زيارة الحسين .. عهد وولاء
نعيم ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نعيم ياسين

تزحف الملايين كل عام لزيارة الامام الحسين (ع) , لم يثنها عن غايتها حر صيف ولا برد شتاء , ولم يثنها ان عصابات من القتلة تستهدفها بالسيارات المفخخة او الاحزمة الناسفة , ولم يثنها عن معشوقها منع سلطة غاشمة , ولم تثنها شبهات القاها نواصب ينتمون الى يزيد فكرا وسلوكا , لم يثن الملايين كل ذلك , فهي تعطي للوصول الى الحبيب قوافل الشهداء من الرجال والنساء والاطفال وكأنها تريد ان ترد بعض جميل الحسين الذي استشهد واهل بيته من اجلها .
مالذي يعنيه الزحف المليوني المقدس الى كربلاء ؟
ازعم ان لا احد يستطيع ان يجيب بجواب جامع مانع على هذا السؤال الكبير , فكل جواب انما يلامس بعض فلسفة هذا الزحف , فهو :
1 – وفاء لرسول الله (ص) وحبا له , واجرا لرسالته " قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبى" الشورى : 23 , وقال (ص ) " من احب حسينا فقد احبني ومن ابغض حسينا فقد ابغضني " بل هو فوز بحب الله تعالى اذ قال (ص) : " احب الله من احب حسينا " .
2 – انه اعلان بيعة لخط الحسين وتليبة لندائه في كربلاء يوم عاشوراء عندما اطلقها صرخة مدوية على مدى الزمان " هل من ناصر ينصرني " , فالملايين التي لم يتح لها القدر ان تعيش زمن الحسين تعلن اليوم بيعتها ونصرتها بالوقوف على الصعيد الذي وقف عليه فطاب بدمه ودم اهل بيته واصحابه , وببيعتها ترفض هذه الملايين خط يزيد مذ كان يزيد حتى اليوم , وترفض من برر جريمته وتأولها ممن يدعي العلم والفقه قديما وحديثا .
3 – انه اشهار لوحدة الجسد الشيعي الامامي , فالحسين وابناء الحسين من ائمة اهل البيت هم عرى التشيع , وهم حفظة نسيجه , وكل عنوان اخر انما هو فرعي في دلالته على وحدة التشيع العظيم , ولعل المروي عن الامام الصادق (ع) ابرز ما يشير الى ذلك اذ يقول " شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا " فلايمكن الفصل بين التشيع والولاء لائمة اهل البيت .
4 – انه اعلان للعالم كله بحيوية الاسلام , وان هذا الدين يمتلك من القوة ان تجتمع هذه الملايين في موقف واحد وزمن واحد لاحياء مناسبة دينية , وقد جهدت التيارات العلمانية والالحادية على التقليل من شأن هذا الزحف واطلاق بعض الاثارات السخيفة لتشتيته انتصارا لافكارها السقيمة المهزومة , فتارة يقولون لماذا تعطل الدولة بهذه المناسبة ؟ وتارة لماذا تغلق الطرق العامة ؟ وتارة لماذا يبذل الطعام بهذه الكميات الكبيرة ؟ وتارة يقولون ما لايخطر ببال عاقل , ونسي هؤلاء في حمى شبهاتهم ان ابناء الخط الحسيني هم من حمى العراق وبغداد من السقوط بيد داعش ولولا تضحيات المنتمين الى الحسين اليوم لما بقي حجر على حجر في العراق , فابناء الحسين وموالوه يقدمون دماءهم والعلمانيون والالحاديون يقدمون شبهاتهم , وابناء الحسين في جبهات القتال وفي طريق كربلاء , واولئك مخمورون في الحانات وفي احضان بنات الهوى .
اعداء الحسين كثر , قديما كان ابو بكر بن العربي ( 468 – 543 هـ ) الذي نعت الامام الشهيد بالخارج على ولي الامر , وكان ينعت يزيد بالرجل الصالح للحكم والعادل , ومضى على سنة هذا الناصبي , ابن تيمية ومن على شاكلته , وابو اليسر ابن عابدين الذي يقول : ان نسبة قتل الحسين الى يزيد من اغلاط المؤرخين " , وتابعهم من المعاصرين نواصب هذا الزمان مثل محمد الخضري بك اذ يقول " ان الحسين جر على الامة وبال الفرقة والاختلاف وزعزع عماد الفتها الى يومنا هذا ... " والدكتور احمد شلبي الذي يؤيد معاوية في تنصيب يزيد حاكما على المسلمين . بل تمادى نواصب العصر في محاولة النيل من السبط الشهيد وخطه حتى قامت مجموعة بائسة بتاسيس ما سمته ( جمعية الدفاع عن يزيد ) تجمع كل راي شاذ يؤيد يزيد ويبرر جريمته .
ان الزحف المقدس الى كربلاء يمتلك من القوة والشرعية الشيء الكثير بملاحظة هذه العوامل ويدحض تلك الجبهات المعادية للرسالة وخط اهل البيت وصدق من قال : كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat