صفحة الكاتب : محمود هادي الجواري

أنانية الفكر والغرور ولعنة التسلط على الشعوب
محمود هادي الجواري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كما هو معلوم وثابت في التاريخ أن بلاد وادي الرافدين قد شهدت اعرق وأرقى النظم الحضارية ، في زمن كان العالم المترامي الإطراف  بأسره  يعيش   بعيدا عن  حياة المدنية ولربما لا يقترب سكانهم المنتشرون في بقاعها  أصلا من المفاهيم الاجتماعية التي كان يتمتع بها سكان بلاد وادي الرافدين ولبضعة من آلاف السنين التي خلت  .. والحديث ليس لي أو هو اكتشاف شخصي في هذا الشأن كي لا أكون كذلك من الذين لا زالوا يعيشوا في أحلام حضارة بنيت بأيد ي رجال اتصفوا بالعقلية المتطورة وتميزوا عن سواهم من بني الإنسان ... تلك الحقب التاريخية   رسخت مفهوم الطبقية بين العقل المتطور والعقل الأخر  الذي لم يستطع بلوغ الفكر في التأسيس إلى أنظمة وقوانين لتنظيم حياته وتصريف شؤونها وبما يتناسب مع تطور العقل....  إذن حضارة  وادي الرافدين و نظمها الفكرية والفلسفية  أصبحت ولقرون عديدة القاعدة القياسية التي تستند عليها الأمم في وضع  السنن والتشريع .. أقول هذا وبناءا على ما يذكره البحاثة  الشرقيون والغربيون وعلى حد سواء .. وما كثافة البحوث ولهث الباحثين وراء اكتشاف مكامن وإسرار قوة بناء الحضارة ومن ثم اندثارها كلها كانت  تبحث في  العقلية الخارقة التي كان يتمتع بها سكان وادي الرافدين  وإسرار توقفها عند محطة من محطات التاريخ ...
هذا يضعنا إمام مسالة في غاية من التعقيد والصعوبة في البحث عن حلقة أو لربما عدة حلقات  انفصمت من سلسلة التطور والتواصل الحضاري بين الأمس البعيد  والحاضر .. أين كانت تلك الحلقة ، وأي من الفترات الزمنية توقف المد الحضاري وهل أن العقلية انتابها نشئ من الخمول والضمور   .. وهل كان ذلك الانفصام يقع في حقبة زمنية محددة  ؟ وهل كانت الأسباب طبيعية أم كناتج لأثر كإرثي انقرض الإنسان الأصلي أي الباني لتلك الحضارة أم بسبب الحروب وهيمنة أقوام أخرى  لا تدرك معنى الحضارة  أي أقوام همجية وبدائية تميزت بالقوة الجسمانية والجسدية فأبادت العلماء والخبراء و  أصحاب الفكر الأوائل ونهبت انجازاتهم وخربت كل شئ.. كل هذه الأسئلة وأسئلة أخرى كثيرة وان وردت إجابات عليها وفي أكثر من دراسة و  تحليل وبحث علمي ولكن يبقى السؤال المهم .. هل بقي لنا أن ترنوا أعيننا إلى تلك الصروح  و نقول  بأننا بناتها الأوائل ولاننا  حضارة ولا زلنا لا نعرف أسباب انهيارها ونبحث في جعبة الباحثين الغربيين ما اكتشفوه لنا وعما سيكتشفونه؟؟ ..
إذن يمكن لنا القول إن المد الحضاري قد انقطع ولأي من الأسباب الأنفة الذكر ولم يبقى لنا سوى النظر إليه من بعيد لبعيد  .. أذن نحن هنا  في محنة فقداننا التواصل الحضاري وفي محنة انحسار الفكر أيضا .. ولربما أضعنا الكثير من الوقت في خيالات وأحلام وأمجاد تلك الحضارة ولكن بالمقابل لم نكن قادرين على وضع نقطة بداية إذا كنا فعلا أ بناءا للبناة الأوائل وننطلق لنشق الطريق إلى التنافس مع  من سبقونا ولم يكن لهم أي شي في التاريخ ولو نقطة مضيئة  ..ومما يجعلنا نستدل على قوة الحضارة هو أننا وجدنا عملا رصينا ومحسوب بحسابات دقيقة ..يستوقفنا ذلك الانجاز الحضاري المهول عند نقطة تفكير عميقة ونكتشف أن هناك كانت حياة تميزت بالرقي والعظمة وان هناك إنسان كان يتصف بالعقلية الواسعة والفذة ..والسؤال الذي يظهر لنا من خلال قراءتنا لتلك الحضارة هل نحن سليلي ذلك الإنسان وهل أن سقوط تلك الحضارة كانت بسبب سقوط الإنسان  في دوائر نشهدها اليوم ونصطلح عليها الفساد الإداري والمالي وانجراف المنظومة القيمية إلى  اللامبالاة وعدم الاكتراث  ....... .
نستنتج مما أوردنا فيما سبق أن هناك منحنيان هما اللاعبان الدور الحقيقي والمؤثر في أولا أن الحضارة تسير في منحنى تصاعدي من مرحلة البناء حتى بلوغها اعلي درجات الرقي وثانيا أنها تبدأ السير إلى أسفل حتى بلوغها مرحلة السقوط والانهيار ومن ثم السكون ...  وهذا ما ألفناه وكما يبدوا  واضحا وجليا من خلال الدراسات والبحوث والتي لا يمكن لها أن تنتهي عند نقطة معلومة تبان فيها نتائج البحث بالوضوح التام والنهائي ... ولكن تبقى التحليلات وفي اغلبها خاضعة إلى وجهات النظر والتوقع ، ولذلك تركت تلك الحضارات وراءها أسئلة لااجابة عليها وصنف بعضها من العجائب لاختفاء الكثير من الإسرار التي لا ندركها حتى في عصرنا الحالي...
إذن دالة الحضارة هي بقايا منظورة ومرئية وبعضها طمرته أما يد الإنسان أو الطبيعة وتقلباتها وفي كل الأحوال كان من السهل الاستدلال على وجود حضارة أقيمت على الأرض وفي بقعة جغرافية محددة من كوكبنا وعلى وجه التحديد ببلاد وادي الرافدين والتي تقع ألان في المنطقة العربية .
ويبقى السؤال المحير هل أن ما وردنا  من الحوادث التاريخية التيتم قراءتها  من خلال النصوص التي عثر عليها وكما في الكتابة الهيروغليفية هي حظيت بالترجمة الصحيحة أو أن الرموز المسمارية كانت تقول وقتذاك  كما نحن نفسرها في يومنا هذا ... وهل أن ما نقراه من تاريخ تلك الحقبة الزمنية هو صحيح.. لنقول كما كتبوا نعم أو كلا ... إذا كان الجواب نعم علينا أن نضيف سببا أخرا لانهيار تلك الحضارات ونضعها في بادئة الأسباب والتي لها الفعل التعجيزى إلا وهي المشيئة الإلهية .. هذه القدرة الهائلة عندها تنتهي كل المواضيع القابلة للجدل ونقف عند محطة جديدة للانطلاق منها للبحث عن دوافع وأسباب بناء تلك الحضارات المندرسة ونسأل هل كانت الدوافع والغايات لذلك البناء أهداف  إنسانية   ؟؟؟ نستدل مما أوردنا أن مجهولية الحقائق التاريخية النصية آو المكتوبة وبلغة يمكن لنا قراءتها في يومنا وبشكل واضح وجلي  هي نسبية وعسيرة ولا تخلو من اعتمادنا على الظن والحدس والتوقع والاستنباط كلها لا توفر لنا حالة من اليقين والقناعة  في وجود أقوام تنتمي إلى تلك السلالات لازالت تعيش في وقتنا الحاضر وتستطيع أن تترجم لنا ما يختفي وراء الأسباب الحقيقية لاندثار تلك الحضارات آو انهيارها ... أذن أصبحنا مجبرين على قبول ما ورد ألينا في النصوص التاريخية التي ندرسها في المناهج التربوية ... أي أن الحضارة البابلية هي من البديهيات التي أصبح كل العالم يعرفها ولكن هل يجب علينا أن نصدق أو نكذب كل ما ورد في النصوص التاريخية تلك ؟  بلا شك هناك  مدونات وهناك نصب  ولكن هناك شئ يمتلك البعد الأقوى على ثبوتية وجود الحضارة وكذلك إبعادها الإنسانية من عدمها  وهذا ما تتحدث عنه الديانات التي سبقت الإسلام ومنها اليهودية المتمثلة بقصص التوراة والنصرانية والمتمثلة بقصص الإنجيل  ومن ثم القرآن الذي قطع الشك باليقين  .. إذن كان هناك ممن هم قائمون على حماية الملوك وتحصينهم من عبث الأرواح الشريرة وكان لاعبي تلك  الأدوار هم الكهنة وسواهم لإدارة الشؤون التي كانوا يعتبرونها ذات شان قدسي وكهنوتي .. من هنا نستطيع القول أن جميع الحضارات التي فنيت كانت لا تؤمن بوجدانية الله .. ولذلك لا يمكن لنا نقول أنها كانت حضارات إنسانية وليس بالضرورة أن تكون متقدمة وشهدت تطورا في حينها ، ولكن كم ستدوم تلك الحضارة التي شيدت من اجل عبادة الإنسان لأخيه الإنسان وصولا إلى درجة العبودية والربوبية . أذن لايمكن للحضارة أن تدوم ومهما بلغت من القوة والرقي طالما كان البناء قائم  على ظلم الإنسان لأخيه الإنسان واستعباده ... ولنا في كتابنا الكريم بيان واضح وصريح على أسباب انهيار الحضارات وكما ورد في الآية الكريمة المباركة من قوله تعالى  ..