غياب الاب في الاسرة العربية
هناء احمد فارس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كارثة اجتماعية تغطي بذراعيها الوحشيتين مدن وقرى مختلفة في وطنناالكبير من المحيط الى الخليج ،هي ليست بالمشكلة الجديدة، وان كانت السنوات الاخيرة بصراعاتها الخارجية واضطراباتها الداخلية وقمع الحريات ،زاد ت من عمق المشكلة وحجم تواجدها على الخارطة الانسانية للشعوب العربية ،الاوهي غياب الاب ،ولعدة اسباب منها ان العالم العربي بماعرف عنه من قوى حاكمة جائرة في اغلب بلدانه ومن قمع للمعارضة الشريفة وتكميم الافواه ،وقذف كل من جهر برأي ضد هذا الحاكم او ذاك في غياهب السجون وجعله في سجل الغائبين الحاضرين اجتماعيا وأسريا ، ومدد حبسهم غير المعلنة اضافة الى ان تكميم الافواه والقهر للفئات الاخرى التي هي خارج حيز السجن ا والمعتقل ،دفع الكثير من هؤلاء الى الهجرة الى بلدان اخرى لتضاف اعداد اخرى من الاباءالحاضرين الغائبين في ذاكرة وحياة اولادهم واطفالهم واسرهم ،كذلك تزايد وارتفاع تكاليف المعيشة دفع مئات اخرى الى السفر وراء رزقها الذي قد تجده في بلاد اخرى واذا اضفنا الى تلك الاسباب ، صعوبة الحصول على فرصة عمل وان كانت مرهقة وتستنفذ الوقت شبه الكامل من اليوم وبالتالي غياب الاب الجزئي عن حياة اطفاله،كذلك ان هذه الدول الدكتاتورية كي تحمي نفسها احتاجت الى اعداد غفيرة من قوى الجيش والامن والشرطة وهؤلاء كما هو معلوم يحتاجون الى تواجد مستمر وهذا غياب اخر او سبب اخر يبعدهم عن منازلهم لفترات محددة وبالمحصلة يعتبر المجتمع العربي اليوم من المجتمعات شبه احادية التربية ، وهنا لانحاول التقليل من دور الام فهي كما قال احد المربين( اذا اردت ان يكون الرجال عظماء فضلاء فعلموا المراءة ماهي العظمة وماهي الفضيلة ).
كل هذه الظروف تحمل الام العربية عبئا اضافيا الى اعباءالامومة الاخرى وخاصة في الوقت الذي تعتبر الكثيرمن النساء العربيات عاملات خارج المنزل في مجالات الحياة الاخرى،اما الدول الخليجية ذات الدخل المرتفع فتضاف الى القائمة ولكن لاسباب اخرى فهي تعيش حالة من غياب دورالاب في الديوانيات ومواقع اللهو الاخرى او الزواج المتعدد ،وهكذا اصبحت المراة العربية تعمل،تذاكر مع الاولاد او تشتري حاجات العائلة مصطحبة اطفالها في الاسواق،عند الحلاق ، والمدن الترفيهية والمستوصفات ،ان نشوءالطفل سواء كان ذكراأو انثى في مثل هذه البيئة الناقصة يؤدي الى افكار خاطئة مسبقة حول دور الابوين ومسؤولياتهم المشتركة ،كذلك تأثر الطفل بالتلفاز باعتبار ان الطفل يقضي وقتا مؤثرا من حياته امام الشاشة الصغيرة وصورة الاب العربي في البرامج والمسلسلات العربية او في الكليبات نفسها حيث يظهر في وضعين لا ثالث لهما اما جالس امام التلفاز يحمل جهاز التحكم في يده وأمامه طبقا للأكلات السريعة ، او جالس في مكتبه الوظيفي حاملا لجهازه النقال يصرخ في وجه من يتحدث اليه ،بينما نرى في البرامج او الاعلانات الاجنبية او المسلسلات يظهر الاب في هيئة رياضية يلعب مع اطفاله ، لقد ادرك الغرب تاثير الصورة الناطقة في تكوين شخصية الطفل فحاولوا ان يقوموها بهذه المشاهد العائلية المثالية ،لكي ينشا الطفل سليما لايعاني من عوق فكري ، ينبغي للجهات الاعلامية والتربوية والدينية الانتباه الى هذا الواقع الخطير للأسرة العربية الذي يهدد بنية المجتمع بكامله ،حيث ستنشأ اعداد من الآباءالذين يجهلون التصرف الابوي السليم وكيقية تواجد الاب في جوانب حياة ابنائه وكيفية معالجة المشاكل الاسرية وتفعيل المسؤولية العائلية والالتزام الاخلاقي في نفوس الاجيال القادمة الجديد.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
هناء احمد فارس

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat