفجر قادة جيش الامبراطورية ضاحكين لما شاهدوا  :
-    بعد سنة كاملة من التدريب ... هذا افضل ما توصلوا اليه ! .
-    يا لهم من اغبياء ! .
-    أرأيت ان هؤلاء يرقصون ويصفقون ! .
اما الوزير خنياس , فلم يضحك , او حتى يبتسم , كان يغط في تفكير عميق , يستمع الى ترهات قادته بصمت مطبق , حتى اذا فرغوا , صرخ فيهم :
-    حمقى ! .
توقف الجميع عن الكلام والضحك , وقفوا باعتدال محدقين فيه , ينتظرون اي كلام قد يصدر منه , فقال :
-    ليت في الامبراطورية واحدا فقط مثل ينامي ... لاستبدلته بكم جميعا ! .
-    ماذا هناك سيدي الوزير ! .
-    شيلخوب ... انكم لم تحسنوا قراءة الرسالة .
-    أي رسالة سيدي الوزير ! .
-    هذا الاستعراض هو رسالة تحدي .
تشجع احد القادة ليسأل :
-    ينامي يتحدانا ؟ .
-    نعم ... دام الاستعراض خمس ساعات ... وكما تعلمون وترون ان عيوني خمسا .
اندهش الجميع لذلك , لم يك احدا منهم ليتوقع هذا , استطرد الوزير خنياس قائلا :  
-    اما السرايا الجيدة تعرب عن استعدادهم لخوض حرب جرارة ! .
بدء القادة يسئلون عما رأوه , والوزير خنياس يجيب :
-    ماذا عن تلك السرايا رثة الثياب مع العصا بدل السلاح ؟ .
-    انها تشير الى امرين ... 1- انهم مستعدون للحرب بكل الوسائل المتاحة ... 2- انهم مستعدون الى خوض حرب طويلة الامد .
-    وماذا عن تلك السرايا التي ترتدي لباسا رديئا وبدون سلاح ؟ .
-    انها ترسل لنا رسالة بأن لديهم جواسيس في إمبراطوريتنا .     
-    وماذا عن هؤلاء الراقصون الاغبياء ... سيدي الوزير ؟ .
-    هؤلاء يمثلون الانتحاريين ... يعربون عن فرحهم ورقصهم للموت ان حلّ بهم ! .
قال احد القادة :
-    هذا يعني انهم مستعدون لأي طارئ في حال نقضت الهدنة ! .
-    نعم ! .  
انتبه شيلخوب من تفكيره العميق :  
-    لديهم جواسيس في إمبراطوريتنا ! .  
اثناء ذلك , ظهر الامبراطور على شاشات الرادار قائلا :
-    احسنت استقراء الرسالة يا وزير خنياس !  .
انحنى الجميع , قائلين بصوت واحد :
-    سيدي الامبراطور المعظم ! .
وجه الامبراطور كلامه الى شيلخوب :
-    نعم يا شيلخوب لديهم جواسيس في إمبراطوريتنا ... لكن دع شأنهم الى الضابط شمندل  .  
نهض الضابط شمندل , مؤديا تحية خاصة للإمبراطور قائلا بصوت حماسي :  
-    في خدمتكم ... سيدي الامبراطور المعظم ! .
-    سنة كاملة مرت ... كان الوزير خنياس يتوقع ان يقيموا شبكات تجسس في إمبراطوريتنا ... فأصاب هذه المرة ... كما كان يصيب في كل مرة ! .
-    سأبذل قصارى جهودي لملاحقتهم ... سيدي الامبراطور المعظم ! .    
تكلم الوزير خنياس :
-    لا تفوتني اشياء كهذه  ... سيدي الامبراطور المعظم ! .
-    احسنت صنعا يا وزير خنياس ... ذو العيون الخمس !
-    انا دائما مستعد لكل طارئ ! .
-    نحن نتابع كل التفاصيل ! .  
اختفى الامبراطور من الشاشات , نهض الجميع , عاد الوزير خنياس لكرسيه .
                         *****************************
كان ينامي الحكيم يعقد اجتماعا مع وزرائه , قال شردق سائلا :
-    هل تعتقد انهم استطاعوا قراءة الرسالة ... سيدي الحكيم ينامي ؟ .
-    نعم ... لا شك في ذلك ... خنياس هذا ذكي جدا ... يستطيع قراءة ما بين السطور جيدا .
قال وزيرا اخر :
-    وما هي الخطوة التالية ؟ .
-    الخطوة التالية سنطلب تعديلات على بعض فقرات الهدنة ... واضافة فقرات جديدة .
-    وان رفضوا ؟ .
-    لن يرفضوا ... لسببين ... 1- انهم يجنون من بلادنا الكثير من الثروات ... ما لم يجنوه منا تحت حكمهم ... 2- هناك بند في اتفاق الهدنة يسمح لنا ان نطالب بإجراء بعض التعديلات مواكبة لمتطلبات العصر والامور المستحدثة .
-    وبماذا سنطالب ؟ .  
تلا ينامي الحكيم قائمة بالمطالب والتعديلات الجديدة , ناقشوها بدقة , واقترحوا مطالب وتعديلات  اخرى على قدر المسموح به .
                         **********************************
أمر الوزير خنياس ان يرد على استعراض جيش ينامي الحكيم باستعراض لجيوش الامبراطورية , بكل صنوفها وفصائلها , وكذلك مناورات بالذخيرة الحية , وأمر بدعوة سفير ينامي الحكيم لحضور الاستعراض والمناورات , وان تنقل صورا مباشرة لها عبر الاثير ليشاهدها ينامي وكافة حكومته وشعبه .
                     ****************************************
قبل الاستعراض والمناورات , قرر ينامي الحكيم ان يذهب لأخذ المشورة منه , أمتطى جواده خلسة وانطلق نحو الصحراء , سار بطرق متعرجة , على حذر تام ان يتعقبه احد , او ان تراه الوحوش الطائرة في السماء فتقتفي اثره , يتوقف بين الفينة والفينة , متظاهرة بالاستراحة وشرب بعض الماء , حتى سلك واديا ضيقا , توقف عند نهاية الوادي , ترجل من جواده , واستلقى على الارض , تفحص سفوح الجبال والاشجار , خشية ان يكون فيها من يترصده , لم يكن هناك احد , فقرر المضي قدما , حتى وصل به المطاف الى بئر في الصحراء , ملأ قربته , ثم عاد من نفس الطريق الذي أتى منه , فأن كان هناك احد يسير خلفه فسيجده لا محال , كان هذا اخر اختبار من اجراءات السلامة , بعده انطلق مباشرة نحو الجبل , بخط مستقيم , على نحو السرعة , يسابق الريح .
ما ان وصل الى مشارف الجبل , ترجل من جواده , واخفاه بين الاشجار , ثم انطلق ليتسلق الجبل من بعض جهاته , حتى وصل الى كهف لا يكاد يظهر للرائي من الارض , بالكاد يستطيع التقاط انفاسه , فسمع الصوت من الداخل على نحو الترحيب والمزاح :
-    لقد تقدمت بك السن يا ينامي الطيب ! .
ابتسم ينامي لسماعه , استجمع قواه ملتقطا انفاسه ليقول :
-    نعم .. نعم ... سيدي ! .
تعانقا طويلا , تبادلا كافة عبارات الترحاب :
-    سيدي ... لقد اصبح لدينا خمسمئة الف جندي ... اجرينا الاستعراض بخمسين الف جندي فقط ... واخفينا الباقي .
-    احسنت صنعا ! .
-    ثم انهم قرروا ان يردوا على استعراضنا باستعراض اخر اضافة الى مناورات حية .
-    نعم ... لهم ان يردوا بأي طريقة شاءوا .
-    وما هو رأيكم بالهدنة ؟ .
-    يجب ان تستمر الهدنة ...لازلتم في امس الحاجة اليها ... كما ويجب ان لا تدوم طويلا .
-    كي لا يفقد الثوار عزيمتهم وحماسهم .
-    كلما طالت المدة يبدأ الثوار بفقدان العزيمة والحماس والاندفاع .      
                          ***************************
بدأ الاستعراض الكبير لقوات الامبراطورية , شاركت به كل صنوف الجيش , وايضا شارك معهم حلفائهم من البشريين , استمر الاستعراض طويلا , بروح قتالية عالية , واداء جيد , نقلت صوره عبر الوحوش الطائرة ليراه الجميع , وكذلك رآه الثوار في مدنهم , فنال الاعجاب .
                         **************************** يتبع
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/13



كتابة تعليق لموضوع : بابيلون ح13
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net