بسم الله الرحمن الرحيم  .. وإذا أراد الله أن يهلك قرية أمر مترفيها ففسقوا فيها فحق عليهم القول فدمرناها تدميرا... صدق الله العظيم .. نلاحظ أن هناك تهديد رباني يسبقه وعيد سواء عن طريق الإنس أو الجن ولكن عدم العظة والاعتبار لكلام الله وأي كان وجوده سواء وروده في التوراة أو الإنجيل أو القرآن فأن الأمر اللالهي سيتم وينجز ولم يبقى للطغاة إلا اللعنة ولا نعرف الصحة من لعنة الفراعنة من عدمها ولكن ليس هناك من نار بلا دخان..  أذن للسخط اللالهي قوة الفعل الهائلة  ولله في خلقه شؤون. ...أذن التأكيد على الأهداف الإنسانية والغايات الأسمى في بناء آية حضارة هو الضامن والكفيل على بقاءها وديمومتها وسلامتها من  عوامل الانهيار المختلفة فالخير والشر والمتمثلان باللاداء فالعدل هو معاكس للظلم والعطف  كذلك للرحمة والشفقة وأما الطغيان والجبروت هما الأسرع في الزمن وقصر الأجل في عمر الملوك والطغاة والمتجبرين الذين خرقوا سقوف الانسانيه فأن الانتقام اللالهي بالمرصاد وتحدثنا بابل وأثارها عن ذلك بتفاصيل وقصص تضعنا أمام حقيقة اللعنة ....    نستشف أن هناك علاقة عكسية بين عمر الحضارة وسلوك بناتها  ، فكلما ازداد الظلم والطغيان قصر اجلها . ولإثبات صحة هذه العلاقة هو بقاء الحضارة الإسلامية قائمة إلى يومنا هذا ونلاحظ كذلك قصر آجال الطغاة ومحقهم في حين تبقى الحضارة متجددة طالما تستند إلى منظومة قيمية تشتمل على وحدانية الله والأمر بإتباع تعاليمه السماوية والتي ترتبط بالخالق من جهة والمخلوق من الجهة الأخرى ولذلك هي تعد من ارقي الحضارات الإنسانية في عصرنا الحاضر بالرغم من المحاولات الجادة والحثيثة وفي محاولات بائسة  لطمس معالم الحضارة الإسلامية  ولكنها مصونة بالحارس الرباني إلا ويقع أيضا في زاوية الفهم الخاطئ لأقوام مورست عليها القسوة والظلم ومنها على سبيل المثال الأقوام اليهودية التي جرت إحداث اضطهادها على الأرض التي اندرست فيها حضارة الفاعلين وهم البابليون وهنا يظهر لنا الجواب عن الأسئلة السابقة هل نحن سليلي تلك الحضارة وماذا لو كان الجواب سواء بالسلب أو الإيجاب وما يترتب عليه من ردود الأفعال ، وبمعنى أدق لماذا كل محاولات الانتقام من العراقيين الذين نزحوا من شبه الجزيرة العربية إلى ارض العراق فلماذا يتحمل المسلمون وزر أفعال غيرهم وترسم الخطط في محاولات الانتقام من المسلمين في العراق ؟ نعم فاعلوا السبي البابلي هم ملوك بابل واليهود هم  أهل كتاب مقدس ويحثهم على التحلي بالقيم الإنسانية والتسامح ، أذن هم في مفاهيم  الزمن الحاضر هم منتقمون وظلمة ويبتعدون عن كل ما جاء في كتاب العهد القديم والذي لا يختلف كثيرا عن القرآن الكريم .. فهل أن ابتعادهم عن المنطق الإلهي وإتباعهم منطق الشياطين ليكونوا متحجري العقول ولدرجة أعلى من الطغاة الذين أوغلوا في سبيهم وتقتليهم ،  تلك هي  الدالة الحقيقية والناصعة على فناء حضارتهم وسيخضعون إلى المعادلة التي تنص أنهم كلما تمادوا في الطغيان عجل الله من زوال نعمتهم وفنائهم واعتقد أن اليوم الموعود هو قريب ولا أتمنى أن يحدث لان الأمر خاضع كذلك إلى العدول ومراجعة الأفعال وإمكانية التصحيح وهذا ما نتمناه أن نشهده في الأيام القليلة القادمة ....أن تداركوا الأمر .. إذن على اليهود أن يدركوا سر بقاء الحضارة الإسلامية والتي لن تزعزعها إلا مشيئة الله ، وكذلك عليهم أن يعلموا إنهم في الأرض العربية التي هي مهد أول الحضارات ولن ينفعهم من هو قادم من ما وراء البحار لنصرتهم وهم يعلمون جيدا وصايا نبيهم وما جاء في كتابهم المقدس ويعلمون المعنى في صلواتهم .. ولا تدخلنا في التجربة .. وكذلك نحن ندعو الله إن يرعووا لان في ذلك مكمن الحكمة في بقاءهم على ارض المعمورة، ولكي لا تحل عليهم لعنة الشعوب وتصبح علومهم وحضارتهم في خبر كان .....

 

  أمين عام///....
 الهيئة الوطنية للاستشارات والبحوث العلمية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمود هادي الجواري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/23



كتابة تعليق لموضوع : أنانية الفكر والغرور ولعنة التسلط على الشعوب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net