تونس عقلُ أمة العرب وقلبها الأخضر النابض بالأمل والصدق والمحبة والرجاء , والمُنوّرة للأجيال دروب الحرية والسعادة والتفاؤل المشرق الباهي , المعطر بالسرور وشذى الوعي والإدراك الوطني الإنساني الفياض.
إنها تتوشح باللون الأخضر الذي يمنحنا الحياة , ويستمد قوته وقدراته وإنطلاقاته من الشمس , ومادامت متواصلة الإشراق , فأن تونس ستمضي زاهية بعطائها , ومزهوة بشعبها وإنجازاتها , وتوثبها نحو غدها الجميل.
تونس جوهرة الإدراك العربي وينبوع فكره , ومنطلق سعيه الحضاري وإمتداده المعرفي , وجذوة إنبثاقه وضياء تنويره , ومبتدأ صيرورته المعاصرة.
فمنها بدأت شعلة الحرية وإرادة الحياة , وفيها آفاق رؤية وجودنا الحضاري , فهي منارة الحرية , وشعلة الديمقراطية , وسلوكها أرسى نموذجا أصيلا متميزا , لآليات الإنتقال الديمقراطي العربي الرشيد , من مرحلة الإستبداد إلى مرحلة الشعور بالمسؤولية الجماعية والمشاركة الواعدة الواثقة , المنطلقة بإصرار وإرادة شعبية إيجابية معتصمة بحبل الوطن ووحدة المصير , نحو مجد الحاضر والمستقبل , وهي تترجم مهارات إستحضار قدرات المطلق لتعزيز إرادة الشعب , الذي يريد أن يكون أمة ذات دور حضاري , وقيمة إنسانية متميزة تسعد البشرية وتباهي بها الأرض , وتعتز بها أيما إعتزاز.
وبما أن الأمة تُستهدَفُ في قلبها وجوهرها وضميرها , وهويتها وتأريخها وحضارتها وروحها وفكرها , فأن أية تجربة ذات فعل قدوة حسنة ستتكرر المحاولات للنيل منها , وما جرى في تونس يوضح الأهداف التي تتكرر , والتي يجمعها منهج المحق الحضاري العربي.
وما يميز التداعيات العربية المتعاظمة , إغفال الأهداف الجوهرية والإنزلاق إلى حالات فرعية متوالدة , يتم تعزيز الإنحشار فيها والتوحل في وقيدها , حتى لتذهب الأبصار وتتسيّد الغفلة وتنطمر الحقائق , وتتأجج العواطف وتنصفد المجتمعات بقيود الهلع والرعب الشديد.
ولا بد لتونس أن لا تكون سهلة الوقوع في هذا المطب, الذي وجدت نفسها فيه المجتمعات العربية الأخرى , والتي تحولت إلى مشاريع خسران وضياع وإتلاف كياني مروّع.
إن تونس الحرية والديمقراطية , وإرادة الحياة المنتصرة الكريمة , ستبقى وثّابة مبدعة رائعة القدرات في ترجمة أسمى المعاني العربية الإنسانية , وستسطع أبدا , وتمنح الوجود العربي مفاتيح الإشراق المتوهج على أكتاف الأجيال المعبأة بالأنوار الحضارية الخالدة.
عاشت تونس الحرية والإنسانية والمستقبل العطر النوّار!!
19\3\2015

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!