الحكومة العراقية والسياسة الجديدة
د . رزاق مخور الغراوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . رزاق مخور الغراوي

ولد المشروع السياسي العراقي الجديد بعد سقوط النظام البعثي الصدامي عام 2003 م ، بنوع من الضعف الاداري والسياسي،وكان وراء ذلك الهيمنة العلمانية التحليلية الثالثة،التي ساهمت وبشكل فعال في اسقاط هذا المشروع بعدما ساعدت في ولادته،واللغز في هذا وحله هو تصادم المصالح الغربية وتعارضها مع مصالح رعاياها في المنطقة،حيث تشكل دول الخليج الراعي الرئيسي والمدافع والمنفذ للسياسة الغربية،فضلاً عن ذلك تعتبر هذه الدول الممول الاساسي والمصدر الفوقي لأبقاء تأرجح تلك الدول الغربية على ضفة دكة الحكم وصاحبة القرار السياسي منه والاقتصادي،وتعتبر الاخيرة من أهم المرتكزات الاساسية في بقاء وديمومة الهيمنة الاستكبارية بالمقابل تكمن مصالح رعاياها وشرطتها بالحفاظ والبقاء على انظمتها وتابعيهم بإحسان بدعم وتأييد من تلك القوى،وهي تمام الدائرة ونهاية المعادلة.
وترى أنظمة دول الخليج وتركيا ومن تخندق بخندقهم ، ان الحكومة العراقية الجديدة ذات الاغلبية الشيعية المنبثقة والمولودة من صندوق الاقتراع الديمقراطي والمعترف بها من قبل المنظمات الاممية الرسمية،تشكل خطراً حقيقياً يهدد مصالحها وأنظمتها ووجودها،لما تحمله هذه الولادة في المستقبل من تداعيات توهن بيوت العنكبوت والعروش الخاوية المتمثلة بتلك الدول.
انتهجت الحكومة العراقية السياسة البدوية اللاواعية تجاه المشاكل والاشكاليات التي المت بالواقع المرير لصرح الدولة –البنية الفوقية والتحتية-مع استغلال بعض الاشخاص والاحزاب هذا الواقع لمصالحهم الفئوية والتبعية من سرقة وهدر للمال العام وافشاء الفساد الشمولي والاستغراقي في ظل السلطة الا مسؤولة ، فالمتتبع للشأن العراقي في أغلب مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى الدينية والعقدية، يجد انها تعرضت لأبشع أنواع التعدي المنظم واللاإنساني ، ففي المجال السياسي ترى في الاعم الاغلب الانقسامات والمهاترات والمزايدات والفوضى واللامفهومية والمنفعة الشخصية والحزبية في صفوف رجال السلطة،اما الجانب الاقتصادي فتجد المؤسسات الصناعية والزراعية والتجارية معطلة بصورة كلية،والمؤسسات الخدمية لا ترقى للمستوى المطلوب قياساً بالدول المجاورة على أبسط المقادير،فضلا عن ذلك اعتماد الساسة العراقيين على الريع النفطي واعتباره المصدر والدخل الاوحدي،مما جعل العراق تحت طاولة ورحمت الوحوش البشرية – سياسة الشركات العالمية – الهادفة الى الربح السياسي أوالمالي أو كليهما.
كما ان الواقع في المجالات الاجتماعية والثقافية والدينية وغيرها،وصلت الى مستوى ودرجة لا يمكن لكل مؤمن غيور أو مسلم موضوعي جاد أو أنسان منصف يتحلى بالقيم الانسانية،
ان يغض طرفه وحواسه وقلبه تجاه ما يحصل من تمزيق للنسيج الاجتماعي والاسري،وتقليد الثقافة الدخيلة البعيدة كل البعد عن المبادىء والقيم والفضيلة النابعة من الفطرة الانسانية السليمة،فضلاً عن ذلك الابتعاد عن المقررات الصحيحة والمقبولة من قبل الشارع المقدس في أصول الدين وفروعه،من خلال الزج والدخول في الحركات الدينية واللادينية-التي غزت البلد- ذات الاهداف المعروفة والمشبوهة للتشكيك في معالم الدين وبالتالي الخروج عن الطريقة الاصيلة.
الكلام حول سلبيات هذا المنهج الحكومي يحتاج الى مجلدات كي نفصله،لكن الثمرة والفائدة ليس بذكر السلبيات فقط –ذكر السلبيات لمعرفتها حتى يمكن وضع الحلول المناسبة لها"من قبيل معرفة الداء أولا ومن ثم وصف العلاج"-وانما ايجاد حلول جوهرية وجذرية ناجعة منطلقة من موسوعة فكرية مختلفة الاختصاصات،حتى نصل الى مشروع انساني حضاري معاصر يحمي ويقي مجتمعنا من الفيروسات الخبيثة من جهة ومن جهة أخرى نضع اقدامهم على الطريق الصحيح للنهوض الى الامام نحو مستقبلاً زاهر تحت قانون المواطنة،تقريب ذلك،لقد صدرت موسوعة فكرية ضخمة من مفكرين فرنسيين يتجاوز عددهم (288) عالم في اختصاصات عديدة،لتقويم وتنظيم منهج الحكومة الفرنسية حيال المجتمع الفرنسي،الغرض من الفكرة هو ايصال الثمرة-التمسك بالجوهر وترك القشر-فيمكن اخذ الصالح من الشيطان"ان صح التعبير"وترك الطالح.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat