الإنسكاب الحضاري!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صادق السامرائي

الحضارة كالموجة تعلو وتنخفض وتغيب في نهر الوجود الدفاق , وبهذا الغياب تمتزج مع الموجودات الأخرى , وتتخلق فيها وتتحقق في صيروراتها المتنوعة.
فلا توجد حضارة أصيلة , ولا يمكن التصديق بأن ما هو كائن قائم لذاته وغير مولود من رحم غيره.
فالحضارات تدور في دائرة مفرغة , وملامحها مشتركة وتفاعلاتها متواصلة في معادلة البقاء والسرمد.
وحقيقة الحضارة أنها إنسانية وحسب, ولا يمكن ربطها بأي مسمى آخر.
إنها دفق الأفكار الإنسانية , وتعبيرها عن ذاتها ورسالتها في وعاء مكاني وزماني يلد غيره.
ووفقا لهذا فأن جميع الكيانات البشرية قد أسهمت في الحضارة الإنسانية بدرجات وأزمان متفاوتة , وكل مجموعة بشرية في مكان ما وزمان ما , تعطي ما عندها من الأفكار والمساهمات والتعبيرات التي تحقق إنتقالة جديدة في الحياة المحكومة بزمنها ومكانها الدوار.
والذين يحاولون إخراج أو إلغاء بعض البشر من مسيرة الأرض الحضارية المعاصرة , فأنهم يقدمون تضليلا وتبريرا لسلوك سلبي لا يمتلك ما يسوّغه.
فالعرب - على سبيل المثال- يساهمون في المسيرة الحضارية في مكانهم وخارجه , وبإمتزاجهم في محلول الإنسانية , فأنهم يشاركون الدنيا في صياغة حالتها الحضارية.
كما أن لمكانهم دور أساسي ومهم في صناعة ما هو قائم في الأرض من قدرات الإبداع والمدنية , فحضارتنا على مدى أكثر من قرن , إنما هي حضارة النفط , ولولا النفط لما تمتعت البشرية بهذه الإنجازات الباهرة.
وعليه فأن القائلين بغياب الدور العربي , والساعين إلى ترسيخ الشعور بإلغاء المساهمة العربية الحضارية , لا يقدمون الحقائق , ولا يقرؤون المسيرة الإنسانية , ويبحثون في تحولاتها الحضارية , وتفاعلاتها التي أوجدت ما نحن نعيشه اليوم .
فالبشرية عبارة عن خلية وجود حضارية واحدة متفاعلة ومتبادلة الأدوار والأفكار!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat