كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

الإنسكاب الحضاري!!

الحضارة كالموجة تعلو وتنخفض وتغيب في نهر الوجود الدفاق , وبهذا الغياب تمتزج مع الموجودات الأخرى , وتتخلق فيها وتتحقق في صيروراتها المتنوعة. 

 

فلا توجد حضارة أصيلة , ولا يمكن التصديق بأن ما هو كائن قائم لذاته وغير مولود من رحم غيره.

فالحضارات تدور في دائرة مفرغة , وملامحها مشتركة وتفاعلاتها متواصلة في معادلة البقاء والسرمد.

 

وحقيقة الحضارة أنها إنسانية وحسب, ولا يمكن ربطها بأي مسمى آخر.

 

إنها دفق الأفكار الإنسانية , وتعبيرها عن ذاتها ورسالتها في وعاء مكاني وزماني يلد غيره.

 

ووفقا لهذا فأن جميع الكيانات البشرية قد أسهمت في الحضارة الإنسانية بدرجات وأزمان متفاوتة , وكل مجموعة بشرية في مكان ما وزمان ما , تعطي ما عندها من الأفكار والمساهمات والتعبيرات التي تحقق إنتقالة جديدة في الحياة المحكومة بزمنها ومكانها الدوار.

 

والذين يحاولون إخراج أو إلغاء بعض البشر من مسيرة الأرض الحضارية المعاصرة , فأنهم يقدمون تضليلا وتبريرا لسلوك سلبي لا يمتلك ما يسوّغه.

 

فالعرب  - على سبيل المثال- يساهمون في المسيرة الحضارية في مكانهم وخارجه , وبإمتزاجهم في محلول الإنسانية , فأنهم يشاركون الدنيا في صياغة حالتها الحضارية.

 

كما أن لمكانهم دور أساسي ومهم في صناعة ما هو قائم في الأرض من قدرات الإبداع والمدنية , فحضارتنا على مدى أكثر من قرن  , إنما هي حضارة النفط , ولولا النفط لما تمتعت البشرية بهذه الإنجازات الباهرة.

 

وعليه فأن القائلين بغياب الدور العربي , والساعين إلى ترسيخ الشعور بإلغاء المساهمة العربية الحضارية , لا يقدمون الحقائق , ولا يقرؤون المسيرة الإنسانية , ويبحثون في تحولاتها الحضارية , وتفاعلاتها التي أوجدت ما نحن نعيشه اليوم .

 

فالبشرية عبارة عن خلية وجود حضارية واحدة متفاعلة ومتبادلة الأدوار والأفكار!!

طباعة
2013/12/13
3,167
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!