مجالس الإستغفار.. أين نحن منها!!
محمد جعفر الكيشوان الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إعتدنا أن نجتمع لإحياء جلسات متنوعة ، منها مايخص العمل وأمور المعاش ومنها مايخص البطالة والعطالة والجدال والنقاش. حتى حينما نتيهيأ في ليلة الجمعة لأحياء دعاء كميل نغفل عن إحياء مجلس إستغفار جماعي يكون مقدمة للدعاء الشريف العالي المضامين وسببا للرحمة الإلهية الواسعة. لقد قال الله سبحانه وتعالى:
{وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } الأنفال:33
{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. آل عمران:135
كما أن الإستغفار يكون سببا في نزول قطر السماء وزيادة الخير والرزق والأولاد. قال الله تعالى:
{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } نوح:10ـ12
نستبدل جلسة الإستغفار التي تجلب لنا الخير العميم من السماء والذرية الصالحة والمال الحلال والرزق الواسع الحسن ودوام السلامة والعافية ، نستبدل هذه الجلسة التي يعم نفعها عموم البلاد بجلسة إستغابة الصالحين وإظهار عورات الغائبين التي تقطع قطر السماء وتمنع الرزق وتكون سببا في نزول البلاء والعياذ بالله . أيها السادة الأفاضل يامن دأبتم على حضور دعاء كميل كل ليلة جمعة وخاصة في الأماكن المقدسة الشريفة دعونا نستبدل جلسات الأستغابة وتجريح الآخرين الغائبين عن مجلسنا وأحاديث البيع والشراء وأخبار الأسهم والعقارات بجلسة إستغفار نكثر فيها من قول أستغفر الله ربي وأتوب إليه. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.البقرة:222
أكرر في كل مناسبة بأننا لسنا ضد التجارة والبيع الشراء وتحصيل المال الحلال الخالص ولكن الحديث بالأمور الدنيوية في مجالس الدعاء والمناجاة يفقد معنى الحضور والتواجد لتلك المجالس المباركة. إنها كالحمّام الذي يستحم المرء فيه روحيا ليخرج منه وقد تخلص من سيء عاداته وقبيح فعاله وإسرافه على نفسه، يخرج من ذلك الحمّام الروحي وقد تزود بالقوة والعزيمة على هجر السيئات لأن الأستغفار يعني عدم تكرار الذنب والعمل السيء الذي كان سببا في الإبتعاد عن الرحمة الإلهية. أمّا أن يستغفر الإنسان بلسانه فقط ولكنه في الباطن يكون محبا لذلك الذنب ولا يستنكر ذلك بقلبه ولايعزم على تركه وهجره، فإن ذلك هو نوع من النفاق مع الخالق الباريء سبحانه وتعالى والمنافق ـ أعزّ الله القاريء الكريم ـ هو إنسان مريض وذو سريرة خبيثة ، لايتورع عن إرتكاب الذنوب والمعاصي وتجاوز حدود الله تعالى.
يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام:
" الاستغفار درجة العليين. وهو إسم واقع على ستة معان:
أولها: الندم على ما مضى.
والثاني: العزم على ترك العود إليه أبداً.
والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة.
والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها.
والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد.
والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله".
الوقت يمر مرّ السحاب أيها السادة ، فلنبادر إلى إحياء هكذا جلسات فيها خير الدنيا والآخرة. فيها راحة البال والرضا والقناعة بقسم الله تعالى كما أن الأعتراف بالخطأ والذنب وطلب الصفح والمغفرة من المولى القدير المتعال هو من المنجيات في الدنيا والآخرة. عن أمير المؤمنين ومولى الموحدين عليه السلام قال:
"عجبتُ ممن يهلك ومعه النجاة، قيل: وما هو ؟ قال: الإستغفار". أمالي الشيخ: ص54
وقال نبي الرحمة وإمامها (ص):
"إن للقلوبِ صداءً كصداءِ النحاس فاجلوها بالإستغفار".مجمع الزوائد:ج10، ص: 207
وعن الإمام الرضا عليه السلام قال:
"كان رسول الله ( ص ) لايقوم من مجلسٍ وإنْ خفَّ حتى يستغفرَ اللهَ خمساً وعشرين مرّة". الكافي:ج2، باب الإستغفار.
وعنه عليه السلام قال:
"قال رسول الله (ص) من قال بعد صلاة العصر في كل يوم مرّة واحدة:"استغفرُ اللهَ الذي لاإلهَ إلاّ هو الحيّ القيوم، ذا الجلال والإكرام، وأسألهُ أن يتوب عليّ توبة عبد ذليل خاضع فقير بائس مسكين مستجير لايملك لنفسه نفعا ولا ضرّا ولا حياة ولا موتا ولا نشوراً" أمر اللهُ المَلَكيْنِ بتخريق صحيفة السيئات كائناً ماكانت".عدّة الداعي:ص 195
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال:
"قال رسول الله (ص) : خير الدعاء الإستغفار".الكافي: ج2
وعنه عليه السلام قال:
"إذا أكثر العبد من الإستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ". الكافي: ج2
إن لفضيلة الإستغفار فوائد لاتعد ولاتحصى في الدنيا والآخرة فقد جاء عن النبي الأكرم (ص) قال:
"من أكثر من الإستغفار جعل الله له من كل همّ فرجا، ومن كلّ ضيق مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب".أخرجه ابن ماجة
ما أحوجنا أيها السادة الأفاضل إلى جلسات إستغفار جماعية نتوجه بها إلى الله تعالى نساله العفو والصفح والمغفرة ونتوسل إليه أن يفرّج عنا فرجا عاجلا قريبا كلمح البصر أو هو أقرب.
إننا نعيش عصرا لانحسد عليه بما كسبت أيدي الناس فلنسارع إلى أن تكون مجالسنا عامرة بالمواظبة على الأستغفار، ولتكن رسائل الموبايل التي نبعثها لبعضنا بمناسبة أو بدون مناسبة ونضمنها آخر نكتة وآخر قهقهة، لتكن تلك الرسائل تذكير بالأستغفار أينما كنا، في العمل ، في البيت، في المسجد، في السفر وفي الحضر.
أقول قولي هذا واستغفرُ اللهَ لي ولكم وأسأله أن يتوب علينا جميعا وأن يغيّر سوء حالنا بحسن حاله وأن يكون لنا ولا يكون علينا وأن يرزقنا ذكره وشكره إنه أرحم الراحمين.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
محمد جعفر الكيشوان الموسوي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat