سياحه فكريه ثقافيه (1 ) الارهاب وليد الانحصارية
علي جابر الفتلاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي جابر الفتلاوي

ان يعتقد الانسان انه على حق وغيره على باطل أمر ولد مع ولادة الانسان الاول وهو ينمو مع الفكر ويبرزاكثر كلما تعددت الافكار والمفاهيم والاديان والمذاهب ، فالانحصاريه ان يعتقدالانسان ان الحق محصوربدينه او مذهبه او فكره ، وان دين او مذهب او فكر الاخر على خطأ او باطل ، واتباع الانحصاريه وهم كثر في عالمنا اليوم بل هم الاكثريه والغالبيه في مجال الدين او الفكر او الثقافه او السياسه او المجالات المعرفيه الاخرى لا يرون الا وجها واحدا للحق او بعبارة اخرى يحصرون الوصول الى الحق في سبيل واحد هو سبيلهم ، اما سبل الاخرين فهي عوجاء ولا توصل الى الحق ، اصحاب مبدأ الانحصاريه يعيشون عالمهم الخاص في الفكر والدين والمفاهيم حتى في المجالات المعرفيه الاخرى من سياسيه اوثقافيه او اجتماعيه 000 الخ فهم منغلقون على أنفسهم ولا يستوعبون غير الافكار التي يؤمنون بها، ولا يحاولون الاطلاع على فكر الاخر بل من يحاول منهم الاطلاع على افكار او مفاهيم غير ما يؤمنون بها ربما يعد خارجا عنهم بل مارقا وقد يجيزون قتله او اذاه بأي صورة من الصور ، موقفهم هذا ولد عندهم الانعزاليه والانغلاق على الذات وعدم تقبل الاخر هؤلاء الانحصاريون الذين لا يرون الحق الا معهم يعيشون حالة الجمود والتحجر في عقولهم وافكارهم لانهم لا يطلعون على فكر الاخر، والفكر والعقل لا يمكن لا يمكن ان تنفتح عنده آفاق جديدة او افكار أيجابيه متطوره ومتنوره ان بقي يدور في حلقة واحدة ولا يعرف ما يدور او يجري ويتجدد في الحلقات او الدوائر الاخرى ،الانحصاريون يعيشون العقد النفسيه من حقد وكراهيه بل يوظفون كل امكاناتهم للانتقام من الاخرين المختلفين معهم ، وبسبب حالة الانغلاق والانحصار والتحجر وعدم قبول الاخر ، يلجأ الانحصاريون الى اساليب عديده للقضاء على الاخر المختلف او على الاقل لسلخ الاخر من ثقافته اوفكره وعقيدته وكلما تعلق الانحصاري اكثر بما يراه هو صحيحا كلما ازداد عزلة عن الاخرين ، وهذه العزلة هو من يفرضها على نفسه كي يبتعد عن الاخرين الذين يعيشون في الضلالة والباطل بل يتمادى بعض الانحصاريين فيلجأ الى اسلوب القوه لفرض الفكر الذي يؤمنون به وفي هذه المرحله يولد وينتج الارهاب والعنف ضد الاخرين المختلفين معهم ، فالارهاب هو وليد هذه الانحصاريه الدينيه او السياسيه ،وقد يكون الارهاب عنيفا ومسلحا او قد يكون ارهابا فكريا واحيانا يشهر الانحصاريون الاثنين معا الارهاب الدموي والارهاب الفكري ،وفي هذه المرحله ياتي دور السياسه عندما تتبنى فكرا او دينا او مذهبا معينا وتعتبره هو الحق وغيره الباطل أو تتبناه لا اعتقادا منها انه الحق بل لاجل مصلحة معينه او لتحقيق اهداف سياسيه خاصه تجعل من هذا الدين او المذهب جسرا لتحقيق ماربها السياسيه والويل والثبور للمجتمع عندما يمتلك الانحصاريون السلطه بايديهم او عندما ينفلت القانون او يضعف في بلد من البلدان او منطقة من مناطق بلد معين ،ولنا في هذا الخصوص تجارب كثيره على مستوى العالم والعالم الاسلامي منها مثلا تجربة الانحصاريين اليهود الذين يعتقدون ان الحق المطلق معهم وغيرهم على باطل ، اضافة لاعتقادهم انهم شعب الله المختار ، فهم وحدهم الشعب الذي اختاره الله وفضله على الشعوب ، وان ربهم خلق خيرات العالم لهم وحدهم والاخرون شاركوهم في هذه الخيرات من غير حق ، فالناس جميع الناس غاصبون لحقوقهم وخيراتهم لهذا لهم الحق في استرجاعها بأي وسيلة كانت حتى ولو بسفك الدم ، اما الناس الاخرون من مختلف الاديان فالله قد خلقهم عبيدا أي (جوييم ) بلغتهم العبريه فهم اسياد والاخرون عبيد لهم . ومن لم يكن على دينهم فهو على باطل وضلاله وهو في النار لان الجنة خلقها الله لهم وحدهم وهذه نظرة كل متدين انحصاري من أي دين كان ،هذه النظره الضيقه للانحصاريين اليهود جعلتهم يعيشون منغلقين على أنفسهم ولا ينفتحون على الاخرين لفقدانهم الثقة باي مختلف معهم،ويبيحون استخدام أي اسلوب لتحقيق اهدافهم ، ومن جملة الاساليب التي استخدموها لتحقيق ماربهم تشجيع ودعم الارهاب وتوظيفه لصالحهم، فعندما يضرب الارهاب أي منطقة في العالم غير يهوديه فهذا يعني انتصار لهم لانهم اصلا يريدون الانتقام بسبب انحصاريتهم من جميع مخالفيهم وهذا موقف اليهود المتدينين لان كل يهودي متدين فهو يعيش في اجواء الانحصاريه،وبهذه العقد الانحصاريه أقدموا على احتلال فلسطين وهم يعيشون اوهام الفكر الانحصاري الذي يبيح لهم ممارسة الارهاب الدموي ضد الشعب الفلسطيني بطريقة لا تختلف عن ارهاب القاعده المحسوبة على الانحصاريه الاسلاميه،هذه تجربتنا مع الانحصاريه اليهوديه في فلسطين المحتله ولنا تجارب مع الانحصاريين الاسلاميين في افغانستان والعراق والسعوديه واليمن والباكستان وغير ذلك من البلدان العربيه والاسلاميه ففي افغانستان عندما حكمت طالبان الانحصاريه هذا البلد مارست الارهاب بكلا شكليه الدموي والفكري فارجعت البلاد الى العصور الجاهلية عندما منعت حتى التعليم على النساء فالمراة تبقى محجور عليها في بيتها وممنوع عليها ان تتعلم ولا اعلم كيف يفهم المسلم دينه ان كان غير متعلم واميا فهم لا يجيزون التعليم في المدارس لانها موجودة في الغرب ، ولا يجوز تقليد الغرب في عرفهم ، اما من تسفر عن وجهها من النساء فالجلد او الذبح مصيرها ،ومن يختلف معهم من الرجال فمصيره القتل ويرون أن من واجبهم الديني محاربة الدول والشعوب التي تختلف معهم ، بل يجيزون قتل من يختلف معهم حتى وان كان ينتمي الى نفس الدين الذي ينتمون اليه ، هذه الفئات من الاسلاميين وهم موجودون تقريبا في كل انحاء العالم الاسلامي انما يتصرفون هكذا لانهم لا يرون الحق الا معهم اما الاخرون من المسلمين الذين ليس على شاكلتهم فهم في النار وحلال فتلهم والاستيلاء على املاكهم ، بل يجيزون المتاجرة بالاموال القذره خدمة لاهدافهم الدينيه المنحرفه ، وما نشاهد اليوم من الارهاب الفكري والدموي وحتى السياسي مرجعه الى الانحصاريه ، فهي التي تولد العنف والارهاب لانها تحصر الحق في جهة واحده اما الاخرون فهم على خطا وباطل وكلهم في النار لانهم كفرة ومرتدون ، وفي العراق أيام الحكم البعثي الصدامي الذي عاش الانحصاريه السياسيه التي تقود الى الدكتاتوريه والى العنف والقتل ومصادرة الحريات والاراء وقتل أي مبادرة فكريه تنبعث من هنا او هناك حتى لو كان ابداء راي معين لان الحاكم الانحصاري لا يطيق سماع راي الاخر المختلف معه كونه يعتبر نفسه فوق النقد واراؤه واقكاره هي الصحيحه وغيره على خطا، وبعد سقوط صنم بغداد وغياب القانون برز في الساحة الذين امتطوا حصان السياسه ولفقدان القانون امتلك هؤلاء الانحصاريون السلاح فاخذوا يمارسون العنف ضد الاخرين المختلفين معهم فشاع العنف والقتل الطائفي لان الارهاب والطائفيه هما وليدا الانحصاريه ، فانتشر الارهاب المسلح والارهاب الفكري لابسا رداء الدين فكانت الاساءه العظمى الى الدين ، وساءت سمعة الاسلاميين بسبب تصرفات واعمال هذه المجموعات الانحصاريه التي اخذت تمارس العنف والقتل باسم الدين هذه المجموعات الانحصاريه المتخلفة استغلت من قبل اعداء الشعب العراقي من فلول حزب البعث المجرم وبعض الدول الاقليميه الحاقده على العراق بدوافع انحصاريه طائفيه اوبدافع الخوف من الوضع السياسي الجديد ،اذ تبنت بعض هذه الدول الاقليميه هذه المجموعات الانحصاريه المنغلقه السطحيه التي تهتم بشكل الدين فقط ولا تنظر الى مقاصد الدين التي تدعو الى المحبة والسلام واحترام الاخر وعدم الاكراه في المعتقد والفكر ، ولا زالت هذه الدول الاقليميه تدعم وتمول هذه الفئات الانحصاريه وتدفع بها لممارسة العنف ورفع السلاح بوجه الدولة والقانون وقتل المختلفين معها كلما سنحت الفرصة بذلك ،لكن الشعب العراقي الذي يستحق الحياة عن جدارة اخذ يدعم وبكل قوة ابناءه من القاده الذين يريدون بناء الوطن على اسس صحيحة وبناء المؤسسات الحكوميه وفرض القانون وهيبة الدوله والقضاء على المظاهر المسلحه وحصر السلاح بيد الدوله ومقاومة الفئات الانحصاريه لان الانحصاري عندما يمتلك سلطة او سلاحا او يركب حصان السياسه يسئ الى الاخرين المختلفين معه لانه لا يرى الحق والصواب الا في جانبه وبضغط الاوهام التي يعيش اجواءها يلجا الى العنف والارهاب لتمرير الافكار التي يؤمن بها ، وازاء هذا الوضع فان الشعب العراقي صاحب المصلحه في التخلص من هذه الحالات الشاذه لابد وان يدفع باتجاه بناء دولة المؤسسات التي تؤمن بالتعدديه وتحترم جميع ابناء الشعب بغض النظر عن الدين او المذهب او الاتجاه السياسي .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat