كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

ورطة رجل اعلامي ح9


لحظة صمت أخذتني الى عوالم هذه الصرخة الرائعة، الى أعماق البحث ورجاحتها، فكم استفدت من هذا اللقاء، وكم معلومة سأنقلها الى الناس, سألني: مامعنى الجلوس؟ قلت: القعود. فقال: وما معنى القعود؟ قلت: الجلوس. فقال: يابني اذا كان معناهما واحدا كان الاستغناء عن أحدهما أوجب، ولكن لابد لهما من استعمالات خاصة.
قلت: صحيح، نهض من الأرض الى الكرسي أي (الى مرتفع) يسمى جلوساً، وأما من الكرسي تنزل الى الارض (الى منخفض) يسمى قعوداً.
قلت: ولكن في الجلسة المستوية يستخدمان سوية. قال: كيف؟ قلت: يقال أقعد متربعاً أو اجلس متربعاً. فأجاب: بُني اجلس، وفي هذا شأن الناس الخلط في كثير من المفردات، وعدم تفريق المعنى كما في الحسن والجمال. قلت: الحسن للصورة والجمال للفعل.
صاح: رائع انت ايها الاعلامي الجميل.
قلت مازحاً: (هي بقت بيها اعلامي)؟ قال: لا يابني المسألة ليست معقدة لكنها تحتاج الى متابعة، الآن مثلاً لو قرأنا قوله تعالى: (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) ماذا تعني (كريم) هنا؟ طيب لنقرأ قوله تعالى: (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) ماذا تعني (كريماً) هنا؟ قلت: تعني الحسن. قلت: وهذا يعني إن الكريم أشمل من الجود. فقال: هذا طبيعي لكن هل تعرف لماذا؟ قلت: إن الجود سمة العطاء. فقال: صحيح، ولكن العطاء هنا إن كان بطيب نفس أو من غير طيب نفس فهو جود. أما الكرم فالاعطاء بطيب نفس.
قلت: وقد يكون عطاء الجود مع السؤال. فصاح: جيد يابني جيد. أما الكريم فهو الذي يُعطى من غير سؤال. قلت: ياحاج هناك مسألة مهمة لابد أن تستوقفنا فسأل: وما هي؟ قلت: تقديم صفة الجود على صفة الكرم لله سبحانه تعالى، وهو الجواد والكريم.
قال: هذه يابني تأتي لسمات الـترقي في الصفات من الادنى الى الاعلى. انظر قوله تعالى: (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) فما معنى يحض، والناس لاتفرق بينها وبين (يحث)؟ قلت: صحيح ماهو الفرق؟ ضحك فقال: الحث يكون في السير والسوق. وهل تعرف ياولدي الفارق بين الحلال والمباح؟
قلت: هذه بسيطة وأغلب الناس عندنا يعرفونها ياحاج؛ فالحلال خلاف الحرام.
صاح الحاج: جميل، والمباح؟ قلت: خلاف المحظور.
صاح الحاج: جيد جيد يابني... وهذا يعني إن الحلال ماينص الشرع على حله، والمباح مالم ينص على تحريمه في حكم خاص أو عام.

طباعة
2014/01/05
2,967
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!