ضعف المظلومين... يصنع الطغاة
فلاح السعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فلاح السعدي

قرأت في أحدى المقالات هذا السؤال والجواب ولعل فيه بعض النقاش, وهو أنه سُئِل فيلسوف المنطق (أرسطو) ذات يومٍ، من يصنعُ الطغاة...؟ (فأجاب قائلا : ضعف المظلومين)
نعم فسكوت وصمت الشعوب، وخنوعها هو الذي يوجد ويصنع طغاتها، ويزيدهم عتواً في الأرض وفسادا كبيرا...
حين تصير هذه الشعوب أدوات طاعة، بل إمعة هاتفة وممجدة للحاكم الظالم الأثيم، فإن هذا يجعلها تنحط وتهون على حكامها في صور أعطتها هي لهم لتخيل لهذا الحاكم أو ذاك أنه صار (إلهاً) في أمته! فرعوناً ونمروداً...
وتخيل له أنه هو معبودها الذي يجب عليها عبادته، والتسبيح بحمده، في صيغ تخديره، بهتاف ضلال: (بالروح والدم نفديك ....)؟
أليس صحيحا هذا القول: ( كما تكونون يولّى عليكم)؟
بهذا صنعت الشعوب (هتلر) و(موسوليني) و(سالازار) كما صنعت (ستالين) و(بينوتشي) و(ماوتسي تونغ) و(تشاوشيسكو) في أوروبا الشرقية والغربية وآسيا وأفريقيا التي (منها بوكاسا) نفسه الذي استضافه مثيله (القذافي) في طرابلس (1999م) حيث بلغه خبر الانقلاب عليه.
هكذا صنعنا أيضاً في وطننا العربي طغاتنا، فما أن وصل (البعض) إلى (السلطة) حتى تحوَّل من وداعة إلى طاغية (تثغو) له الجماهير، فركب رأسه، فلم يعد من صوت يعلو صوته فوق هدير الجماهير الجاهلة بحقوقها, وحقائق الحياة ومستقبل الأوطان...!
ومن يصنع الطغاةَ غيرُ الشعوب...؟
وهل اختلف عن (من) وعد بالحريات لتفيض بعد سيطرته على الكرسي السجون ...؟
وهل من وسيلة تضع حدَّاً للصمت عن الفساد وتطور جديد في الحكم والحكام بخطوة توريث (كل رئيس لأبناءه)...؟
لا يوجد غير الجهر بالحق، والدعوة لانتفاضة سرعان ما تتجسد في ثورة, لتطيح بكل فرعون بعد فرعون وكل ظالم بعد ظالم وكل طاغي بعد طاغي...
فساحة الخوف التي بناها الطغاة محيت اليوم بفكر الشباب الناهض الواعي المثقف الذاب عن الحريات والباحث عن التحرر الحق والمنتج للأحرار في البلاد...
ما إن مسك سابقا (هواري بومدين) بمقاليد السلطة بعد انقلابه على (ابن بلّه) في (19-6-1965م) حتى صار طاغية بامتياز...!
تضاعف السوء عشرات المرات مع الطاغية المقبور (صدام الهدام) حتى بات الناس في عهده أيضاً وعهد (علي عبدالله صالح) في (اليمن) و( القذافي) في ( ليبيا) يترحمون على ملكية قنوعة، وديعة رحيمة غير شرهة كثيرا...!
وهذه نهاية كل طاغية وظالم خزي في الدنيا وعذاب في الآخرة...
فكل من هؤلاء سخّر ثروات البلاد لتلميع صورته كما يلمع الطلاء الحذاء ...نهبوا ثروات الأمة لنشر الفساد، وشراء الذمم في الداخل والخارج ولا رادع لهم، حتى تفجرَّت ثورات الشعوب ضدهم, لترغمهم وانوفهم إلى الذل والهزيمة والخسران في الدنيا والآخرة.... فمن يصور نفسه أنه فوق الشعب، وهو أكبر من رئيس...!
ويوهم نفسه انه هو (قائد ثورة) أي أنه (إله) لا يموت إلا ان يخزيه الله تعالى فلا جبار غير جبار السموات والأرض.
فعلى الشباب وهم ثمرة البلاد والمستقبل والحركة الموفرة لطاقة البناء والحس الثوري الأبي والتراث المدخر عليهم أن لا يتراجعوا عن كل مطلب يحقق لهم ولأوطانهم ولشعوبهم مطلب التحرر والانتصار.
وعلى المظلومين الذي إن سكتوا ماتوا ولم يحققوا شيئا, أن يتحرروا من عبودية الطغاة مهما كلفتهم الأمور حتى لو كان ذلك قبال نفوسهم وأرواحهم لكي يخلقوا جيلا متحررا ووطنا راعيا حقا لأبنائهم ولكي لا يلعنهم الاحفاد لسكوتهم عن الطغاة.
فالموت في كرامة خير من العيش في ذل الظلمة والطغاة والظالمين, والفقر في كرامة خير من الغنى في ذل...
وقوة المظلومين تمحو الطغاة على مر السنين ...
F_m1333@yahoo.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat